حول رواية “كرم الأعداء” من تأليف ليلى أبو العلا

حول رواية “كرم الأعداء” من تأليف ليلى أبو العلا
Book Review: ?The Kindness of Enemies? by Leila Aboulela
ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
مقدمة: هذه ترجمة لبعض ما ورد في أربع مقالات صدرت كلها في أغسطس من هذا العام (2015م) في صحف الاسكوتسمان (Scotsman) والأندبندنت (Independent) وهيرالد اسكوتلاند (Heraldscotland) بقلم الآن ماساي ووربيكا ماريسون وشيرلي وايت هيد، وروزماري قورنق، على التوالي، عن آخر روايات الروائية السودانية ليلى أبو العلا ، والتي صدرت منتصف هذا العام عن دار النشر البريطانية ويدنفيلد ونيكلسون Weidenfeld & Nicolson في 392 صفحة من القطع المتوسط.
ونشرت المؤلفة من قبل روايات “المترجمة” و”مئذنة في ريجنت بارك” و”حارة المغنى” ومجموعة قصصية بعنوان “أضواء ملونة”.
انظر موقع المؤلفة
[url]http://www.leila-aboulela.com/[/url]
المترجم
********* ********** ********** ************
عرض الآن ماساي في صحيفة الأسكوتسمان
حكاية صيغت في زمنين مختلفين تنال إعجاب الآن ماساي بتناولها الراسخ للسياسة والجندر
هذه رواية هجين تدور أحداثها في زمنين مختلفين، أحدهما حديث، والآخر تاريخي. ويصل بينهما رابطان. ولنا أن نفترض هنا أن الجزء التاريخي في الرواية قد كتب بقلم راوية الجزء الحديث فيها. وهي ناتاشا. تلك المرأة الأكاديمية المسلمة، من أب سوداني وأم روسية، والتي تعيش في إسكتلندا، حيث تعمل بالتدريس في جامعة إسكتلندية، وتقدم محاضرة لجمعية المسلمين بالجامعة بعنوان “الجهاد بحسبانه أداة للمقاومة ? التوسع الروسي الإمبريالي وانتفاضة القوقاز”. كتبت تقول: “وبدا لي تململ الحضور بينا عندما أدركوا أن محاضرتي تدور حول قيادة الإمام شامل بين عامي 1830 ? 1859م، وليس عن الوقت الحاضر”.
وبعد تلك المحاضرة ، أقبل عليها طالبها الأثير أوز أو أوزي (ربما كان اختصارا لأسامة، رغم أنها لم تستخدم ذلك الاسم) ودعاها لزيارة والدته، والتي أتت عائلتها من القوقاز، وهي ? بالصدفة – من نسل ( الإمام) شامل.
وكان الإمام شامل في زمنه صاحب شهرة ومجد ، ولا يزال هنالك الآن من يهتم بسيرته. لقد كانت الحرب الروسية في القوقاز حربا ضروسا طويلة وبالغة الدموية ، قاومها أهل الشيشان وداغستان وقبائل أخرى بعزم وتصميم وبطولة خارقة. وغدا شامل شخصا معروفا في الغرب ، خاصة في غضون سنوات “حرب القرم”، والتي قامت في الأساس لمنع تمدد الروس في الشرق الأقصى (وهي حرب استمرت من عام 1853م إلى 1856م بين روسيا وحلف مكون من عدة دول شملت بريطانيا وفرنسا وساردينا وتركيا . وقد أرسلت الأخيرة الأورطة / الكتيبة السودانية التاسعة بقيادة آدم بك العريفي للقتال باسم “الباب العالي”. وشارك في تلك الحرب أيضا غردون والزبير ود رحمة. المترجم). وسادت المعايير المزدوجة ، كما هو الحال دوما ، فقد عد الغرب شامل ، المعارض للإمبريالية الروسية بطلا نبيلا ، بينما كان يعد من يقاومون الإمبريالية البريطانية أنذالا أو مضللين.
