المغترب والعسكرى الحرامى…!!!

المغترب الحاضر فى غياهب النسيان … او المغيب عمدا وظلما من وطنه المنسى فى متاهات الغربة والمدفوع قسرا لمواجهة الهوان من حكومة لا تقيم للانسان وزنا ولا تلقى للمــــواطن بالا…. ولا تلتفت اليه ولو بنظرة تذكر… المغترب الثائر على الاوضاع بهروبه المتـــمرد عن من يحب ومن اجلهم اجبارا … الصابر على نار الفرقة والشتات ولا خيــــار…. المستجير من الرمضاء بالنار…. ولافرار.
كأى مغترب سودانى يسرق منه الزمن ايامه وتبدد الاوهـــام احلامه …وكأى مغترب احتوته المهاجر بما فيها وماعليها ولابديل للوطن الا الصبر وبين هزائمه المعنــوية ومكاسبه المادية يحاول ان يجد التوازن حتى لا يسقط كيانه فى لجج الضياع والمرض.
اذا فالصمود هو الخيار الذى لابديل له حتى لو وقـــف فى وجه الرياح…فهنا او هناك تستوى المعايير فالمركب ليس فيها الا شراع الانكسار والانتظار … كأى مغترب ســـــودانى احساسه بذاته مفقود فقد علمته نفسه ان الاهل هم مربط الفرس وهو بين جهاده واجتهاده لايبحث عن نفسه انما يعيش من اجل الاخرين القابعين فى وطن مهزوم السعادة ومجروح الارادة …
كأى سودانى مغترب دفعه حال الوطن اليائس البائس دفعا الى خارجه… هكــذا لفظت البــــلاد ابنائها وفلذات اكبادها خارجها وهى تحترق فى اتـــون نار الجــور والانحطاط لفظتهم مكرهة وهى لا تدرى الى اين سيكون مصيرهم المجهول فى غربة لا تعرف الحدود واحزان لا تفـرق بين الصغير والكبيرتلفظهم الى دنيا غريبة وعالم لايرحم مسافات بعيدة بين الحلم والحقيقة…
وهكذا تمضى سنوات سليمان الذى لا يملك مع الصبرالا بعض من نقود بالكاد تغطى مصروف العيال والسوق فى السودان كل يوم لايزداد الا جموحا وجنونا ونفورا والناس حوله لايملكون الا الاذعان والخنوع والخضوع وفى نفوسهم اكـــداس من الصبر والجوع والخوف والمرض وقد ربطوا البطــــون حتى تقطعت…وسليمان هنا …والعيال هناك ففى الغــــربة يقتله الخوف والصبر…. وهناك تاكل اهله الاحزان …
سليمان الذى يكاد ينسى اسمه فى بلد لا يسمع من الافواه الاكلمة زول فقد سقط اسمه سهــوا بارد خالى من العواطــف خشن الاحساس لايعترف الا بالعمل والكــــدح هكذا سقـــط احساسه من الانسانية… وكما تتاكل الافراح منه تتاكل الايام…. وتمضى تجر خلفها السنين ولا يمــلاء احساسه الاغبار الاغتراب والانتظار متى يعود ادراجه الى ارض الوطن متى يعود الى رائحـة الاهل ويستنشق عبير الحياة متى تتلاشى غيمة الاحزان ويعود الوطن الى عافيته الاولى فـهل ياترى يعود السودان… بصيرا بعد ان يستنشق قميص الحرية…
الغربة تستوطن حريته فتكبل امانيه وتثقل كاهله لكن لابد من الصمود لايزال يذكـــر طفلته نور…التى تركها رضيعة فى حجر امها ثم مضى من ارض الى اخرى حتى استــقر به المقام فى صحراء الغربة تجلده الايام جلد غرائب الابل…
يحاصره الخوف من المجهول وتدوربه وحوله الايام …ولا انيس للاشـــواق الا اجترار حــلو الذكريات التى تركها وراء ظهره فمتى يمتطى قوافل العودة ويجد نفسه بين احبابه واهله متى يتقاصر المشوار الممتد فى ذاته… متى تلتفت الى حنينه الامال المنسية ….
ومضت السنوات متثاقلة حتى حسبها فوجد انه استهلك من سنوات حياته سبع سنــوات طوال تنقله كل سنة الى اختها ولم يتخللها اجازة ينفقها بين احبابه.. والمال يأبى إن يتجمع فقنـوات الصرف فاتحة افواهها تقول هل من مزيد.. والطلبات مستمرة والراتب لايكــــاد يحتمل دوامة الصرف الضاغطة …
عاد سليمان للوطن ومعه ارهاق سبع سنوات وبقايا حنينه فالغربة قــد سلبت منه احساسه الجميل ..عاد ووجد الوطن قد انحدراكثر الى هاوية الضياع عـــاد ووجد الناس تغيرت قلوبهم الطيبة وتبدلت مشاعرهم اصبح هاجسهم محصور بين متطلبات الاكل والشرب وامالهم تكاد لا تتخـطى يومهم … افراحهم انزوت وتصاغرت …
كانت عودته ودخوله بيته الذى فارقه قبل سبع سنوات مثل الحلم… وهـــو يطــرق باب البيت لتخــــرج زوجته امنة ..التى ارهقتها السنوات واستلبت من شبابها الجميل رونقــه ونداوتـــه الكثير..
تحــدرت دموعها فبللت جلبابه الابيض وهى تعانقه بلهفة وشــوق واشتهاء مكبوت وكـــانها تتمنى إن تنسى اهوال السنوات العجاف التى تركها فيها …وعذابات الوحدة والم الفراق بكت فرحا باللقاءالحبيب ثم بكت حزنا على سنوات تسربت من بين يديها وهى تــداوى وجع الفرقة والشتات…
دخل سليمان بيته فعانق ابنائه واهله ..اما نور ابنته ذات الثمان سنوات والتى تركها رضيعة فكانت نائمة… فهى لا تحفظ فى ذاكرتها عن والدها الا ما شاهدته فى الصـور الفتـــــوغرافية لايزال سليمان يذكر ابنته وهى مذعورة وهى تستيقظ بعد منتصف الليل لترى شبحا غريبا لم تشاهده من قبل ولا تعلم إن هذا الشبح ماهـــو الا والدها العـــائد فتملكها الخـــوف والرعـــب صرخت تنادى والدتها مستنجدة باعلى صوت يما الحرامى الحرامى…. لحظتها تسمر سليمان فى مكانه… وهــو ينظر الى وجه ابنته الخائفة التى لم تشاهده فى حياتها من قبل…احتضنتها امها وهى تطمئنها… نـــور قولى بسم الله دا ما حرامى يانور… دا ابوك رجع من السفر.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. متي نرجع يانور……؟؟؟ والبلد سلبتها عصابة …. وقد اثقل كاهلنا اﻻنتظار والغربة واﻻعمار تمضي بنا .. نسأل الله
    حسن الخاتمه وكلنا امل ان نري الوطن قد استعاد عافيته من اجل ابنائنا … نسألك يالله ان ترفع البﻻء عن وطننا وشعبنا
    ياعفو يارحيم…

