أختيار الدولة للرئيس يكون وفق المهام التي تتطلبها المرحلة

الدول كالأفراد تختار قادتها بحكمة أحيانا . يحدث ذلك عندما تكون بكامل وعيها مزودة بخطط طويلة المدى ولديها فرص طيبة للإختيار بتمهل قبل إنتهاء فترة من يحكمها. لكن بعض الدول تختار حكامها تحت تأثير إنفعال لحظي .قد يكون حماس ثوري غالبا ما يكلفها الكثير فيما بعد. هذه بعض الخيارات التي إعتقد إن دولا إختارت روءساءها وفقا لها. وقد تكون هنالك أسباب أخرى لهذه الإختيارات.

اتنخبت بريطانيا رجل هادي ومتوازن ليعيد الحيوية لعلاقاتها الفاترة مع جيرانها .وهذا الفتور حدث بفعل سياسات أسلافه . فقد مالت تاتشر زعيمة المحافظين ميلا بغير تحفظ تجاه أمريكا ريغان. وساعدت طائرات الكونكورد فائقة السرعة في تقليص زمن الوصول للبر الغربي. وفيما بعد واصل بلير ميل مشابه مع بوش الإبن.هذا الميل جعل أمريكا رغم بعدها الجغرافي أقرب لبريطانيا من فرنسا وألمانيا. وورث براون هذه العلاقة وهو يعالج آثارها بصبر وهدوء لا يبدو ان الإتحاد الأوربي لديه الكثير منهما.

ألمانيا واختارت إمراة قوية مخلصة ومحبة لشعبها . قادت بلادها بوعي نحو الريادة وسط دول أوربية متتقدمة.حافظت على إقتصاد قوى وسياسات حكيمة.هيأت الأجواء للأمان ليبدعوا ويبتكروا حلول لمشكلاتهم ومشكلات العالم. وواصلت التعامل بحنان ومسئولية مع شق ألمانيا الشرقي العائد بعد هدم جدار برلين .الجدار كان قد قسم ألمانيا إلى قسمين . إغتنى الجزء الغربي الرأسمالي وإفتقر الشرقي الإشتراكي .
تشاد أختارت دإدريس دبي ليخرجها من دوامة النزاعات والحروب التي قتلت التشاديين ودمرت البلاد.
اثيوبيا إتارت الراحل ملس زناوي ليتعامل مع تركة منقستو المعقدة.ويؤسس لدولة مستقرة ويحبب التسامح للإثيوبين ومثله فعل جاره
سياسي أفورقي الذي إختارته ارتريا ليبني دولة جديدة من شعب قضى معظم سنواته في الحرب.ساعدتهم في تناسي مرارات الماضي والإهتمام بالمستقبل.
كينيا أختارت أوهورو كنياتا ابن جومو الزعيم الروحي الذي قاد ثوار الماوماو وحقق لكينيا إستقلالها. لكن الإبن الجرئ رغم إستقرار كينيا وإزدهارها يواجه مشكلات صعبة بسبب ديمقراطية القبيلة التي تسود في أفريقيا.

وانتخبت جنوب أفريقيا مانديلا الرمز المتسامح الذي ناضل من أجل حقوق السود ولم يصادر حقوق البيض. وهو محامي كان يدافع عن فقراء السود. تحدث الزولو الإنجليزية والأفريكانا بالإضافة للكوسا لغته الأم .كان حزب المؤتمر الأفريقيANC قد أختاره ملاكما في شبابه مما ساعدته على وضع التكتيكات المناسبة في مقارعة الخصم وتوجيه العديد من اللكمات المعنوية رد على الضربات الحقيقية التي كانت توجهها الشرطة آنذاك للسود.

واختارت فرنسا هولاند لإستعادة دورها في العالم ويعيد لها أمجادها في افريقيا والتعامل بحكمة مع التنوع.

واختارت المغرب ومنذ زمن طويل نظام ملكي يوفر لها الإستقرار و يتيح لها الحريات. مناخ يبدع فيه المغاربة في الفنون والآدب والرياضة بدلا من نظام عسكري يدعي الحداثة ويصادر الحريات كلها.

اختارت مصر عبد الفتاح السيسي عسكري جرئ يتصدى بحزم لمحاولة عزل مصر وإحتكارها وتأخيرها وجرها لفتنة طائفية. رئيس يذكرها بعبد الناصر الزعيم القوى الذي وضع اللبنات الأولى لدولة قوية وحديثة ورائدة.

وقاد الإمارات الشيخ زايد رحمه الله. رجل برؤية طموحة وخطط جريئة .ضم سبعة إمارات صغيرة منفردة في عالم كبير وأقام منها دولة قوية ومتطورة يسرع إليها الناس من مختلف بقاع العالم للأعمال والسياحة التعلم.

السعودية أرتضت بحكم ملكي قوي يؤمن للمسلمين في مختلف بقاع العالم حج البيت و زيارة الأماكن المقدسة . بعد أن عانى الحجيج في فترات سابقة من قطاع الطرق وصعوبة أداء المناسك. كما قاد الملوك المتعاقبون نهضة حقيقية في المملكة أكدت ضرورة الإستقرار السياسي. تنازل الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله وأخيه الملك عبدالله من بعده عن ألقاب الفخامة وتشرفا بلقب خادم الحرمين الشريفين. وهو لقب يستحقانه عن جدارة . خدما الحرمين الشريفين وقاما بأمرهما توسعة وصيانة . بذل ملوك السعودية كل ما من شأنه راحة حجاج بيت الله وقبر رسوله وأصحابه رضى الله عنهم أجمعين.

