أخبار السودان

ود أم بعلّو ..

لا أحد يعرف علي وجه التحديد من هي السيدة التي يطلق عليها لقب (أم بعلّو)،وبالتأكيد لا يعرف شأن ابنها المسمّي (ود أم بعلو)،لكنه فيما يبدو شخصية مخيفة،شبح أو عفريت أو قاطع طريق. لأن الطفل الباكي يسكت عندما يقال له (داااك ود أم بعلو)،والكبار أيضاً يخافون منه،ولو كانوا مدججين بالسلاح .
وبعيداً عن ود ام بعلو يحتفي السدنة والتنابلة بالإنتخابات المضروبة القادمة،ويغنون لمفوضيتها(أسألوه إذا تبسم واتركوه إذا تألم)،وينفقون الأموال عليها دون حساب،ويهددون المعارضة بالقول(إما الإنتخابات أو لاقونا في الميدان)ويقصدون ميدان المعارك.
أما سر هذا الإحتفاء والانبساط بالتي تسمي الانتخابات،فلأنها تضمن لهم خمس سنوات من النهب المتواصل،وشعارهم(ملك الملوك إذا وهب لا تسأل عن السبب)،فالقاعد في كرسي مدير عام أي مؤسسة،تضمن له الانتخابات 60 شهراً من (السف واللغف)دون أن يخشي كائناً من كان،وحرامية الأراضي أمامهم سنوات طوال من الرشاوي والعمولات التي يجنونها من حكاية الاستثمارات الأجنبية في مجال الزراعة،وقصص تغيير الغرض من زراعي إلي سكني،والمزادات المقفولة حصرياً عليهم،والمخططات السكنية التي تقوم علي أراضي الفقراء الذين يطردهم البلدوزر.
والمتطلعين للوزارة والمناصب الدستورية أمامهم 60 شهر من السفر علي حساب المال العام،ودولارات وجنيهات استرلينية تهبط علي حساباتهم طالما كانوا أعضاء مجلس إدارة في (100 حتة)،ورشوات في شكل هدايا تأتيهم من سدنة آخرين لتسهيل أمورهم،وصفقات تعقد تحت جنح الظلام عالية (الكوميشن).
أما القابعون تحت(نقّاطة)البترول فالانتخابات المضروبة هي قمة المأمول،طالما كانت إتفاقيات البترول سرية،ورسوم العبور سرية،وتكاليف التكرير سرية،وحسابات بيع المواد البترولية سرية،واحتفالاتهم في الكازينوهات النيلية تحت شعار(نحرق الجازولين يالبابور الجاز).
والمعينون بأمر الإنقاذ في النقابات لاشك أنهم يضمنون خمس سنوات من التكسب باسم العمال والموظفين وحكاية قوت العاملين،والمؤتمرات المضروبة،والأرباح التي تهبر عليهم من بنوك،وجمعيات ومؤسسات بنيت من عرق العمال ودمهم المسفوح في الورش والمكنات.
وتجار الحرب وسماسرة السلاح يضمنون سنوات طوال من القتال،الذي يدر الأموال،بينما هم في قصورهم ينعمون،وتحت مكيفاتهم الباردة ينومون،ويقولون مالا يفعلون.
ولا يحتفي سدنة الداخل فقط بهذه الإنتخابات المضروبة،بل يحتفي بها أهل الإسلام السياسي عبر الحدود،وصندوق النقد الدولي صديقهم اللدود،وأمريكا التي تقتل الزنوج هذه الأيام كما يقتل الذئب العتود،والخروف ذبح مسعود .
وكلما طالب أهل الحلفاية والشجرة بأراضيهم المسروقة صاح السدنة(نحن ما فاضين ورانا انتخابات)،وكلما اعتصم أهل لقاوة قيل لهم(إنتظروا الانتخابات)،وكلما شكا الناس غلاء الأسعار قال التنابلة(موتوا ولكن قبل الانتخابات).
تلك إذن حكاية الانتخابات،التي صارت كتاباً مقدساً للسدنة والسادنات،الأحياء منهم والأموات .
يرونه بعيداً ونراه قريباً،والهاء ضمير مستتر تقديره(ود أم بعلو).

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..