المطلوب خريطة طريق وطنية

بقلم / حامد إبراهيم حامد :
ماذا بعدما أصدر مجلس الأمن بالإجماع في الثاني من مايو الحالي قرارا يطالب فيه الجانبين في الخرطوم وجوبا بالوقف الفوري للقتال بين السودان وجنوب السودان والذي تم بناءً على طلب أفريقي؟، هل نواجه هذا الواقع الجديد بخريطة طريق وطنية أم أن الأمر لايزال ثنائيا بين الجنوب كدولة وحزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان كحزب وليس السودان كدولة؟.
من الواضح أن مجلس الأمن وبدعم أفريقي قد أدخل الجانبين في السودانيْن في نفق مظلم، أما التعامل الجاد مع قراراته وهذا يعني الامتثال لكل البنود الـ 11 والدخول في تنفيذها فورا قبل انقضاء مهلة الثلاثة أشهر وإما المواجهة، وهذه قد تقود إلى مصير مظلم الجميع في غنى عنها ولذلك كانت وزارة الخارجية واضحة في قبولها بالقرارات وكان سفير السودان الجديد لدى دولة الجنوب والنافذ بالحزب الحاكم الدكتور مطرق صديق واضحا عندما طلب من الصحافة إعانة الحكومة في المفاوضات بدلا من الهجوم عليها وبوضع السيف في مكانه وطالب بالنظر لمبتغى قرار مجلس الأمن وليس توقيته، لأن الخيار هو السلام رغم كل المطبات والقنابل والدخان.
هذا الموقف الذي اتخذته وزارة الخارجية والسفير مطرف الصديق ينبغي أن توضع له خارطة طريق وطنية واضحة، تعبر عن كل السودان بجميع مكوناته وهذا لم يتم إلا بمراجعة الحزب الحاكم لمجمل مواقفه بشأن المفاوضات مع الجنوب وبشأن جميع القضايا المتصلة بالشأن الوطني، فليس من المعقول ولا المقبول أن يتم التفاوض بشأن القضايا الخلافية بين السودان كدولة والجنوب كدولة عبر الحزب الحاكم فقط رغم وجود شركاء في الحكومة، وليس من المقبول أن يتم التفاوض على أساس الوفد الذي يمثل المؤتمر الوطني فقط والآخرون من الشركاء مجرد متفرجين داعمين بالبيانات وقت اللزوم.
لماذا لا يتم تشكيل فريق وطني من كل الأحزاب ليس المشاركة بالحكومة فقط وإنما حتى أحزاب المعارضة وشخصيات وطنية يضع خريطة طريق تحل جميع الأزمات ومن بينها الأزمة مع الجنوب الدولة الجديدة، لماذا لا تتم الاستعانة بالصادق المهدي والدكتور الترابي وقادة الحزب الشيوعي السوداني؟ وحتى رجال الطرق الصوفية وقادة الإدارة الأهلية؟
لقد رتبت الجنوب كدولة نفسها وشاركت في صنع القرار الدولي وفوتت الفرصة على الشمال وأصبحت هي الضحية بدلا من المتعدي، ولم تقف عند هذا الحد بل أجازت خريطة للدولة الجديدة تضم مناطق شمالية ومناطق متنازع عليها لفرض الأمر الواقع واستباق المفاوضات القادمة التي رتبت نفسها لها والخرطوم لاتزال منقسمة ما بين ساخط على القرارات الدولية ورافض لها ومابين من يدعو علنا لإسقاط حكومة الجنوب ومابين البرلمان الذي يعمل على تمرير قوانين رفضتها حتى وزارتا العدل والداخلية ووزارة الخارجية في حيرة من أمرها، فهي تعي أهمية الظرف وتطالب بالإعانة من الآخرين من أهل القرار بالسكوت كأضعف الإيمان.
فالجنوب تجاوبت مع القرارات الدولية بطريقتها الخاصة وقررت أن تضع الجميع بمن فيهم السودانيون أمام الأمر الواقع بخصوص الحدود الجديدة ولكن من يقنع النافذين في الخرطوم بأن الأمر هذه المرة مختلف وأن القرار الدولي الجديد المدعوم أفريقيا بمثابة الشرك والفخ من حيث التوقيت الزماني والمكاني، وإنه لا مكان لمفاوضات المماحكة والمطاولة وأن الأمر قد حسم بمهلة زمنية قدرها ثلاثة أشهر فقط وإلا الدخول في مرحلة فرض الأمر الواقع وهو بلاشك لن يكون في صالح السودان الذي سيجد نفسه وحيدا أمام أشقاء الأمس من الأفارقة في مواجهة المجتمع الدولي والصمت العربي.