العراق اختارت صدام حسين فقادها نحو نهضة حقيقية جعلت الناس في العراق وخارجها ينظرون إليه كبطل ورمز ثوري. لكنه نقض غزله وغزا جارته وأرسل صواريخه لذات المناطق التي كان شبابها يعجب به.

ثارت إيران ضد الشاه واختارت الخميني ليعيد لها ايران ويعطيها هويتها فاعطاها الخميني ذلك وأكثر . جعلها اسلامية تصدر هويتها للخارج .
أختارت اليابان أن يبقى الإمبراطور سياديا بينما تنتخب رئيس وزراء يوازن بين ثقافتها العريقة والتطور المتسارع . ذلك جعل منها دولة كبرى رغم صغر مساحتها وقلة مواردها.

أختارت فنزويلا رجل ثوري مخلص لشعبه . اعطته القيادة حتي وفاته وبكته بدمع حار. وأختارت لخلفه الذي حمل نفس الشعارات.
الصين أختارت في منتصف القرن الماضي الزعيم ماوتسي تونق. أعاد لها ثقتها بنفسها وأسس لها بنية ساعدتها مستقبلا أن تحتل مكان متقدم بين الدول الكبرى. لكن ماو ككل الثوريين عزل الصين و قمع معارضيه بقسوة .الصينالآن تعالج ذلك بالإنفتاح لكنها لازالت تتعنت في الحريات.

روسيا إختارت بوتين رجل الأمن القوى الصامت لأنها عانت من من نتائج تصدعات الإتحادالسوفيتي المتتابعة. إنفصال دويلات عديدة وإنضمامها لأوربا رافقه ذلك تهديد مصالح روسيا العليا. فقدان لموارد القومية وتعرض أسرارالدولة للكشف ومراقبة اسلحة دمار شامل كانت موزعة في مختلف مناطق الإتحاد السوفيت السابق. روسيا أساس الإتحاد ووريثه . أو على الأقل يقلل من خسائرها ويعاج نتائج ذلك آثار تلك الإنفصالات المتكررة. هذه أمور تحتاج إلى رجل ملم بكل خفايا الدولة ومن يصلح لذلك سوي رجل أمن كان يمسك بأغلب هذه الملفات أو قريبا منها. احتاجت روسيا – وكل العالم – لرجل يعالج ذلك بحكمة.

في أمريكا يندفع الجمهوريون لخيارات الحروب الخارجية .أختاروا ريغان وبوش الأب و الأبن فخاضوا حروب حقيقية في الشرق الأوسط البعيد جدا من الغرب الأمريكي. بل وكثفوا ضغوطهم على الديمقراطيين – أوباما وفي السابق على كلينتون- ليواصلوا نفس السياسات الخارجية بينما يفضل الديمقراطيون اجراء أصلاحات داخلية لصالح المواطن الأمريكي.
أمريكا اختارت التغيير. والتغيير بدأ بإنتخاب رجل أسود .أوباما أحدث الكثير من التغيير أمريكا ولا يزال يفعل ذلك. شمل ذلك الرعاية الصحية للفقراء وإصلاح أحوال الأمريكيين . مساعدة الطبقات المتوسطة وما تحتها.التي عانت الكثير من جراء الأزمة المالية. الازمة التي تسبب فيها جشع المدراء التنفيذيين في الشركات الكبرى والمصارف.
امريكا تتميز بإمكانية أن يجتمع خمسة رؤساء في غرفة واحدة في لحظة واحدة .وهو أمر يتعذر في دول كثيرة. فحيث يبقى الرئيس مدى الحياة يصبح من النادر أن يكون هنالك رئيس سابق.

إذن تختار الدول روءساءها وفق مطلوبات المرحلة وتحدياتها التي تتراءى في الأفق.
لكن كيف تعرف الدول هذه التحديات وكيف تحدد الأولويات ؟
مراكز بحوث ودراسات المستقبل وذوي البصائر النافذة يفعلون ذلك.

والله المستعان
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. نعم… ومتفق عليه تماما….. انه ومن اوجب الواجبات معرفة متطلبات وقياسات المهام التى تتطلبها المرحلة حين الاقدام على اختيار من يتولى دفة القيادة للامه… بين هدير وتلاطم الامواج التى تعلو وتهبط وهكذا .. اتفق معك فى مجمل من اشرت لهم من قادة العالم ومنهم من ترك خلفه بصمات تظل ترددها الاجيال من بعده .. كجزر الفوكلاند .. ومواقف المراة الحديدية تاتشر .. وابنها قائد بوارج اقتحام الجزيرة الشهير ..كذلك سيذكر التاريخ ثبات صدام ابان محاكمته امام جلاديه .. غير اننى اعاتبك فى اغفالك وانت تستعرض قادة العالم الذين ملأوا الدنيا ضجيجا من حولهم .. فات عليك وانت تعبر من فوق قادة العالم العربى … ان تذكر اهم قائد فى تاريخ الامه العربية والاسلاميةالمعاصرة اليوم.. الا وهو السلطان قابوس بن سعيد البطل الاسطورى الذى احبه شعبه حبا جما … منحه الله الصحة .. واقر به اعين شعبه ومحبيه ليعود من رحلة استشفائه لمواصلة المسيرة باذن الله … مارأيت قط شعبا احب قائده كالشعب العمانى .. فقد انار سماء وفضاء بلاده نورا على نور من بعد ظلام فحفظوا له ذلك عرفانا وايمانا بحكمته وقيادته … قائد قليل الاكلام .. كثير العمل .. نافذ البصيرة والحكمة معا .. تلك كلمات رايت ان لابد من الاشارة اليها فهى قليل من كثير مستحق فى حضرة هذا السلطان

  2. ونحنا اى واحد سادى بالليل خدمه ينط فيها ويبقى رئيس ……………………….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..