أن تكون لصاً أفضل لك من أن تكون صحافياً في السودان

فايز الشيخ السليك
في حفل توقيع رواية ” مراكب الخوف”
أن تكون لصاً أفضل لك من أن تكون صحافياً في السودان
أعزائي /عزيزاتي.. رفاق الكلمة، وزملاء المهنة، وأصدقاء الإنسانية
تحية للكم جميعاً على مشاركتكم لي احتفالي بباكورة أعمالي الأدبية، رواية ” مراكب الخوف، وفي البدء أشكر الزملاء بنقابة الصحفيين المصريين الذين خصصوا لنا هذا المنبر، ونتنمى أن تتواصل أواصر الحوار والتعاون ما بين شطري وادي النيل، كما أشكر الأخوة بمكز الخماسين للتنمية الشاملة، الذين اجتهدوا في أن يكون هذا العمل بين أيادينا، وتحية خاصة للصديق مصطفى خولي، والصديق صابر نايل.
وتحية إلى الصديقة أسماء الحسيني/ جسر العبور بين شعوب الوادي، وصاحبة المبادرات الشعبية التي يحفظها لها التاريخ.
ومع الاحتفاظ بالألقاب، أحييكم جميعاً، فرداً فرداً، وصديق وصديقة، أشد اياديكم، يداً يدا.
وبعد ذلك ؛ قد يُطرح سؤالٌ علي شحصي، وهو لماذا الرواية؟. أو لماذا الأدب؟. هو سؤال طرحه كثيرون، من أصدقائي وصديقاتي، و من القراء، الذين يشاركونني هم الكتابة، لأنهم يعرفون جانباً واحداً من شخصيتي، وهو جانب الصحافي السياسي، ولا أزعم بأنني سياسي محترف، إلا أنني أستيطع أن أزعم أني لي موقف، وأدّعي بأنني؛ لا أمارس السياسة بمفهومها التقليدي، لكنني أمارسها عبر التعبير بالكتابة، أكثر من الدخول في منعطفاتها الوعرة، وأعتبرها موقفاً وجودياً، ومصيرياً، ولا أرى قيمة لكاتب، أو صحافي من غير موقف، ولا أرى منطقاً في معنى ” الحياد”.
و” الحياد ” عندي ، موقف ملتبس بين “الخير والشر”، و مرتبك بين” الجمال والقبح”، وهو بالتالي ، موقف متواطئ مع الجلاد ضد الضحية، ومع السجان ضد السجين، ومع القاهر ضد المقهور، وما أكثر المقهورين في بلادي!.
تلك البلاد التي كانت تُوصف بأنّها “أكبر البلدان العربية والأفريقية، لكنها صارت قابلةً للتقزم، بسبب أولئك الأقزام الذين أرادوا تقزيمها، فتناقصت من أطرافها، ففقدت ثلث مساحتها، وذهبت غاباتها الإستوائية، وذهب معها أبنوسها، وعبقها، وصار بعد ذلك أدباء في قامة فرانسيس دينق، والبنت المجنونة ستيلا قايتانو عرضةً في سوق المزادات السياسية، ولعبة التوازنات الداخلية، ليفقد السودان مع غاباته، ونفطه، وجغرافيته أُدباء بقامة الأبنوس، وطعم الأناناس ؛ لأنّ السُلطة الفاشية، والعنصرية في الخرطوم أنتزعت جنسايتهم!، واسمحوا لي هنا أن أناشد كل أدبائنا السودانيين الجنوبيين، وفنانينا في فرق وارباب، وكواتو” قائلاً ” كونوا “سودانيين” مثلما ظل فنانا العظيم، ورمزنا الكبير الراحل محمد وردي. وتمددوا فوق النيل، وحلقوا فوق أشجار نخيل بلادي وأبنوسها، وارفعوا شعار شاعرنا الراحل محمد سالم حميد” وكأس المودة تدور من حلفا لي راجا”، ومثلكم لا يحتاج إلى ورقة، كي تثبت هويته. فما الانتماء!. وما معنى الانتماء!. وهو تساؤل بطل رواية ” مراكب الخوف ” مجدي، حين قرر أن يقذف ببطاقته في جوف النيل حين أحس بالقهر والقمع، وسيطر عليه الاحباط، لكنه حين فعل، وجاء إلى منزله، هتفت اخته باسمه مسرورةً، ليظل الانتماء هو الانتماء، والهوية هي الهوية، دون احتياج إلى صك وطنية، أو أختام سلطان لتثبت هويته!.
