في البرلمان

في البرلمان
فيصل محمد صالح

نظر البرلمان في تشكيل لجانه وتعيين رؤسائها، الذين يتمتعون بامتيازات الوزراء، وقسم الكيكة قسمة ضيزى مثل قسمة كل شئ في بلادنا، لكن كان المدهش أن رئيس البرلمان تتطوع وتبرع ليخطر المجلس بأن المؤتمر الوطني والحركة الشعبية مختلفان على رئاسة لجنة السلام، لذلك تم تأجيل النظر فيها. عدت لزاوية كتبتها قبل أسابيع قليلة، حين تم انتخاب الطاهر لرئاسة البرلمان، وقلت إن ذلك لا يبشر بخير بسبب سلوكيات وتصرفات سابقة تجعل منه شخصية جدلية لا تناسب موقع رئيس البرلمان، وقد وجدت في هذا التصرف دليلا جديدا.

معروف ان قرار تعيين لجان البرلمان هو اختصاص أصيل للبرلمان واعضائه، صحيح أن هناك اتفاقات سياسية تحكم مثل ذلك العمل، لكنه من صميم واجبات الكتل البرلمانية ورؤسائها، هم الذين يجتمعون ويتجادلون ويتفقون. لكن عندما يحين الوقت فمن المفترض أن يتمسك رئيس البرلمان بحقه في تكوين اللجان، لأن البرلمان لا يضم الوطني والحركة فقط، وإنما هناك أعضاء من أحزاب أخرى، وهؤلاء لهم حقوق يجب ان يحميها الرئيس.

مهمة الرئيس وواجبه كانت تقتضي أن يطرح موضوع رئاسة كل اللجان للبرلمان للتصويت عليها، لأن هذا واجبه، ثم بعد ذلك قليتقدم أي نائب من الوطني أو الحركة بطلب لتاجيل النظر في لجنة معينة، وبعد التصويت يمكن تأجيل النظر في الأمر، هذه هي الأصول البرلمانية، أن يتم الأمر بين الكتل وبحسب أغلبيتها، أما بالنسبة لرئيس البرلمان فهو فوق الكتل وخلافاتها واتفاقاتها ويساوي بين جميع النواب ومختلف الكتل والكيانات.

في مصر الشقيقة اشتهرت عند رئيس مجلس الشعب الدكتور فتحي سرور مقولة “إن المجلس سيد قراره” فهو لا ياتمر بأمر أي جهة أخرى، مهما كانت، ولديه سلطة قبول وتعديل وإرجاع كل ما اتفقت عليه الكتل السياسية أو حتى الحكومة. وبالطبع يتمادى الدكتور سرور في حكاية سيد قراره ليرفض أحكام القضاء باسقاط عضوية بعض النواب، فيخضع الأمر لتصويت لو كان النائب من الحزب الوطني الديمقراطي، فتصوت الاغلبية لصالح بقاء النائب.

نحن لا نريد للسيد الطاهر أن يذهب لهذا المدى، لكن نريده أن يرجع للبرلمان هيبته واحترامه وسيادة قراره حتى على الحكومة، وهذا لن يتأتى إلا لو قرر قيادة البرلمان كله بمختلف أحزابه وكياناته، وترك خانة مهاجمي المؤتمر الوطني لاكثر من 300 نائب يستطيعون لعب هذا الدور.

وأخيرا فقد كرر المجلس الوطني عدم اهتمامه بالبرلمان الأفريقي بطريقة اختياره للنواب الخمسة الذين سيمثلون السودان. فهو من ناحية خالف قواعد البرلمان الإفريقي بعدم تمثيل المعارضة ، فقد قسم المقاعد بنسبة أربعة للوطني وواحد للحركة، ولم يترك أي مقعد للقوى المعارضة في المجلس. وتلتزم الدول الأعضاء بهذا التقليد وتضم عضويتها دائما ممثلين للمعارضة، بما في ذلك مصر وإثيوبيا وكينيا وجنوب إفريقيا وبقية الدول، ربما باستثناء ليبيا التي لا توجد بها معارضة برلمانية. ومن ناحية أخرى كرر المجلس اختيار نواب مشغولين بمهام وقضايا أخرى، وغالبا لا يحضرون ويتابعون جلسات البرلمان الغفريقي.

لقد اتيحت لي متابعة جلسات البرلمان الإفريقي في جنوب إفريقيا، لست دورات متتابعة، ولم أجد نائبا سودانيا في همة ودقة والتزام العم أنجلو بيدا الذي كان ممثلا مشرفا ونموذجيا للسودان، فهو حاضر في كل الجلسات ومشارك في النقاشات داخل وخارج القاعة، وعضوا دائما في اللجان المختلفة. ألم يكن من الأجدى اختيار نواب شباب غير مشغولين بمهام أخرى.

الاخبار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..