ولد أحمدآي مالو (الجزء الثاني)
بالرغم من إيمانه بصعوبة لم شمل أهل دارفور لنيل حقوقهم المشروعة في السلطة والثروة، الا إنه ربط جأشه وشد ازاره بنية صادقة من اجل سلك هذا الطريق، بدء يشق طريقه مستفيدا من الخبرات التي اكتسبها اثناء دراسته الجامعية وفترة مكوثه عاطلا بالعاصمة الخرطوم ، اتضح له جليا بان ليس هنالك دستور وتشريعات واضحة موضوعة لحماية الحقوق السياسية والاجتماعية والامنية للأفراد بالسودان، وان الموروث من القوانين بدأت تتآكل وكثير من بنودها سبقها الزمن وأصبحت متقادمة ،وان الحكومات المتعاقبة لا تعطي إهتماما ولا تأدب إلا مع التكتلات السياسية والإجتماعية والثقافية والقبلية وبطريقة دراماتيكية مثيرة للجدل، وقليلا مع منظمات المجتمع المدني،أما المدون والمعد لطلاب القانون بالجامعات ،فقد صاغوه في قالب يتفق مع ذوقهم وحاجاتهم ،دون ادني مراعاة للتنوع العرقي والثقافي لأطياف السودان المختلفة.
اراد أن يصنع مدرسة جديدة ونهج جديد للعلم والثقافة إسوة بالمدارس الإكليروسية لا دينا ولكن عملا وتطبيقا ، مدرسة تبدأ مراحلها بالتمهيدية (بدلا من الإبتدائية) ،ثم التنويرية (بدلا من المتوسطة)،ثم التعليمية (بدلا من الثانوية) ،ثم التطبيقية (بدلا من الجامعية)، هكذا يريد رسم ايقاعات حياتية جديدة للمجتمع السوداني تساعده في النهوض والخروج من حضانة المستعمر الي فجر جديد،قادرا على تطبيق العدل السياسي والاجتماعي وفاقاً ،جلب جاز (كيروسين) من دكان ود نورين الواقع وسط سوق مليط لسراجه،واوعده ابن خاله الترزي (الخياط) داؤود الملقب بدويداي من مواليد كتيلة حي الدونكي بأن يزوده بقصاصات القماش ، اما ابكر ادم محمدين فقد تكفل برتق القاصاصات وتحبيلها للسراج، خلا ببوطة ابدنده شهرا كاملا مشغولا بكتاباته، معزولا من المجتمع ،مهموما بقضيته.
بين سهلٍ وجبلٍ وغابة وصحراء ، اختار قرية درادر (قرية الشهيد عبدالله السحيني)،لتكون ميدان الحرية ،ومنبع العدالة ،لتشع نورها على ارجاء السودان، من هنالك عكف على مخاطبة المجتمع الدارفوري ، فأرسل وفودا الي ام برو وام كداده شمالا، والي الضعين وعديلة شرقا، والي الجنينة وكلبس غربا والي قوز دنقو وكتيلة وراجا وكفن دبي والكلكلة وتلس جنوبا ،والي جبل مرة في الوسط ، بدء رسائله بقوله—–
يا ايها الناس أعلموا أن الثروة والسلطة في الدولة ملك شائع، ومرفق مباح يغترف منه الناس جميعا وليس له حدود فاصلة كالتي ترسمها السياسة بيد الحكومات الجائرة،وإنما الذي يقدح في الأمة حقا ان تغمد عيونها وتسد آذانها عما حولها من نظريات وافكار حول الحرية والعدالة وتتبنى الظلم،وأن يدفعها التعصب الأعمى ان تنسب لنفسها ما ليس لها ، وتعزو إليها خلق مالم تخلق ،وابتداع مالم تبتدع ، فتجدها تشوه التاريخ والعقائد من أجل الامساك بزمام الحكم ——- الخ
ولد أحمداي
وحثهم على تكوين جبهة وطنية تهدف الي الدعوة الصادقة والعمل الدؤوب على توطيد دعائم الوحدة في ربوع دارفور خاصة والسودان عامة تحت رايات السلام المستدام والتنمية المتوازنة والتسامح والتكافل والأمن الإجتماعي،نشر ثقافة السلام والتعايش السلمي وتعميق قيم الاخاء والعدالة وقبول الاخر في جميع مناحي الحياة العامة والخاصة.
ونبذ الأثنية والقبلية والممارسات الحزبية السلبية باعتبارها امراض مزمنة فتكت وتفتك بأهل دارفوروتعوق مسيرة السلام والتنمية وتفتت وحدة دارفور والسودان، وطرح برامج تعني بترسيخ مفهوم دارفور لكل ابناءها وسوداننا بلا وصاية.