و بمناسة أدبائنا وفنانينا في الجنوب، أنوه إلى أن الغابة التي رحلت أشجارها جنوباً؛ في التاسع من يوليو 2011، كانت تلك الغابة تشكل أحد ثنائية أهم المدارس الأدبية السودانية، وهي ” الغابة والصحراء”.
وهي أول أسئلة الهوية، والانتماء، ولا يزال السؤال معلقاً” .
والوطن كله معلق فوق مقصلة التشظي الإسلامية، وتحمله ” مراكب الخوف، وسط دروب وعرة،وبحار لا أمان لها، وأمواج عاتية، ورياح عنيفة، والمراكب مثل الناس، يتحكم الخوف في مجاديفها، وهنا لا أحد يأمن أحد، والمدينة لا تأمن طرقاتها، والطرقات لا تأمن المارة،والمارة لا يأمنون أنفسهم”.
ولذلك كان لا بد من ” الكتابة”، والكتابةُ عندي هي أوكسجين الكائنات الحية، و متنفسي، وهي سلاحي الذي أحارب الظلم به، وقنديلي الذي يقاوم الظلمة، والكلمةُ رصاصتي التي أقاتل بها “أعداء الجمال”، وفرشاتي التي أرسم بها خرائط كوني، وألواني التي بها ألوِّن لوحات حياتي، وبوصلتي التي أحدد بها كينونتي، وموقفي، و وجودي.. ولا أملك غير الكلمات شيئاً، وأجدني أستعير كلمات شاعرنا الكبير، متعه الله بالصحة والعافية محمد مفتاح الفيتوري، ”
آه لو أعرف من أي الأفاق تهب الريح
لكنت سبقت الريح
و كنت نشرت على جنبات الأفق ردائي
من أقصاه إلى أقصاه
لأحجب ريح الحزن القادم عن عينيك
و أنصب عرشك فوق الشمس
و أعزف موسيقاي محباً في ملكوت الله
آه لو أقدر كنت ملأت حديقتنا الجرداء
بالزنبق و الدفلي
و كنت غسلت كآبات الفقراء
من أجلك يا عيني
لكني لا أملك إلا الكلمة في شفتي
أسطرها حينا في الصخر
و حينا أنقشها مثل المجنون على صفحات الماء
وقد مارستُ الكتابة ؛ صحافياً، وكتبتُ في صحف عربية مثل ” الحياة ” و”الشرق الأوسط” اللندنتين، وأسستُ مع رفاق كلمة، صحيفة “أجراس الحرية” التي وُئدت، وهي ليست في حاجة لكي نقول ” ولو الموؤدة سُئلت”؟ لأننا ندري بأي ذنبٍ قُتلت، وذنبها هو محاربتها الاستبداد، ودعوتها للحرية، وموقفها الراسخ من الديمقراطية, والكتابة الصحفية في السودان هي ” مثل السير وسط حقول ألغام، وكثيراً ما أقول “إن تكون لصاً فهو أفضل لك أحياناً من أن تكون صحافياً في دولة المؤتمر الوطني، اذا ما ذهبت إلى محكمة، أو فُتح بلاغ في مواجهتك في قضية نشر، فاللِّص يُحاكم بقانونٍ واحد، وهو القانون الجنائي، وغالباً ما تكون التُّهم موجهة ضدك تستند على مادة واحدة من مواد القانون، أو ربما مادتين، أو حتى ثلاث، إلا أنَ الصحافي يُحاكم ببضع قوانين، ابتداءً من قانون الصحافة والمطبوعات، واستدعاءات المجلس المهتم “بتسوير ” المهنة، أكثر من ” تطويرها”، مروراً بالقانون الجنائي لسنة 1991، وحتى محاولات اتحاد الصحافيين “لضبط سلوك الصحافيين”، وهناك مجموعة من المواد الجاهزة، والتي نحمد للمحاكم أن حولتنا إلى قانونيين، نحفظ المواد، ونعرف أي المواد ستفتح امامك في حالة هذا الخبر، أو ذاك المقال، ومنها ” تقويض النظام الدستوري” و” اثارة الفتنة والكراهية”، وانتقاص هيبة الدولة، و”وربما “التجسس” !، وعقوبة الاتهام بهذه المواد – وهي تدخل في تعريف ” الجرائم الموجهة ضد الدولة”- تصل حكم الاعدام، أو السجن لسنوات ومصادرة “الممتلكات” ، لو كان للصحافي مثلنا ممتلكات، غير سيارات ” مرهونة للبنوك” برغم طول مدة عملنا في مهنة المتاعب، وهنا ” المادة 66″ والمتعلقة بانتقاص هيبة الدولة” وعقوبتها السجن لمدة ستة أشهر أو الغرامة، أو العقوبتين معاً، وهناك مادة نشر أخبار كاذبة، أو “الكذب الضار واشانة السمعة” وهي المادة 159″ وعقوبتها السجن لمدة شهر، أو الغرامة، أو العقوبتين معاً.