ومن المشاهد الرئيسة في قصة شامل اختطاف أشرس قبيلة مسلمة في المنطقة لأميرة جورجية (اسمها آنا). وقام شامل بإنزالها منزلتها وعاملها معاملة كريمة ، إلا أن إحدى زوجاته لم تفعل مثله. وكانت روسيا قد ضمت إليها جورجيا المسيحية ، وكان شامل يؤمل أن يبادل الأميرة المخطوفة بولده الأكبر جمال الدين ، والذي كان قد أخذه الروس صغيرا رهينة أثناء المفاوضات التى دارت معهم ، وربوه في قصورهم بحسبانه نبيلا روسيا. وهذا الجزء من الرواية – على وجه الخصوص- مكتوب بطريقة بديعة ، فتصوير الحياة في معسكر شامل كان نابضا بحيوية لافتة ، وقد أخذ بعضه من مذكرات خلفتها مربية فرنسية كانت تعمل عند الأميرة آنا.
وتصور الرواية بكثير من الاقناع الإمام شامل بحسبانه قائدا نبيلا يقاتل من أجل الحرية ، ومسلما تقيا ورعا يختلف مفهومه للجهاد عن مفهوم المتأسلمين المتعصبين . ولا ريب أن أحد أهداف الروائية في هذا العمل (الذي أصابت فيه نجاحا كبيرا) هو إعطاء القاريء فهما أشمل وأفضل للإسلام ، واطلاعه على التفسيرات المختلفة له في مختلف أرجاء العالم الإسلامي . وهنا يجب أن نذكر أنه عند هزيمة الروس لشامل واستسلامه لهم ، عامله القيصر معاملة كريمة تتناسب ومكانته وتاريخه . ولعل هذا الموقف يبين أن القرن التاسع عشر كان أكثر تحضرا من زمننا الحالي.
وتتناول الفصول الحديثة في الرواية متاعب ناتاشا وما تواجهه من مصاعب في الجامعة ، واعتقال الشرطة لأوز للشك في أنه راديكالي التوجه ، وعن عودة ناتاشا للخرطوم التي قضت فيها طفولتها عقب وفاة والدها. ولا ريب أن تلك الفصول – وكما هو متوقع- ليست في مستوى إثارة ودرامية الفصول عن شامل ، وقد يقول البعض أنها ضعيفة الصلة بها. وربما يرى بعض القراء أنه كان يحسن بالمؤلفة أن تقوم بنشر هذه الرواية فى شكل روايتين صغيرتين منفصلتين . وقد يرغب البعض في قراءة المزيد عن الصبي أوز، والذي كان يفضل “الانسحاب” من الرواية ولكن ليس قبل أن يخبر ناتاشا عن شعبية الشريط (الفيلم) السينمائي “Braveheart” في أوساط رجال الشيشان ، الذين حاربوا ضد الروس بعد سقوط الإتحاد السوفيتي.
غير أن ليلى أبو العلا كانت محقة في ضم جزئي الرواية في رواية واحدة ، رغم أن ذلك ربما تم بطريقة مربكة نوعا ما . تقر ناتاشا بأنها ليست مسلمة “جيدة”، وأنها واحدة من اللواتي “فصلن” عن عقيدتهن . ورغم ذلك فهي محسوبة على أنها مسلمة ، مثلها مثل والدة أوز ، تلك الممثلة المتغربة والمندمجة جيدا في المجتمع الغربي ، والتي لا تزال تمارس ? بإخلاص – بعض طقوس الإسلام الصوفي . . ولا شك أن أحد أهداف الروائية ليلى أبو العلا هنا ? بالإضافة بالطبع إلى رواية قصة بديعة ساحرة بحيوية وثقة وتأكيد الروائي المطبوع ? هو بالقطع عرض صورة متعاطفة مع الإسلام للقراء الغربيين الذين اعتادوا على قراءة ما يراه المسلم الورع صورة مشوهة لدينه تستوجب الشجب. وهي لا تقتبس مقولة كبلينغ : “حيثما وجد الإسلام فثمة حضارة شاخصة
Whenever there is Islam, there is an intelligible civilization
رغم أنها قد تشير لذات المعنى في رسالتها المضمنة في قلب الرواية.