فخريطة الطريق التي وضعها مجلس الأمن لدولتي السودان شمالا وجنوبا أمر لا يقبل القسمة إلا على اثنين إما تنفيذها وإما المواجهة والجنوبيون رغم أن مجلس الأمن والمجتمع الدولي قد أدانهم باحتلال هجليج قد امتصوا الغضب الدولي وامتلكوا زمام المبادرة مرة أخرى بسبب عدم وضوح مواقف الخرطوم، فهي مرة مع قبول القرارات الدولية ومرة أخرى مع التقليل منها والتهديد بعدم الرضوخ لها، رغم أنها حزمة واحدة لاتتجزأ إما قبولها وإما رفضها والغرب يريد من الخرطوم أن ترفضها لأنه وضع البديل الجاهز في حالة الرفض.
فما دامت وزارة الخارجية التي تمثل الدبلوماسية السودانية أعلنت قبولها بالقرارات فيجب أن يكون هذا هو الموقف الرسمي بحيث يمنع أي مواقف أخرى تعارض الموقف الرسمي للدولة، فمن غير المقبول أن تتولى جهات أخرى من خارج الحكومة تسويق مواقف رافضة للقرارات الدولية وترهيب كل من يدعمها وهي تعلم أنه لا مخرج للسودان هذه المرة إلا بقبول وتنفيذ هذه القرارات، فكيف يسمح لمنبر لا حكومي ولا يمثل الحزب الحاكم أن يقدح في مصداقية الذين قبلوا بالقرار؟.
إن سياسة دفن الرؤوس في الرمال لن تنفع وإن وقتها قد فات وإن المطلوب المواجهة ليس مع الجنوب كدولة وإنما مع النفس أولا، ومراجعة جميع المواقف السابقة التي قادت إلى هذا الواقع، فالمفاوضات هذه المرة لن تكون كالمرات السابقة لأنها مبنية على خريطة طريق دولية مدعوما أفريقيا وهذا يعني أن تامبو امبيكي الذي ينظر إليه كصديق لن يكون صديقا لأنه هو نفسه مقيد بزمن وبتوجهات ملزمة والجنوب كدولة أدرك هذا الموقف جيدا ورتب أمره بقرارات تدعم مواقفها المدعومة أصلا غربيا وأفريقيا.
فالقرارات الدولية الجديدة لم تتناول الأزمة مع الجنوب فقط وإنما أزمة جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان بدعمها المباشر والواضح لاتفاقية نافع- عقار وهذا يعني أن الحكومة السودانية ستجد نفسها في موقف جديد يجب أن تضع ألف حساب له وترتب أمرها وأن إعلان رفضها فتح باب التفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال سيدخلها في أزمة جديدة مع المجتمع الدولي الذي يريد وضع حد لجميع أزمات السودان في سلة واحدة، ولذلك فليس أمام الحزب الحاكم وليس الحكومة إلا وضع خريطة طريق تشرك بموجبها الجميع في مواجهة المجتمع الدولي.
إن المطلوب الاستفادة من دروس الماضي وعبرها والتي قادت إلى هذا الواقع فالقضية ليست مكسبا حزبيا ولا ينبغي أن تكون كذلك وإنما تتعلق بالسودان كدولة، فالجنوب الوليدة ضمت أراضي سودانية في خريطتها الرسمية الجديدة واستفادت من خلافات الداخل السوداني واستئثار الحزب الحاكم بالأمور، فإذا لم يضع قادة الحزب الحاكم الاعتبار للآخرين من قادة الأحزاب بالداخل وتشركهم في القضية فإن الأمر سيخرج من يده ويمنح الجنوب الفرصة لفرض الأمر الواقع بضم أبيي ومناطق أخرى رسميا للدولة الجديدة، لأن الجميع يدرك أن المفاوض السوداني لم يكن في السابق بالمستوى المطلوب من الخبرة والدراية وربما التفويض حيث كان الحزب الحاكم ظن أن الأمر شراكة في الحكم فقط ولم يدرس عواقب هذه الشراكة التي قادت إلى هذا الواقع والذي نتج عن التدويل بسبب الفشل في تطبيق مستحقات الشراكة الثنائية التي فصلت السودان إلى شمال وجنوب.
فهل يعي الحزب الحاكم الدرس هذه المرة ويدرك أن خريطة الطريق الدولية تحتاج إلى خريطة طريق وطنية واضحة المعالم للحفاظ على باقي السودان الذي بدأت دولة الجنوب الوليدة تطمع في ضم أجزاء منه إليها وربما بدعم دولي وأفريقي؟.
كاتب سوداني
الراية
No
هذا هو الأذان في مالطة، هذا الحكومة لا خير يرجي من ورائها، واصحابها اصابهم الغرور وبطروا بأموال الشعب المنهوبة، فبدل هذه النصائح من المفيد التفكير في وسائل الكنس!
ايها الكاتب والله انك حالم يا راجل ديل الناس المعاهم بيطردوا فيهم عاوزهم يدخلوا ناس جدد الموضوع انو الكيكة بقت صغيرة وقسمتها غير ممكنة خلينا نتشاكل فيها كدة عشان تتفتفت في الارض وياكلها النمل … اهو النمل بيسبح بحمد الله برضوا قال جمع الصف ..انا عن نفسي لا اثق في الاسلامين بالمرة خلاص 23 سنة تعلم الحجر خليك من الانسان