وحالنا ” حال من يمشي في طريق ” مزروع بالالغام”، و” ندرك تماماً “أن جوبلز” يمشي بيننا، وأن المشروع الحضاري لا يعدو سوى أُكذوبة كبرى، وأنّ الكتابة في مثل هذه الظروف ، وفوق صفحات الصحف ” هي ” مغامرة”، أو “رقص على السلالم”، أو مشي ” فوق الحبال”، هذا أن أردنا كتابة من أجل الوطن، ومن أجل الناس العاديين، ومن أجل الحفاظ على ما تبقى من تراب البلد، إلا أن عزاءنا أن ” الفضاء أوسع من أن يتحكم أحد فيه، وأن العالم كل صار قرية كونية صغيرة، ما يحصل هنا، سيعرفه الجميع، وأن القيود لن تجدي.
وبهذه المناسبة، وأمام جمعكم الكريم هذا، وأنا أدشن روايتي الأولى، ومن داخل نقابة اتحاد الصحفيين المصريين، أدعو الجميع للتضامن مع زميلنا الصحافي الكبير الأستاذ فيصل محمد صالح، رهين سجن النظام الاستبدادي في الخرطوم، وأناشد زملاء الكلمة في نقابة الصحفيين المصريين، في مصر الثورة، أن يلتفوا ، ولو قليلاً نحو الجنوب، للوقوف على حال الكتابة والصحافيين في السودان، حيث أغلقت السلطات خلال ثمانية أشهر حوالى عشر صحف، وعرضت العاملين بها للتشريد، وضمتهم إلى جيوش العطالة، كما تتعرض الصحف يومياً إلى المصادرة من المطبعة، ولا بد من تحية خاصة للزملاء في جريدة “الميدان” والتي تتعرض للعقاب اليومي، مثلما يعاقب الصحافيون بقوانين الأمن الوطني، والقانون الجنائي “الشريعة الاسلامية” إلى الحبس، والغرامات المالية، وقد تعرض أكثر من خمسة صحافيين إلى السجن، مثلما عوقب أكثر منهم خلال عام واحد بالغرامة المالية.
هذا هو واقع الصحافة، وهذه هي صورة الكتابة الصحفية في السودان.!.
وتحية خاصة للمبادرين في الصحافة الالكترونية، وعلى رأسهم أستاذنا الحاج وراق في صحيفة “حريات” وطارق الجزولي في صحيفة سودانايل، أول صحيفة الكترونية، وبكري أبو بكر ” سودانيز أونلاين” والأساتذة في صحيفة ” الراكوبة”. فهي منابر فسيحة، وعصافير تحلق بعيداً عن أسوار سجون الرقابة والسلطة. حيث الخرطوم، وعلى لسان بطل روايتنا “مراكب الخوف” الصحافي مجدي الذي يقول ساعة قهر” كان السجن أسوداً، لكنه كان أفضل من شحوب المدينة.
– وراء القضبان تلمس أسوارك, لكن هنا الأسوار تنبت في دواخلك, تتسلقك كما اللبلاب, تنسج خيوطها العنكبوتية, وحين تصعد صوب عينيك تحتويك هواجسا وغربة ولزوجة.