وقامت الروائية في ذات الوقت باستكشاف ما يعنيه أن تكون مسلما وامرأة في عالم اليوم . فناتاشا عليها أن تقدم بعض التنازلات من أجل العيش ، رغم تفلح في توفيق أوضاعها في إسكتلندا والخرطوم. وتشغل نفسها بسؤال عسير عن أوضاع النساء في العالم الإسلامي في عالم اليوم – وهو ذات السؤال الذي قامت بسبر أغواره منى الطحاوي في مؤلفاتها عن المرأة في الشرق الأوسط .
وأخلص إلى أن الفكرة الرئيسة في رواية ليلى أبو العلا هي التصالح. فقد صارت الأميرة آنا من المعجبات والمتعاطفات مع شامل . ودهش شامل من حسن معاملة قيصر روسيا له (رغم أنه كان مدركا للأسباب الحقيقة التي تقف خلف حسن استقبال القيصر له). وأيقنت ناتاشا أن عليها تقبل تعقد نشأتها ووضعها ، وهو في الواقع تعقيد ناشيء عن الحياة في عالم هويات متحولة .
لقد كتبت ليلي أبو العلا رواية تدعو المرء للتفكر في الأوقات التي نعيش فيها الآن ، وأن نحس بثقل حمل ما تفرضه من ضغوط متعارضة . إنها رواية تتحدث عن ثقافات متباينة ، وتدعو إلى التخلي عن التبسيط المفرط المخل فى النظر إلى الأشياء والعقائد والبشر .
****** ****** ****** ****** ****** ******
عرض ربيكا موريسون في صحيفة الأندبندنت
رحلة روحية إلى داغستان
لا يبدو أن لريف اسكتلندا المعاصرة في قبضة زَمْهَرير الشتاء ، وذكريات الطفولة في السودان ، والمناورات في جبال القوقاز الموحشة أثناء حرب القرم ، من القواسم المشتركة ما يجعلها تجمع معا في سرد قصصي متماسك . بيد أن ليلى أبو العلا أفلحت في فعل ذلك بإقتدار ولطف ووضوح لا تخطئه عين .
وتقود الروائية القاريء جيئة وذهابا عبر الزمن ، ليلتقط متعة ومؤانسة وتنويرا ، وهو ينفذ عبر أبواب الأزمان المختلفة ، ويقرأ تعريفات ومفاهيم جديدة حول الجهاد ، وطبيعة التطرف ، ومعنى أن تتهم خطأ لمجرد الشك .
وتدرك ناتاشا ويلسون (راوية القصة) الكثير عن مصاعب الانتماء ، فقد ولدت لأم روسية وأب سوداني ، وانتقلت للعيش في اسكتلندا وهي في سن صغيرة ، وتبنت عن قناعة الأسم الأخير لزوج أمها الثاني ، حسين ، وهو اسم ارتبط بكثير مما يجلب الشبهات . وعملت ناتاشا بجد واجتهاد شديدين لتتواءم (مع المجتمع في بلدها الجديد) . ولكن ، رغما عن انجازاتها الأكاديمية في عملها محاضرة بالجامعة ، لم تكن مطمئنة تماما على مكانها في ذلك العالم.
وأقامت ناتاشا حول نفسها قَوقَعة صلبة لتحميها كما قالت من ” الشظايا ، ومن الذكريات عديمة النفع” ، وانزعجت من الحنين الذي أثاره في نفسها “الشاي الذي فاحت منه رائحة القرفة”. ولم تجد في عملها بالجامعة غير طالب واحد تقدر فيه روح الصرامة الفكرية والتفكير الأصيل غير أوز (أسامة) راجا . وتبين لها لاحقا أنه من نسل الإمام شامل “أسد داغستان” ، ومقاتل القرن التاسع عشر ، الذي حارب جيش قيصر الروس الغازي ليحمي شعبه وتقاليده ، وكان ذلك موضوعا بحثيا لنتاشا في تلك الأيام . ورحبت بها عائلة راجا ، وغدت صديقة لأوز ووالدته. وشعرت ناتاشا بعودة الحياة والصفاء لروحها وهي في حضرة سيف شامل المعلق على حائط غرفة المعيشة في دار أصدقائها الجدد.
