من ذكريات زمن الشموخ اساتذتي (5)

ابونا المناضل الكبير محمد ادم موسى
اخرت عامدا الكتابه عن استاذي محمد ادم موسى لقناعتي بانه من الصعب ان يلخص مقال واحد تاريخه الضخم ولكنني وانا اكتب عن اساتذتي لايمكن ان اؤخر الكتابه عنه لانه الوحيد من اساتذتي الذي اطلقت عليه لقب الاب فقد كانت هذه احدى سماته البارزه رحمه الله
نشأ محمد ادم بالبورت وعمل بهيئة المواني حتى ترك العمل متفرغا لاعماله الخاصه وقد كان في شبابه وجزءا من كهولته من كوادر الحزب الشيوعي ووصل تقدمه التنظيمي حتى استقالته من الحزب وهو عضو بلجنة منطقة البحر الاحمر وهي هيئة قيادة الحزب بالمديريه انذاك
ولم اعاصره شخصيا في تلك الفتره ولكنني بدات نشاطي بمؤتمر البجا تحت قيادته وقد عرفني به عمنا الباشمهندس هدلول واستاذنا د ابو امنه عندما كان من ضمن الهيئه القياديه للمؤتمر حوالي عام 1984 وقد لفت انتباهي هدوؤه العجيب ورغبته الصادقه في البعد عن الاضواء وتواضعه الجم وحنيته وهو يتعامل مع حماسنا الثوري بلاضيق او تأفف
ثم توثقت به علاقتي تماما عندما عندما ترشح لعضوية الجمعيه التاسيسيه في انتخابات 1986 اذ تم تفريغي للعمل بالمؤتمر وتم اسكاني بمنزل بديم عرب استأجرته وحولنا جراجه الى مكتب للمؤتمر وهو المنزل الذي يقع بشارع ديم عرب الرئيس جوار مرطبات امير وقد تحول ذلك المكتب الى بنشر للعربات الان
ان ومن اول الخصال التى لفتت انتباهي في استاذنا تواضعه الثوري وغياب الانا المتعاليه التى هي من سمات بعض متعلمي البجا اذ كان يدير نشاط حملته الانتخابيه مستعينا بمعرفته بتاريخ المنطقه وعاداتها واذكر اننا اكتشفنا شقيق مرشح منافس وهو يقوم بالتزويرففتحنا ضده بلاغا بالشرطه وبدانا في حمله واسعه لفضح تزويره ففوجئنا باستاذا يتوسط لدى الشرطه ويطلق سراح ذلك الرجل طالبا منا ان نحافظ على اواصر الموده مع كافة قادة البجا لانها ابقى من كل الخلافات السياسيه وكان ذلك درسا هاما ظهر في تعامل الاخرين معه فقد كان من قلائل قيادات البجا الذي حظي باحترام الجميع وتعاملهم معه برقته نفسها
واذكر انه وكان يعلم بانني كنت اخاطب ندوات الحزب الشيوعي انذاك فطلب مني مشاركته باحدى ندوات المؤتمر بحي اونقاب فسارعت بالمواقفه ولكنني عندما وجدته يخطب بالبداوييت بجزالة ووضوح شارحا برنامجه بفصاحة وحسن بيان علمت بانني ساخضع لامتحان بالخطابه بلغتنا الام ولم اكن مدربا على ذلك فلذت بالفرار والعجيب انه لم يوبخني ولكنه قال لي (كان يكفي ان تقول بضع كلمات فالناس يحبون ان نخاطبهم بلغتهم)
وقد استعرت المعركه الانتخابيه حتى انحصرت بينه وبين مرشح الاتحادي الديمقراطي عمنا المرحوم هاشم بامكار الذي رجحت كفته منطقة وسط المدينه وجولات بثينه الشفيع الماكوكيه بين نساء الختميه وكان الفرز بمباني البلديه (المجلس التشريعي حاليا) وكنا نتوقع فوذا كاسحا الا ان المرشح الاخر فاز علينا وكادت ان تحصل كارثه فقد كنا نغلق الشوارع جاهزين للتظاهر فرحا بفوذ مرشحنا الا ان تلك النتيجه احبطتنا وكدنا نعيث فسادا بالمدينه لولا حكمته التى الجمت غضبنا واذكر انه جمعنا نحن منسوبي حملته الانتخابيه وشكرنا معددا اوجه نجاحاتنا وما قمنا به من ابلاغ رسالتنا الى الجماهير ثم ابتسم في وجوهنا قائلا (الايكفيكم ان اسم مؤتمر البجا يزين الان كل حوائط المدينه)