هذا هو النهر. وهذا أنت.. عدتَ من سجن صغير الى سجنٍ
أكبر. عدتَ الى عالمٍ لم تعد تعرفه.. وتريزا هل رحلت الى عالمٍ مجهول؟. وسوزان ؟.. هل كنت مسؤولاً عن فجيعتها.؟. لم تكن أنت المسيح الجديد رغم تلبسك لباسه!. وهى لم تكن المجدلية ليقذفها بالحجارة من هم بلا خطايا ، لكنك تريد أن تصلب نفسك اليوم فوق صليب التاريخ، أو كي تلتبس الأشياء ، ما بين قتلوك ، أو صلبوك، أو شُبه لهم. وطعنة الفؤاد تلك.؟.ماذا لو جاءت تقول لك لقد ضللنا الطريق ؟.. القلب كهلٌ، ملئُ بالثقوب،واللّيلُ داج والبحرُ ساج، والضفافُ كذِب، والمراكبُ خوف..
ولذلك؛ كانت “الرواية ” هي احدى ملاذاتنا الآمنة، ولا أذيع سراً؛ إذا ما قلت ” هذه الرواية كتبت في الفترة من عام 1999، حتى عام 2003، بالعاصمة الإريترية اسمرا، ونسيتها بعد ذلك، لكنني ، وأنا أشعر بضيق شديد، ومساحة حرية هي أضيق من خرم إبرة، تذكرت أنني كتبت رواية، وكنت أحياناً كثيرة انسى هذه الرواية؛ في سياق الملاحقات الخبرية، والكتابة اليومية، والأعباء الإدارية، وما أكثرها من أعباء، تختلط فيها الصحافة، والأمن، والسمسرة، حين خطط القراصنة لاختطاف مشروعنا الكبير، وحلمنا الفسيح. تذكرتُ الرواية، فقرأتُها، ووجدتُها تشبه واقعنا، وفكرتُ في المشاركة بها في مسابقة في السودان؛ لكن تاريخ التقديم مضى، وأنا معلق ما بين السماء والأرض، وما بين الطائرات، ومهابطها في الخرطوم، واسمرا، ونيروبي ، وجوبا، إلا أنني لم أندم على انقضاء الوقت المحدد للتقديم، فقررتُ المغامرة بنشرها، لكن لو كانت هناك حسنة، فهي اضافة بعض تفاصيل الشخوص، والزمن الخاص والعام للأبطال، دون أن أغير من مجرى الأحداث، أو أضيف شخصاً، أو أنقص؛ مع أنني كنت في حسرة، لأن هناك الكثير من الأشياء، والناس، والرؤى، التي قد تضيف، أو تفيد؛ إلا أنني عزمت على تركها كما كانت كنوع من التحدي لنفسي، ولأنني لو اضفتُ، وعدلتُ لما انتهيتُ، ولكتبتُ كل يومٍ روايةً مُختلفة، ولذلك تركتُ هذه النسخة التي بين يديكم، كما هي، بكل عوامل قوتها، وضعفها، فنياً أو شكلياً، وقلتُ “لماذا لا أترك نفسي كما كنتُ قبل تسعة أعوام؟.! ولو هناك ثمة خبرات، أو رؤى علي الاحتفاظ بها لنصٍ آخر، قد يكون أكثر نضجاً، أو عمقاً، شكلاً، ومضموناً، وبالمناسبة كلما قرأت هذا النص، أشعر بأن ثمة فراغات كان علي ملؤها لكنني رفضتُ ذلك.
لكن ؛ أرجو أن لا تعتقدوا أن اللجوء نحو الرواية يعني توفر شروط الإبداع، وأهم هذه الشروط هو الحرية، فلا الصحافة حرة، ومستقلة، ولا مساحة لأي تفكير ، أو كتابة، ويكفي أن هناك كتب محظورة من الدخول والتوزيع في السودان؛ مثل كتاب الحركة الإسلامية دائرة الضوء.. خيوط الظلام” للصديق الذي يجلس بيننا وهو الأستاذ محبوب عبد السلام، ويعض كتب الدكتور حيدر أبراهيم عن التجربة الأسلامية بما في ذلك مراجعات الإسلاميين، وكتاب ” الخندق” للصحافي فتحي الضوء، ورواية ” الجنقو مسامير الأرض” للأديب عبد العزيز بركة ساكن.
