أحلى شي النسوان

أحلى شي النسوان
بقلم: الدكتور نائِل اليعقوبابي
*(إذ وجدت عاقلاً بين الجهلاء
فهو مجنون..).
– المتنبي-

..اتصل بي صديقي الحشاش المحترم ?دريبو الأعرج? وهو مسطول أصلي وقال لي، وهو يتحدث باللهجة المصرية – كعادته حينما يكون رائقاً- إنه (عاوز يشوفني ضروري). وأضاف:
– حَ ادّيلك عشرين دئيئة، انْ ما جيتنيش هنا بِمَأَرِّي الشتوي، أنا جايْ لَكْ على طول.
ثمة كلمة نستخدمها نحن الحشاشين والمساطيل حينما نسمع كلاماً فيه ?منفخة أو دليب?، كحديث دريبو عن (مقره الشتوي)، وهي كلمة (طيط)!.. قلتها له بالطبع، ثم حاولت أن آخذ وأعطي معه بالكلام، لأجل أن أعرف شيئاً عن سبب سروره من جهة، وسبب إصراره على مقابلتي بهذه السرعة، دون جدوى، وكل ما فهمت منه كلمة (مستورة).. فقلت له:
– يا أخي الحمد لله، كلنا حالتنا (مستورة)، ولكن أنت مالك الحاصل عليك شنو؟
فقال: ولا حاجة يا أخي، بس كنت عاوز آخد رأيك بـ مستورة. يلا، ما تضيعش وقت، اركب الفستوكة بتاعتك وتعالالي في المأرّ.
ركبتُ الفستوكة بتاعتي، وهي عبارة عن دراجة نارية صغيرة (فِيسبّا)، وذهبتُ إليه في الغرفة الصغيرة الواقعة غربي البلد، وقد سكن فيها خوفاً من اعتقال فرع مكافحة المخدرات، وصار يسميها (المقر الشتوي).
حينما دخلت المقر كانت ثيابي مبتلة من كثرة ما هطل عليّ من أمطار، وكنت أشعر بحاجة ماسة لأن أبول، دون إبطاء، باعتبار أنني مصاب بالداء السكري الوبيل مع شوية ضخامة في البروستات، يعني بصراحة، كما يقولون: أكاد أتبول في هدومي.
وأما دريبو فقد طلب مني أن أشلح الثياب الغرقانة بالمطر وأنشرها بالقرب من الأثفية، وأرتدي الكُبوت العسكري الموجود على البمبر، لئلا يأخذني برد.. فما إن فعلت حتى بادرني بالقول:
– ايه رأيك يا سي أحمد بمبادرة الأخ الأستاذ دي مستورة؟ عاوز أسمع رأيك على الحديدة، وتجيبهولي، زي ما بيقولوا إخواننا المصريين، على بلاطة!
لم أجبه بحرف، وضعت الكُبوت على كتفي، ودخلت إلى الراكوبة الصغيرة التي حولناها، خلال سهراتنا في المقر، إلى مبولة. أفرغت مثانتي وعدت إليه وقد انتابتني موجة من الضحك. قال لي:
– تضرب على بوزك يا سي أحمد لا مواخزة ومن دون زعل.. بتضحك على إيه يانته؟
فحكيت له حادثة مشابهة جرت معي في سنة 2013، حينما كنت، ذات يوم شتوي، أغذ السير في شارع الحرية بالخرطوم، وكل قصدي أن أصل بسرعة إلى مراحيض الجامع الكبير، لكي أتخلص من حمولة المثانة.. وإذ بصديقي الخير خنُشول يلاقيني بالترحاب، ويأخذني بالأحضان، ثم يقول لي:
– جيت والله جابك يا أبو احميد، من يومين وأنا قاعد أدور عليك.
قلت له وأنا أتحرقص وأتلولوو من الاحتقان: خير؟
قال: أنت رجل ذكي وفهمان وعندك رؤية سياسية ثاقبة، لهذا أنا حابب أعرف رأيك بالتحالف الذي شكله أوباما من أجل محاربة داعش في العراق وسوريا!
ضحك دريبو الأعرج وقال: طيط!.. دي بقى عايز ليها كتب ومجلدات ودواوين.. مش ممكن تنقال ؤُدَّام مراحيض الجامع الكبير. (وأشعل سيجارة بنغو وناولني إياها وتابع) طيب يا خويا، مدامك ريحت ضميرك دلوقتي، وبولت على ذوقك، إيه رأيك بمبادرة دي مستورة ولا طالع مأسورة متل صاحبنا؟
شفطتُ من السيجارة شفطة، أغلب الظن أنها وصلت إلى كعبي قدمي، وقلت له: بتعرف مدرس الفنون الجميلة الأستاذ ? صلاح أبو حنك?؟
قال: طبعاً أعرفو.
قلت: هادا زول ما بيحب السياسة، ولا بيحب الأكل، ولا الشرب، ولا النزهات، ولا الروحة على القهوة.. يحب النسوان لا غير. ومو بس بيحب النسوان، مستعد أن يبوس يد أو رجل أية امرأة تنظر في وجهه، أو تبتسم في وجهه! ومستعد أن يتلقى الضرب بالجزمة القديمة من أية امرأة، على بوزو، إذا وافقت تلك المرأة على أن تمسك يده دقيقة واحدة بعد الضرب..
وفي ذات يوم جاء الشباب المؤتمرجية إليه وهو في الصف يعلم الطلاب الرسم المنظوري، وطلبوا منه أن يملأ استمارة انتساب لحزب المؤتمر، وأبلغوه بموعد الحضور أمام اللجنة الحزبية ليجروا له فحصاً ثقافياً يخوله دخول هذا الحزب العظيم عن جدارة.
الخلاصة، حينما مثل أمام اللجنة، سأله الشيخ الفاحص:
– برأيك، يا شيخ، أيهما أحسن، وأنفع للبلد والشعب: المؤتمر الوطني أم المؤتمر الشعبي؟
فقال أبو حنك بلا تردد: الاتحاد النسائي!
ضحك دريبو حتى وقع تُلب بردلب وإتِشَغلّبْ هوبا من على العنقريب، وقال: طيط!
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ياسي نايل أمرك عجيب فعلآً أنك وصحابك أنكم مساطيل والله ضحكت من قلبي على هذا المزج البسيط وظريف/ أشهد أنك دمك خفيف

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..