وكان صادقا اذ قام عشرات من شباب المؤتمر بالكتابه على كل حوائط المدينه بشعارات حملته الانتخابيه وبفضل قيادته توطدت علاقاتنا برفاقنا ممن اسميانهم لاحقا بقوى الهامش وكنا نطلق على انفسنا انذاك (تحالف قوى الريف)
وبالرغم من الخلافات التى عصفت بالمؤتمر بعد الانتخابات بسبب حملات الاسلاميين ضد قياداتنا الا ان اساتذتنا هدلول وابو امنه ومحمد ادم واصلو البناء والتنظيم وترتيب البيت البجاوي بصبر ومعرفة بواقع الحال حتى رحل عمنا هدلول ثم هاجر استاذنا ابو امنه والذي وهذا للتاريخ ظل بموقعه القيادي بالمؤتمر بدون انقطاع حتى الان حفظه الله
اما انا فقد انقطعت لبعض الوقت عن ابونا محمد بسبب المطاردات والاعتقالات ثم عدت اليه وكانت شرارة الكفاح المسلح قد اوقدت ووجدته ود ابو امنه يجمعان التبرعات لاسر المقاتلين وينشران اخبار الكفاح المسلح واعدنا تاسيس لجنة مؤتمر البجا القياديه وبعد سفر د ابو امنه ظل محمد ادم وحده بالقياده لفترة من الوقت فقد كان الوحيد الذي تثق فيه قيادات الكفاح المسلح وكان يعتبر بيننا وكيلا للمؤتمر وحقيقة لست ادري من اطلق عليه ذلك اللقب ولكنه كان لائقا به
قام استاذنا بجهود كبيره في مجال تعليم ابناء البجا وتشغيلهم ورعاية الاسر الفقيره والمراه البجاويه الى درجة تبرعه بمنزله الوحيد بديم عرب لصالح البجا وتشغله جمعية الحميراء الخيريه الان وظل لسنوات كثيره مركزا لنشاطات المؤتمر وكان دكانه المتواضع بديم العرب مركز اشعاع للجميع ومركزا خفيا لتجميع المساعدات التى تذهب لدعم اسر المقاتلين والشهداء
ولم يفتر استاذنا عن عمله ونضاله بالرغم من معاناته من مضاعفات مرض السكري واذكر انه وقبل وفاته بفترة قصيره اهتم بقضية غياب العمل المنظم للحزب بالداخل فلم يكن الاخوه بالكفاح المسلح متحمسون لعمل واسع بالداخل لاسباب امنيه ولكن استاذنا كان يؤكد على اهمية هذا الجانب التنظيمي فبدا في تاسيس لجان للمؤتمر بسلالاب والوحده وديم العرب و ديم المدينه ثم لحق بربه قبل ان يكمل تلك المهمه والتى توليناها بعده وسرنا فيها على هداه
بعد وفاته كانت ايام مأتمه تجمهرا كبيرا لعارفي فضله ومقدري تاريخه وبعد ذلك اقيم حفل كبير تأبينا له بنادي البجا كان مهرجانا للوفاء تحدث فيه العشرات معددين جوانب نشاطاته وتاريخه وقد تشرفت بالحديث في ذلك التابين وكانت اول مره اخاطب فيها تجمعا كبيرا بعد تولي مسؤولية الامانه العامه للتنظيم بالولايه ( وان لم نعلن ذلك وكان حديثي بصفتي من تلاميذه )ومع الاسف فان الاقتراحات بتخليد ذكراه واطلاق اسمه على الشارع الذي يقع فيه منزله وعلى احدى المدارس لم تجد النور وليتنا نهتم الان بذلك
لقد حفر ابونا محمد ادم اسمه في تاريخ شعبنا البجاوي كرمز نعتز به ونفتخر وكان نموذجا للزهد والتواضع حتى اطلق عليه محبوه لقب غاندي البجا وستظل ذكراه وماثره حية وخالده
وانني اتشرف كثيرا انني حاولت السير على هداه والاقتداء بسيرته واذكر انني اطلقت اسمه على اولى مدارس تدريب الكادر التى اسسناها بالولايه في بو اكير نشاطنا قبل الاتفاقيه
رحمه الله رحمة واسعه وتقبله سبحانه وتعالى قبولا حسنا

عبد الله موسى
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..