فالحظر طال كل شيئ/ وحتى لجان النصوص الفنية رفضت هذا الأسبوع اجازة قصائد شعرية لشعراء معروفين في السودان.
هذه هي شروطنا التي نتحرك عبرها ككُتاب سودانيين، وهذه هي ظروفنا التي تجعلنا أحياناً نتواطأ مع ” الحد الأدنى” مما نسميه ” هامش حريات” يعطوننا له مثل “هبة” ، وحتى هذه “الهبة” تكون محروسة ببنادق تقاتل الكلمة، وتعجز عن الدفاع عن تراب الوطن، ورقابة تراقب الصحافيين، وتتدعي بأنها ترصد دبيب النمل فوق الصخر، بل وما يخفي في الصدور، إلا أنها تفشل في رصد طائرات تغتصب الأجواء السودانية بكل يسر، فهي طائرات، لا طير أبابيل، فتقذف هذه الطائرات أهدافها وتعود بعد ذلك إلى قواعدها سالمة” فتوجه الضربات نحو الصحافة، والكتابة والكتاب، وكما نقول في شعرنا الموروث” طيارة جات بي فوق جات تضرب الخرطوم، ضربت حمار كلتوم ست اللبن يا ناس”، ومسكينة ست اللبن، ومساكين كتاب بلادي.!
وفي كل هذه السياقات فكرت أن أكتب، وأن أعبر عن جيلي، وأجيال تالية، وأن أنقل صورتها، التي تتراوح ما بين الانكسار والثورة، وما بين التشويه، والتطلع نحو فضاءات جمالية، وما بين القيود ، ونزعات التمرد، والتغيير، والثورة، وفكانت هذه المراكب الخائفة، تعبيراً عن حالة احباط وجمود، إلا أن في آخر النفق نبصر ضوءً، وهو ضوء سوف ينير دروب المتعبين، والمهمشين، وما أكثر المهمشين في بلادي..
لكم تقديري ومبحتي
فايز الشيخ السليك
القاهرة 11 مايو 2012
إنشاء الله أمر الله أتي على دجالين الموتمر الوثني الذين أحلوا الحرام و حرموا الحلال و أصبح لهم فرعون
فرعون و عمر البشير الفرعون و القاسم المشترك بينهما
استراتيجية حكم فرعون حيث و عمر البشير
1/ سياسة فرق تسد و الأية من القران
في بداية الأمر يخبرنا القرآن الكريم عن استراتيجية حكم فرعون حيث يقول ?إنَّ فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعًا، يستضعف طائفة منهم.. (القصص)? وهذا الأسلوب (جعل أهلها شيعًا / فرق تسد) هو من أهم أساليب تثبيت دعائم السلطة ونظام العلاقات داخلها وخارجها. وإلى جانب هذا (العلو)
2/ الطغيان و الأية من القران
فهناك معالم أخرى لحكم فرعون ممثلا لجميع الأنظمة التسلطية، وهي الطغيان والعناد والاستكبار، حيث قال تعالى
?إنَّه طغى (طه)? ?واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق (القصص)? إلى غيرها من الآيات التي تؤكد هذا المعنى الجلي، وهذا بطبيعة الحال ليس بغريب أن يطغى على طبيعة علاقة هذا النظام بمحيطه الخارجي فهو نظام ذاتي سلطوي.
3/ تحويل الصراع إلى مسار ذاتي، ليظفر به الأقوى جاهاً والأكثر سلطة، وذلك عبر الحديث عن الفضائل والإنجازات أمام هذا المفضول.
اعطيناهم بلد كاملة مع بترولها و لكن ما بفهمو و كلام من هذا القبيل و الحشرات
عليه وحديثه عن فضائله التي أسداها له قائلا ?ألم نربك فينا وليدًا ولبثت فينا من عمرك سنين (الشعراء)?
وحين لا تنفع السخرية ولا تجدي يرتفع مستوى التصعيد إلى التخويف والتشكيك حيث ?قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ?
فرأى أنَّ أفضل وسيلة هي التهديد المباشر بالسجن -وغير المباشر بالتخويف منه واستخدام الآلة الإعلامية ضده -.
