الارشاد المحمدي بين التدوين والاستيعاب (1)

حواري مع الله:
حاولت في المقال الذي يحمل العنوان اعلاه ان اخترق الهالة الفكرية التي احاطت بها الثقافة العربية مفهوم الاله، فلا تستطيع الوصول الى الاله الا بعد المرور على كل القيم والعادات والمفاهيم العربية، وقد تم اعادة استيعاب الاله داخل الرؤية العربية حتى لا يعبر سوى عن إنسان تلك الثقافة التاريخي، ولكن حالت السياسية التحريرية لصحيفة الراكوبة دون نشر ذلك المقال، ونسبة لأهميته باعتباره جزء من سلسلة مقالات كان يجب العودة إليه ولكن مع بعض التعديلات واتمني ان أكون قد أزلت الحرج عن محرري الراكوبة.
مدخل:
سؤال حقيقي وهو الى متى سنظل نتفرج على ما يحدث في العالم الذي يسمي (اسلامي) ونحن ندرج من ضمنه؟ الى متى سنكون اسيرين لدي الفكر العربي (الاسلامي) وهو يمارس ابشع الجرائم في كل الدول التي دخلها؟ الى متى نخاف ان يصفنا ذلك الفكر بالكفار ولا نخاف ان يصفنا الله بذلك؟ بأي عين يغمض لنا جفن ونحن نرى ذلك الفكر يدفع الاخوان في البلد الواحدة الى قتل بعضهم بعضا؟ كيف نصمت والحرب دائرة في كل مكان من السودان الى نيجريا وعبثية بوكو حرام الى ليبيا الى العراق الى سوريا الى افغانستان الى الحروب المكبوتة في السعودية والبحرين؟ فهل ارواحنا اهم من الذين يقتلون كل يوم؟ آن لنا ان نقول للفكر العربي (الاسلامي) كفي، آن لنا ان نرى الله كما يتجلي لنا وليس كما يصفه لنا ذلك الفكر، آن لنا ان نرى الحياة بعيوننا، آن لنا ان نصفهم بالكفر كما يصفون الجميع بالكفر، آن لنا ان نقول لكم دينكم ولنا دين، وعذرا لكل الارواح الحائرة في هذا الكون، فالنخب تخاف الفكر اكثر منكم.
مفاهيم اساسية:
قبل ان ندخل إلى المقال يجب المرور على مفاهيم أساسية تمنحها الثقافة العربية معني رئيسي تبني عليه بقية فكرها وهي مفاهيم الله والرسالة والرسول.
من هو الله:
الله أو الإله او الرب هو المثال الأرفع الذي يكمل ذاته بذاته، لا يفني ولا يتجدد ولا يحتاج كما الإنسان إلى تكملة خارجية لتتضح صورته، وهو اذا لا يمتلك كما الانسانية قيم لاضافتها له من قبل الاخرين ولا يضيف قيم للاخرين ليكمل بها ذاته، فهو النقاء في ذاته لذلك لا يمتلك الاحساس الجزئي الذي يحرك الانسانية فهو لا يغضب لا يزعل لا يحب لا يكره لذاته، فلك القيم تكمل الذات الانسانية في تفالها مع الذات الكلية أي مع مجتمعها أو مع الاخر، والله لا يتشكل ماديا ولذلك لا يمكن للعقل استيعابه فهو كما الروح ولكن دون جسد ليستوعبه، ولا تحده حدود فهو في كل مكان وكل زمان.
اختلافنا مع الرؤية العربية:
سعت الرؤية العربية التي سمت نفسها اسلامية إلى اعادة استيعاب الإله داخلها، فمنحت الال بعض الخصائص الانسانية حتى تكمل به الرؤية الكلية، فقالت ان الإله يحب ويكره ويغضب وهي صفات تختص بها الانسانية نتيجة لقصورها عن الكمال الذاتي اما الإله فهو كامل في ذاته فلا يحتاج إلى تلك الصفات، واتحدت مع الإله ضد الاخرين وبالتالي سحبت من الإله صفة التعالي عن الانحياز وجعلته يتدخل بذاته وفعله داخل الحياة الإنسانية وبالتالي اصبح الإله جزء من الرؤية العربية، وفي اصباغها على الإله صفات انسانية جعلت له قيم محددة وحدود الهية وطريقة عبادةة محددة حتى لا يستوعب الإله سوى ذلك. ومزجت بين الإله والانسان داخل الفعل الانساني فاصبح فعل الفرد عبارة عن فعل انساني بمشيئة الهية.