ومخاطبة جذور قضية دارفور والسودان كله ، ومراجعة اسس وبنود قسمة الثروة ممثلة في الموازنة العامة للدولة والتنمية المتوازنة والتداول السلمي للسلطة والحريات الاساسية والامن الإجتماعي والسياسي.
ومعالجة جذور ومسببات وافرازات الصراعات القبلية وسن القوانين الرادعة واتخاذ الاجراءات الحاسمة ووضع الاليات الفاعلة لقطع دابر تلك الصراعات بمبدأ العودة الي الجذور.
وتطوير ودعم نظام الادارة الأهلية بدستور موحد غير دستور الحكم المحلي، يتلائم مع السمات التاريخية لكل بقعة بالسودان ،ليمكنها من القيام بدورها التاريخي المحايد في بسط الأمن والاستقرار والطمأنينة.
وتشجيع ورعاية الوفاق السياسي والإجتماعي بين مثقفي ابناء دارفور بالداخل والخارج ودعوتهم الي كلمة سواء لتوحيد رؤياهم وموافقتهم من اجل بناء دارفور على اسس من الشورى والتراحم.والاهتمام بدعم ومتابعة مشاريع التنمية .
تمكين دور المجتمع المدني ودور الشباب والمرأة وكل التنظيمات الشعبية والفنونية والاهلية للتفاعل مع قضية السلام والتنمية والمساهمة في بناء ونهضة دارفور والسودان.
وخلق روح الترابط وجسور الاخاء مع دول الجوار خاصة تشاد وافريقيا الوسطى ودولة جنوب السودان لمساهمتهم في استقرار دارفور وذلك من خلال اتفاقيات ثنائية.
وتبني مشاريع نهضوية واقتصادية واجتماعية وثقافية للنهوض بدارفور من نكبة الحروب ومسبباتها الي افاق التطور والإزدهار .
كما دعاهم الي عقد مؤتمر جامع يضم غالبية قبائل دارفور لمناقشة أهداف الجبهة والخروج منه برؤية موحدة، لبى الجميع الدعوة، وارسلو ممثلين لهم ، جاء محمد قاردية من امبرو، واسحق ادم من ام كدادة، وجمال مادبو من الضعين ,ادم جمعة من راجا ،وحماد عيسى من الكلكلة ،واحمد بلو من تلس ،وادم ابكر من كتيلة ،ومهدي ابوجولة من عدالغنم، وادم رجال من شنقل طوباي، والدوم محمدين من كلبس وعدد كبير من جميع انحاء دارفور، كما حضرا كوال ودينق من واو كضيوف شرف، بلغ عددهم ثلاثة الف غالبيتهم في مقتبل العمر تخلف خميس الله جابو من ام دافوك ومحمد اسحق من طور لوعورة الطرق .
استمر المؤتمر لمدة اسبوعين كاملين،انقسم المؤتمرين الي قسمين ،قسم يرى ضرورة تكوين جسم مسلح وحجتهم بأن الحكومة لا تصغي ولاتعترف الا بمن يحمل السلاح ، والقسم الاخر يرى ضرورة مخاطبة الحكومة وتوضيح مطالبهم قبل الشروع في الجسم المسلح ، اخيرا اتفق المؤتمرين بإرسال وفد الي الخرطوم يحمل مطالب الجبهة ويشرح حاجة الدارفورين الملحة في عدالة تقسيم الثروة والسلطة ، اما مهدي ابوجولة رفض الفكرة من اساسها ، وقال ان جده عبدالرحمن اول من رفع العلم السوداني بعد خروج المستعمر وبالتالي الخرطوم تابعة لحاكورتهم والجلابة ضيوف في حاكورة قبيلة البني هلبة ، واي شخص رأيه غير هذا هم مستعدين محاربته، الكل أظهروا إمتعاضهم وقالوا (الناس في شنو والحسانية في شنو) ،اما دينق وكوال لما سمعا هذا الكلام غضبا غضبا شديدا وخرجا من المؤتمر ثم رجعا الي واو بعد ان ودعهما المؤتمرون.
سافر على رأس وفد الي الخرطوم وقدموا المذكرة الي الرئيس السوداني كرار سوار الدهب، وصورة من المذكرة لنائبه سرالختم الخليفة — (سنرى في الجزء الثالث لمذا قال الناس — ولد أحمداي مالو — شال السلاح مالو — شال السلاح مالو)
عبدالدائم يعقوب ادم
[email][email protected][/email]