التخوف من تغير النظام
4/وبعد ذلك يقوم المحيطين بالمستبد من حاشيته والمستفيدين من أنظمة العلاقات الداخلية بالمال والمناصب، بضمان استقرار مكتسباتهم وميزاتهم، حيث يحرضونه قائلين
?أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك (الأعراف و كان رد فرعون
فردَّ عليهم ?سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون (الأعراف)
القتل التشريد الإغتصاب و التعذيب التجويع و …..
5/ المصير عند الله للظالمين
هكذا يُصَوِّرُ فرعون وجنوده ? أو يتصور ? الموقف بينهم وبين الحق ورسالة موسى، حيث يصف على الدوام ويرى نفسه بأنه هو القاهر والأقوى، بالإضافة إلى استكبارهم في الأرض بقوتهم ونظامهم وسلطتهم. وفي حقيقة الأمر هذا موقف محوري من مواقف العبرة والاتعاظ، فكل شيء طبيعته إلى الزوال. فكم حاله معبر من يكون في فترة معينة حديث الجميع، ثم بعد مدة بسيطة جدًا في نظر التاريخ لايبقى من كل هذا الحديث شيءٌ سوى العظة والعبرة والتدبر في هذا الزيف والكفر بالنعمة حينما وضعت في غير موضعها. الناس داخل هذا النظام السلطوي لايستشعرون كم هي سريعة حركة التاريخ وكم هو قريب جدًا هذا السقوط لأنهم يرون حولهم قوة لا تضاهى، ولكن سنن التاريخ لا تستثني أحدًا. ولو تأملنا، فكثير من قصص القرآن تدور حول تفسير هذا الانحدار والتحول.
6/ ثم يعلن فرعون حملة تضليل إعلامية واسعة على الشعب مع ملاحقة أمنية واسعة لهؤلاء المتآمرين بحد قوله
?فأرسل فرعون في المدائن حاشرين (الشعراء)? تحت شعار ?إنَّ هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون (الشعراء)
7/ تحقير الشعب ( الحشرات …. الحشره الشعبية …. الخونة و المارقين
وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد (غافر)
وهكذا يستمر فرعون في تحقير شعبه وازدرائه لهم ولعقولهم، حيث يحدثهم عن حمايتهم من المخربين والمفسدين
ففرعون يبرر أفعاله بأنه يخشى من اختلال الأمن أو تغير الأفكار وهاتان الحجتان في حقيقة الأمر ليست سوى حجتا جميع الأنظمة السلطوية لتبرر بها مجازرها الأمنية ضد قطاعات من الشعب في دار فور جنوب كردفان و النيل الأزرق (أمة بني إسرائيل) ليحصل بها على أرضية للتأييد والدعم.
8/ ويعلن فرعون على الملأ عن قانون السلطة الذاتية الخالد قائلا .. الزرعنا غير الله يقلعنا .. الحس كوعكم ..
ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد (غافر
فلا رأي فوق رأي فرعون، لماذا؟ لأن رأيه سديد دومًا وأبدًا، ولايمكن أن يخطئ أو يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه. فحينما يقول، فكلامه الحق، وحينما يختار فاختياره الصواب. وأي خروج عن هذا الرأي يعتبر مؤامرة وانتهاكًا أمنيًا وتحركًا مشبوهًا يستحق به أعلى درجات العقوبة.
9/ واستمر فرعون في إعلان استعباده للناس وملكيته لهم مناديًا فيهم
قوم أليس لي ملك مصر؟ وهذه الأنهار تجري من تحتي؟ أفلا تبصرون (الزخرف)
هنا يتوقف القرآن وقفة مهمة في بيان سر آخر من أسرار العلاقة والخضوع لهذا النظام السلطوي الداخل، حيث يقول ?فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قومًا فاسقين (الزخرف)
10/ فرعون و جنوده
، فالوزر لا يمكن أن يتحمله فرعون فقط، بل إن الأفراد -والشعب- يتحملون مسؤولية كبيرة باستخفافهم وخضوعهم وتحييدهم للأسئلة العقلانية حول ما كان يفعله فرعون بهم، وكأنَّ خفة عقولهم وخضوعهم التام ثمن لحيازة المناصب والمال والاستفادة من هذا النظام السلطوي القائم، فلذلك حُق عليهم وصف الفسوق، وحق عليهم الغرق كذلك.