فكل هذه الرؤية العربية عبارة عن فكر انساني ونختلف معها تماما رغم تلميعها من الخارج وتسميتها بالرؤية الالهية، في ليست الهية وانما انسانية عربية تدعو إلى افراغ سنن الكون من الاختلاف الانساني ومحو ذلك الاختلاف والقيام واعادة تنظيم الكون على اساس تلك الرؤية ليكون مجتمع واحد بقيم وسلوكيات واحدة ولغة واحدة وهو فكر المرحلة العشائرية والقبلية التي تدعو إلى ازالة الاخر الذي لازالت تبحر داخله النخب العربية. واستخدمت النخب العربية تلك الرؤية كسلاح ايدولوجي في صراعها مع الاخر عندما عجزت عن استيعاب كلي للحياة الإنسانية وادعت ان من يواجه تلك الرؤية يواجه الإله ورسالته وليست رؤية فكرية صاغتها نخب عربية ونحتت كل مفاهيمها من داخل مجتمعها.
ماهية الرسل:
عندما نتحدث عن الرسل يجب ان ندرك مفهوم التحولات الاجتماعية جيدا، فكلما غصنا داخل التاريخ لمسافات بعيدة نجد ان الصراع الانساني بين الذات والاخر كان عنيفا ولذلك عايشت الرسل الاولي ظروفا صعبه لتوصيل الارشاد الالهي، وبالتالي تختلف ظروف كل رسول عن الاخر وبالتالي اختلفت طريقة دعمه لتوصيل الارشاد الإلهي اذا الدعم بمختلف اشكاله عند الرسل ليست قدرات خاصة يمتلكها الرسل ويمكن ان يأتي بها في أي وقت ولكنها اضافة من الله في لحظات محددة ولإغراض محددة ايضا. اما الرسل في حد ذاتهم فهم بشر كاملي البشرية، يختلفون عن مجتمعاتهم بأنهم نخب انسانية لتلك المجتمعات، فالرسول يجب ان يكون نخبي لمجتمعه حتى يأتي بأفضل استيعاب للرسالة لذلك المجتمع، فإذا الرسل عبارة عن بشر لا يمتلكون قدرات خاصة في ذاتهم يخطئون ويصيبون قبل وبعد الرسالة فهم ليسوا كاملي النقاء، علاقتهم بالرسالة علاقة ناقل ومحاول لادراك ما ينقله، فهنالك مسافة بين الرسالة وبين الرسل وحياتهم. فهم في لحظة الرسالة وكنخبويون يعتبرون افضل من يوصل الرسالة لمجتمعاتهم ولكن مع التحولات الاجتماعية وافتراض تفعيل النخب للوعي الكلي كان يمكن للإنسانية ان تمتلك ادراك اشمل مما تمتلكه الرسل ومجتمعاتها للرسالة مما يمكن من رؤية سلوك الرسل وكلامهم داخل مرحلة التحولات المجتمعية للمجتمعات تلك، وقصور الاستيعاب عن ادراك التحولات الاجتماعية وامكانية صياغة رؤية كلية تستوعب الارشاد الالهي هي التي قادت الإله إلى تكرار رسالته إلى الإنسانية فالرسالة الالهية رسالة واحدة لم تتغير في جوهرها.
[email][email protected][/email]
(علاقة الرسول بالرساله هى علاقة ناقل) اتمنى ان تكون هذه العباره كتبت تحت ضغط السياسه التحريريه والا لن تكون لبقية مقالاتك قيمه تزكر لان العلاقه علاقة منتج وليس ناقل