هل تم اخضاع شعوب السودان لحقل تجارب لاختبار نظرية لازى فير؟

فى العام 1984 اعلن التلفزيون الاسترالى خطة الحكام الاستراليين البيض لمعالجة قضية السكان الاصليين فى اوطانهم، وذلك باخضاعهم لعملية عقم قسرية من خلال وضع مواد كيماوية فى مياه شربهم تتسبب فى عقم البشرية، لكى تمنع عرقهم من التكاثر وتقضى عليهم تماماً.
تم اعلان ذلك الاقتراح العنصرى البغيض لابادة شعوب استراليا من قبل قطب التعدين والصناعة انذاك لانغ هانكوك فى الاعلام العام، دون ان يرمش له طرف ومن دون ان ينزعج مقدم البرنامج من هذا المقترح عديم الانسانية والمفرط فى القسوة ، والظلم والاهانة لشعوبً مغلوبة على امرها، تحارب بل يتم ابادتها فى اوطانها!
هناك تقارير مماثلة عن تجارب مماثلة تم اجرائها فى الولايات المتحدة الامريكية للحد من عنصر الامريكان الافارقة، لذلك لن اندهش اذا اكتشفنا بعد حين باننا وفى شعب السودان، قد تم اخضاعنا من قبل نظام الجبهة الاسلامية او الاخوان او غيرها من مسميان الاسلاميون، بان تم اخضاعنا لحقل تجارب لاختبار وطاءة نظرية ادم سمث الاقتصادية او النيوليبرالية القصوى نظام اللازي فير “Laissez-faire” الاقتصادي على شعبً من البشر.
يقول بروفسيور علم الاجتماع بجامعة نيويورك ديفيد غارلند ان دعاة تحرير الاسواق الذين يرفعون رايه ” التنظيم الذاتي للاسوق الحرة” يعملون في المقام الاول للتمهيد لتطبيق نظام اللازي فير “Laissez-faire” الاقتصادي وهو من النظم الاقتصادية التي تمهد بان تكون المعاملات بين الأطراف خالية من قيود وشروط الحكومة، والتعريفات الجمركية، والدعم الحكومي ، مع وضع أنظمة وقوانين ومؤسسات كافية فقط لحماية حقوق الملكية.
لازي فير او ” فليفعلوا ما يشاء “، من دون وجود مساحة عازلة بين المواطن والسوق المفتوح تعني في المقام الاول باثراء الفرد على حساب المجموعة وتعني بتحطيم قيم التكافل والتعاضد المجتمعي من اجل التبشير والتمهيد لادخال قيم المنافسة الحادة. فهو نظام يمهد لكي يسحق القوي الضعيف ويمتص آخر نقطه من دمه ويقذف بعظامه منتزعا الرحمة من قلوب بني البشر.،
ان ما طبقه نظام الاخوان المسلمين في السودان على طريقة (الكاسح الماسح)، بادخال الحد الاقصي علي الاطلاق لنظام “لازي فير” الاقتصادي على مجتمعات فقيرة وهشه ودولة مؤسسات حديثة التكوين سحق المجتمع السوداني ودمرمؤسساته تدميراً شاملا يحذر وينذر من تبعاته اقتصاديو وعلماء اجتماع العالم.
ان تغطية النظام الحالى “للازي فير” بعباءة الدين والعروبة ليس سوي تمويه لما يدور فى السودان من اخضاعه ليصبح حقل تجارب أشرس واقبح الانظمة الاقتصادية علي الاطلاق وهو نظام تذويب الدولة ومؤسساتها لصالح هيمنة السوق المفتوح (الغول الطفيلي الاكثر شراسه).
او ما يسمي بالنيو ليبرالية العمياء!
يكثر الجدل ويطول حول تحديد اسباب تشظي وتفتت وفساد دولة ومجتمع السودان ويعلقها الاغلبية العظمي فى بعض القشور التي يتدثر بها نظام الجبهة الاسلامية من عباءات خارجية خاوية ولكن جوهر الكارثة يكمن في تطبيق الاسلامويين لهذا النظام الاقتصادي الرأسمالي الشرس الذي طبقته الجبهة الاسلامية على شعب السودان المغلوب على امره.
ان ما يؤمن به رافعي راية تحرير الاسواق هو بان الدولة بقوانينها ومؤسسات خدماتها المدنية ومؤسسات رعايتها تتدخل باسلوب سلبي في تقليص وتحجيم روح المنافسة بين البشر بل وتحد من النمو الاقتصادي للمجتمعات والدول. ولذلك فهم يؤمنون بما فعل الاخوان المسلمين بدولة السودان المغلوب على امرها بحذف دور الحكومة تماماً وترك السوق لكي يرشد نفسه بنفسه ظانين خطاءً بان ذلك هو النظام الطبيعي والمناسب لفطرة البشر.
لكن وعلى عكس تصوراتهم ومعتقداتهم الخاطئة فان نظم “لازي فير” الاقتصادية ضد فطرة وطبيعة الانسان السليمة وفى سياق انظمة الدول الاقتصادية تاريخياً تُعتبر هذة النوع من الانظمة حالات استثنائية وشاذة وليست القاعدة او الفطرة كما يبشر حاملي لؤاتها.