خاتمة
هذا دراسة سلوك أي جماعة سلطوية ذاتية هو عبارة عن دراسة في كل الجماعات كظاهرة واحدة لا ظواهر متفرقة، فالملامح التي نجدها في جماعة ما ولا نجدها في الأخرى لا يعني أن الجماعة الأخرى بريئة منها، بل هو ملمح كامن في خطابها وينقصه اللحظة المناسبة لا أكثر. وبهذا تتأكد أهمية بذل الجهود الحثيثة في الحفر في خطابات الجماعات السلطوية وبذل الجهد في تشريحها ونقدها لتمهد الطريق إلى نظريات أكثر صلة بالواقع.
الفرعون و آل فرعون
ثلاثة ملامح من العلاقات في الجماعات السلطوية، علاقة الذات بالجماعة، وعلاقة الجماعة بالتراث والمعرفة عمومًا، وأخيرًا علاقة الجماعة بالمحيط. فعلاقة الذات بالجماعة هي علاقة فخر وحماية للجماعة لتحقيق منجز ذاتي، وعلاقة الجماعة بتراثها وبالمعرفة من حولها هي علاقة تهميش وانتقاء متحيز لتعزيز المُدرك الذي يميز الجماعة، وأخيرًا علاقة الجماعة بمحيطها الخارجي هي علاقة تمايز واستعلاء لتعزيز السلطة والفخر.
لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا . و أمر الله قادم لا محال و مصير الطغاء معروف و اصبحوا أمثال على مدار التاريخ البشري
و لكن لا يتعلمون و لا يتعظون .. و يقول الله تعالى …و أملي لهم إن كيدي متين»:
وقوله : ( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) يقول جل ثناؤه : سنكيدهم من حيث لا يعلمون ، وذلك بأن يمتعهم بمتاع الدنيا حتى يظنوا أنهم متعوا به بخير لهم عند الله ، فيتمادوا في طغيانهم ، ثم يأخذهم بغتة وهم لا يشعرون .
وقوله : ( وأملي لهم إن كيدي متين ) يقول تعالى ذكره : وأنسأ في آجالهم [ ص: 562 ] ملاوة من الزمان ، وذلك برهة من الدهر على كفرهم وتمردهم على الله لتتكامل حجج الله عليهم ( إن كيدي متين ) يقول : إن كيدي بأهل الكفر قوي شديد .
الأيام دول و .. لكل أجل كتاب.. ( فإن مع العسر يسرا ( 5 ) إن مع العسر يسرا ( 6 ) ) انها سنة الله في خلقه
وقال الحسن لما نزلت هذه الآية قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” أبشروا ، قد جاءكم اليسر ، لن يغلب [ ص: 465 ] عسر يسرين ” .
قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : لو كان العسر في جحر لطلبه اليسر حتى يدخل ، إنه لن يغلب عسر يسرين .
دعــــوة للقراء والمعلقين
دعــــوة للقراء والمعلقين
دعــــوة للقراء والمعلقين
———————————-
دعــــــــوة لقراء ومعلقي الراكوبة لقراءة تعليق الأخ الأستاذ ( sudanniii ) تعليق جميل جدا وواقعي يخبرنا الحقيقة التي يعيشها البشير وأعوانه وإلى أي مرحلة من الطغيان والتجبر وصلوا إليها ، تماما كما كان حال فرعون مأعوانه .
