الشعب .. يريد اسقاط المدام..

أولا وقبل ان أدلف الي ثنايا الموضوع الذي أنا بصدده اليوم ..واحقاقا للحق وحفاظا علي حقوق الغير الأدبية فاننى أُقر بأن العنوان الطريف أعلاه من تأليف وتلحين أحد اصدقائي الظرفاء المعروفين بالنكتة وسعة الخيال ..و قد اطلقه مجاراة للشعار الذي يملاء الشوارع العربية هذه الايام هتافا والحاحا ..ولعله اراد أن ينفث ما بصدره حيال ديكتاتورية من نوع خاص في محيط مملكته الزوجية فيعبر عن ملايين الأزواج الذين يجهرون همسا أو اضمارا عما يعانونه من وزارات الداخلية في بيوتهم واللائي يتعاطين معهم بقوانين طواريء دائمة لا تزيحها انتفاضات العيال المتكررة .وطنطنة سبع البرمبة السرية…

تماما كوزارات الداخلية في كثير من بلادنا التي تعبر عن مودتها وتعانق حركة الشارع بقبلات الهراوات والوصول الي القلوب عبر الرصاص الحي ..بعد ان تكون دموع اشواق المتظاهرين لاسقاط النظام قد اسالتها القنابل الدخانية المحشوة بالفلفل الحار ..وغيره من ذات عتاد ومخزون مطبخ المدام التي تلجأ اليها في ابسط حالات الانتفاضات المنزلية..
ولعل الشعار الذي اطلقه صديقنا الظريف وان بدا من قبيل الطرائف التي تواكب احداث الساعة بما يمثل وعيا متقدما في الحس السياسي للشارع العربي الذي بات يستوحي من كل شاردة وورادة القفشات والطرائف التي تفرغ كتلا من الاحتقان المتراكم في البطون والصدور والعالق في الحلوق جراء ضيق مساحات التعبير في تلك البلاد ..

ولكنها تظل عبارات لها مدلولها العاكس علي الصعيد السياسي للدور الهام الذي تلعبه زوجات الزعماء ليس علي مستوي محيطنا الأقليمي فحسب وانما في كثير من بلاد العالم ..وعلي مساحات التاريخ القديم والحديث .. وحتي لا نهوّم بعيدا في تقليب الصفحات القديمة .. ففي حاضرنا المعاصر لعبت زوجات الرؤساء ادوارا خطيرة في مشاركة ازواجهن الجلوس علي سدة الحكم ولو من خلف كراسيهم بمسافات متفاوتة .. وبتأثير يتسم بالايجابية في الدول الديمقراطية يؤتي ثماره التي تحسب للزوج الرئيس كأن يتمدد عطاء الزوجة الرئاسية في الأعمال الخيرية ..فضلا عن ظهورها معه دائما في المحافل البرتكولية وفي رحلاته..

فيتجلي الصعيد المثالي لحياة الرئيس الاسرية ليصبح قدوة تؤثر في الاخرين .. فيما نجد ان أغلب زوجات زعماء العالم الثالث الذين يطيلون البقاء ويحلمون بالديمومة في الكراسي
..( مكنكشين ) علي الحكم بحبال تصفية الخصوم وتضييق القبضة علي رقاب الشعب .. فان السيدات الأوائل( أو الثواني) يشكلن درعا واقيا لبؤر الفساد بل ويكّن شريكات فيه بصورة سافرة من خلال استغلال موارد البلاد .. واحتكار الصفقات أو اقتسامها وقبض قيمة اتعاب التسهيلات للمفسدين . وتمكين افراد اسرهن من احتلال المناصب الهامة في اركان الدولة وان لم تتوفر فيهم الأهلية لتلك المواقع.. وغالبا ما تكون هيمنة الزوجة واحدة من المسوغات القوية للاطاحة بحكم الزوج الرئيس.. والأمثلة كثيرة .. وكلكم لبيب يفهم باشارة التلميح ولا حاجة للتصريح..
ويظل شعار صاحبنا.. الذي يريد اسقاط المدام منسجما مع كل احلام الشارع العربي الأخرى بصفة عامة.. وشارعنا السوداني بصفة خاصة التي تلتقي في ذات اللفة وهى تشعل غبار الثورات ..فالجائع يحلم بالعيش والايدام.. والطالب يفكر في مصاريف الدراسة والكتب والأقلام .. والعاطل مهموم بايجاد الوظيفة والدوام.وضحايا الحروب يتمنون السلام ..وتفتت البلاد هو أكثر الجراحات ايلام..
.وهي مطالب كلها عادلة ..حتي مطلب صاحبنا ان كان يقصد مدامات الرؤساء المتنفذات.. والمتسلطات علي مقدرات البلاد وحقوق العباد ..الذين حتما سيندفعون خارجين كل يغني علي ليلاه وهو يطالب بتحقيق ما أراد..ولكنهم في نهاية المطاف.. يلتقون كلهم عند نقطة تجمّع واحدة .. ينطلق منها الهتاف.. ( الشعب يريد اسقاط النظام )..
و لكل.. آنسة ..ومدام ..من أخواتنا الجناح الحنيّن لدفئنا.
فهن العزيزات ورفيقات الدربدائما.. المودة والتقدير والاكرام.. وسامحونا ..والله المستعان ..وهو من وراء القصد..

محمد عبد الله برقاوي..
[email protected]