ان النظام الاقتصادى الذي طبقه مجموعة الاخوان المسلمين في السودان بعيداً كل البعد عن طبيعة الانسان وطبيعة مجتمعاته فعلي عكس افتراضهم بان ذلك هو المسار الطبيعي للبشرية فكيف اذاً يفسرون التطبيع القسري للقوانين والاعراف المجتمعية السائدة والعمل الدؤوب علي تذويب النسيج الاجتماعي السائد والنظم المجتمعية والقيم الدينية السائدة بمحاربتها مباشرة وبالتقليل من شأنها ومن انجازاتها وبتصغير شخوصها وقادتها وتبديلها بعنف بامساخ وشعارات خاوية لا تعني شيئا.
ليس ذلك وحسب بل انهم شرعوا في تحطيم التاريخ السوداني وتغيير ملامحه وملامح عواصم ومنشآت السودان العتيقة وبتبديلها بالاكاذيب والاشاعات واللاشئ. وراحوا يبدلون المسميات على كل شيء الا أن ذاكرة الشعب تجاهلتهم, أرادوا تغيير اسماء الاحياء بدء بالحي الذي سكن فيه الرئيس (كوبر) الى عمر المختار وسعوا في ذلك بكلما يملكون, ارادوا تغيير اسم مدينة كوستي الى (أم دبيكرات) كي يستغلوا هذا الاسم وتوظيفه لاغراضهم, ورغم الاهميه التاريخيه لذلك الا ان الشعب قاوم ذلك ورفضه في هدؤ فعادت كوبر وكذلك كوستي الى مسمياتهما القديمه وذهب المضللون تطاردهم اللعنات لان التاريخ لايحرف بجرة قلم او خطبة هوجاء
ان المجتمعات التقليدية والتي تكون اغلبية المجتمع السوداني السائد لا تعتمد على نظام اقتصادي منفصل من او مستقل عن حوجة المجموعة بل انه لا يعتمد في الاساس على قوانين الطلب والعرض او قوانين الربح والخسارة ولا يعتمد ايضاً على فصل العامل من عملة او على تسليع العمل وتقيمه براتب بل الراعى والمزارع فى المجتمع التقليدى ينمى ثروته بطرق غير ماليه، فراعى البقر السودانى ينمى ثروته بنمو عدد ابقاره والمزارع بمساحة مزروعاتة وكمية حصادة- لذلك فان ادخال المال فى هذة المعادلة يتطلب تدخل الحكومة لتغيير الوضع بالقوة .
لذلك فان نظام السوق المفتوح غير طبيعي ويتطلب تطبيقة عازل يحمي المجتمع من شراسته وذلك هو دور الحكومة والدولة .
ولكن رافعى رايات اللازي فير يؤمنون بان الدولة ومؤسساتها تتدخل فى تمدد السوق المفتوح وفى حياة المواطن بصورة غير شرعية ولذلك قام الاخوان وبصورة ممنهجة بتحطيم الدولة السودانية وكل اعمدتها مستخدمين فقر وعى الانسان السودانى بانظمة العالم الاقتصادية الحديثة كغطاء لتمرير تجربتهم الاقتصادية القاتلة ولضمان تمرير التجربة، قاموا بعزل المجتمع عالمياً ومحلياً بمحاربة الاعلام واغلاق كل المنافذ الخارجية بما فى ذلك مؤسسات التعليم والجامعات التي تم تعريبها وتغيير مناهجها لعزل اجيال من ثقافات ونفوذ العالم الخارجي بحرمانهم من تعلم اللغة الانجليزية ومن فرص نيل التعليم الجيد الذي يتيح لهم التنافس مع قوي العالم العاملة مع فتح ابواب التعليم العالمى لمنسوبي جبهتهم الخربة. بينما قاموا في نفس الوقت بابتعاث ابناءهم للدراسه في الخارج وقد فعل ذلك وزير التعليم العالي الدكتور ابراهيم احمد عمر.
ان دولة الرعاية وليس نظام اللازي فير ?الشاذ? هي الامتداد الطبيعي لمجتمع الانسان الذي كان يعتمد علي رعاية القبيلة ورجال الدين والدويلات الصغيرة وتنظيمات التعاضد والتكافل المجتمعى التي تعتبر قاعدة وفطرة وطبيعة الانسان.
ان تطبيق الحد الاقصي للازي فير حطم الانسان وحطم المجتمع السوداني. هذا خلافا لسياسة التمكين التي اتبعتها الانقاذ فأفقرت الفقراء بينما أغتنت شريحه بسيطه وهي (تلهف وتلغف) من مواد الاغاثة وتساهيل البنوك وبيع المؤسسات الحكوميه الرابحه باعتبارها خاسرة هذا ما أدى الى التدمير الكامل للقطاع العام والذي تحول فيما بين ليلة وضحاها الى مؤسسات خاصه استثمرها الرئيس وحاشيته وبطانتهم وبعض الاتباع.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..