————————————————————————————-
لاتكن لصا ولا عميلا وكن صحفيا فى السودان والجنوب ذهب بمحض ارادته وممارسة حضارية لو يفهمون ولوكان انفصال الشيك والسلفاك بين طرفين لم يكن بينهم حروب حضاريا فالاولا ان يكون بين من حاربوا طول حياتهم اكثر حضارة لكن الذين حاربو كل تلك السنوات لم يكونوا يعلمون لم يحاربون الا من الوهم ولا اعتقد ان الذى بقى لاصلاح حالهم غير العلاج النفسى لاوهامهم وتلك هو واقع الحال
للمعلق سودانيييييييييييييييييييي
لك التحية والتجلةوالاحترام
تعليقك عبارة عن دراسة تحليلية الحجةبالحجة والمقارنةوالمقاربة الموفقة وفقكالله دنيا وآخرة حيث أثبت وبالايات البينات أن لافرق بين فرعون وفرعون فالكل تفرعنواستبد وطغى في الارض وكما قيل لا يفل الحديد إلا الحديد فالمشروع الحضاري الذي إتكأ على الاسلام والاسلام منه براء براءة الذئب من دم ابن يعقوب قد رددت عليه بما هو يتكئ عليهبالقرآن والايات الكريمات لك ودي
التحية لك ايها الاديب السليك واخلص التحايا الي مراكب الخوف واجمل وارق تحية الي شعبنا البطل والموت والهوان والضعف والانكسارالي القراصنة والخونة اعداءالبلد والمواطنين الذين فتتو الوطن وجعلوة عرضة للتشظي كما اصابهم هذا التشظي وجعلهم منهذمين في وجة الجنوب وجنوبي الازرق وكردفان وانشاء اللة سوف نقلعهم من جذورهم ونرميهم كوبر ولاهاي
واقيف احتراما وتواضعا لكم اصحاب الاقلام الحرة والنزية والشرفاء واخص بالتحية والتضامن الاستاذين حيد المكاشفي والاستاذ/ فيصل محمدصالح
ما قام به الشعب السوداني حتى الأن يعتبر ضعيف و سلبي جدا بخصوص الإصلاح في السودان
ما قام به الشعب السوداني حتى الأن يعتبر ضعيف و سلبي جدا بخصوص الإصلاح في السودان
ما قام به الشعب السوداني حتى الأن يعتبر ضعيف و سلبي جدا بخصوص الإصلاح في السودان
زمان كان ما بيعيب الراجل الا السرقه والخيابه حسى ما شاء الله عندنا اكتفاء ذاتى منهم الاثنين
الاخ فائز نحن فى انتظار النسخ التى وعدت بارسالها لنا فى السعودية وبها توقيعاتك _ وشكرا على المقال
ههههههههههههههههه… كاركتير يصور الحاصل بالظبط
الكاركتير كان اعمق مقال لوصف وتشخيص الحالة الراهنة
شكرا السليك على المقاول والرواية
دا الحمار البياكل لنا في الراكوبة كلو يوم الله اكبر علي
انظروا الى الكاريكاتير0 هل يستطيع الشعب ان يتوقف عن اطعام النظام رغم هزاله الشديد؟ انا اعتقد اذا توقف عن اطعام النظام سوف ياخد رصعة قوية توديه فى خبر كان0 لذلك على الشعب السودانى ان يتبخر تدريجيا خير له من ان يروح فيها فى رصعةواحدة قوية0
رجوع للكاريكاير مرة اخرى0
الحكومة للشعب:والله تدينى الكمشة دى فاضية الا اكل ايدك اللذى المسواك دى
رجوع للكاريكاتير:
الحكومة للشعب:اسكت وهات الكمشة عامل شكلك زى الطابور الخامس
التحية لصاحب الكاركاتير ونقول ليهو ابدعت …فعلا نظام الانقاذ عايش على الفقراء في حالات السلم وفي النفرات المفتعلة من اجل جمع التبرعات من المعدمين لاستعادة قواه المنهار …هل خطر في بالكم دولة بهيبتها وكيانها تعجز في اقامة عيدها الوطني وتلجأ الى طريقة [الكورة ]لاحياء اسمى ذكرى …ماذا ينتظر المواطن من دولة فاشلة ومدمنة على الفشل …لكن انا لا الوم الدولة بقدر ما الوم المواطن السوداني الذى لا زال يغض في سباته العميق ويصدق خطابات الانقاذ الذى ما زال يكذب ويتحرى الكذب عليه ويحاول التخلص منه نهائيا في جبهات القتال المفتعلة ..فشلت من توفير العيش الكريم له في الدنيا فوعدوه بالجنة وهم يستمتعون بكل ما لذ وطاب من خيرات الدنيا هم وابناؤهم في المنتجعات السياحية في اندونيسيا وماليزيا باموال الشعب …الشعب الغبي يظل دمية في ايدي الطغاة والمستبدين ؟؟؟؟
طيب باشر العمل من بكرة