  2. موقع الراكوبه اصبح الملاذ الوحيد لنا لكن قدرنا ان نزرف الدموع فى معظم المقالات الى متى يا وطنى يقول محمود درويش فى واحده من قصائده

    يادامى العينين والكفين ان الليل زائل

    لاغرفة التوقيف باقية
    ولازرد السلاسل
    نيرون مات ولم تمت روما
    بعينيها تقاتل
    وحبوب سنبلة تجف ستملا الوادى سنابل

  3. والله غريبة والله والله غريبة ان تحكي قصة واقعية وحقيقية سمعتها قبل ما لا يقل ويزيد عن العشرة سنوات من بطلها الحقيقي سليمان( سليمان الملقب بأبو الشينة) فكلنا اصبحنا سليمان تتقاذفنا مرافىء الغربة الموشحة بين امواج متلاطمة لمستقبل مجهول وزي ما قال أزهري محمد علي ( ولد شلناهو للأيام
    مسك شارع المطار شرق)

    محل قامت صلاة الغلة نتوضى
    نشوفك في المنافي رهاب
    تلاويح ايدك البضة
    وداعا يا حبيب الروح
    وداع والسامر انفض
    مرقنا على مدائن التيه خفاف
    كان نابا كان نرضى
    مرقنا ودمنا اتفرق
    ولد شلناهو للأيام
    مسك شارع المطار شرق
    لمحناو زي خبر عاجل
    وزي رفة حمام زاجل
    ويا منسلي من ضلف
    الضلام في الليل
    تعاااال بالباب أكان راجل
    واركز واوعى تدرق
    من القبلي السحابو ربط
    من العبادي يوم ينصر
    في وش السما وينمط
    وكم في الخط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..