ثم نقرأ في الرواية عن تغير عاصف يهب علي حياة أوز وناتاشا ، يتشابك مع النص السردي الآخر عن داغستان وجورجيا وروسيا في خمسينيات القرن التاسع عشر. ويأتي ذلك الجزء في الرواية من منظور الإمام شامل ? وقد صورته الراوية بتعاطف متزايد – وأيضا من منظور الأميرة الجورجية آنا ، والتي اختطفها رجال شامل لاستخدامها “ورقة مساومة” في سعيهم لإعادة ابن شامل الأكبر الذي كان في قبضة الروس منذ أن كان طفلا صغيرا.
وتأتي حكاية جمال الدين وهو في بلاط القيصر في سانت بيترسبيرج (حيث كان من المقربين للقيصر) في مقابل الحياة الجبلية البالغة الشظف في داغستان. وفي هذا الجزء من الرواية تعلي ليلى أبو العلا من صوتها الروائي ، فجاء ما سطرته في كثير من الفقرات آسرا في وصفه ، مع إضافة “جيوب” بالغة الجمال من الهدوء والسكينة ، سبرت فيها غور الرحلة الروحية التي كان يدعو لها شامل . وهذا جانب ركزت عليه ليلى أبو العلا في رواياتها السابقة.
وأجد في تلك الجوانب من الإسلام (بكل ما فيها من أمثال وقصص حكم بالغة)، التي تتناقض مع يسر حياة الأرستقراطية الروسية ودعتها ، أمرا مثيرا وآسرا.
وتشدد المؤلفة على أهمية الرحلة الروحية في حياة كل من ورد ذكرهم في الرواية. وهو ذات ما فعله من قبل تولستوي في آخر رواية له (لعل المقصود رواية “البعث Resurrection”. المترجم)، وذلك في الجزء المؤثر من الرواية عن الصلة الأخيرة بين ناتاشا ووالدها السوداني.
وهنالك شئ من النفور والتأبى عن الافصاح عن أي مقترح لما يمكن عمله للمضي قدما، سواء لمحارب داغستاني قديم في خمسينيات القرن التاسع عشر، أو لشابة بلا هدف في أبريدين اليوم ، جنبا إلى جنب رغبة واستعداد “للحفر عميقا في مسألة الحقيقة القابعة خلف ستار التمويه” ، حيث يمكن تحقيق السلام . وذلك هو جوهر هذه الرواية ، والتي تدور حول الهوية ، والتأقلم والتوافق ، وبحث المرء عن مكانه في هذا العالم.
****** ****** ****** ****** ******
عرض شيرلي وايتسايد في صحيفة الأندبندنت
رحلة استكشاف الذات
تعيش ناتاشا، المحاضرة بجامعة أسكتلندية، حياة باهتة ليس فيها ما يثير. كانت قد ولدت لأب سوداني وأم روسية ، ولا تحس بالإنتماء لأي جنسية معينة . وأثار إعجابها (أوز) أحد طلبتها الموهوبين ، والذي قام بتعريفها بوالدته (ملك). وفي تلك الأيام كانت ناتاشا تنجز بحثا أكاديميا عن الإمام شامل ، أحد قواد القرن التاسع عشر العسكريين الذين حاربوا الغزاة الروس وسعيهم لضم القوقاز . وعند زيارة ناتشا لملك في دارها ذات يوم شتائي قارس أرتها سيفا قيل إنه كان للإمام شامل ، وتساقط الجليد بغزارة أجبرتها على المبيت في بيتها . وعند الفجر استيقظت على أصوات رجال شرطة مكافحة الإرهاب وهم يعتقلون أوز ، ووجدت نفسها فى دائرة الشك أيضا .
وقسمت ليلى أبو العلا سردها بين متاعب ناتاشا باسكتلندا في عام 2010م ، وبين حرب العصابات التي شنها شامل ضد الروس في منتصف القرن التاسع عشر. وتظهر شامل (أسد داغستان) بحسبانه قائدا روحيا على استعداد للمخاطرة بكل شيء من أجل الحفاظ على حرية شعبه ، إذ قبل بشرط الروس أخذ ولده الأكبرجمال الدين رهينة من أجل الدخول في مفاوضات معهم . وظل سنوات بعد ذلك يحاربهم من أجل استنقاذه . وكان جمال الدين قد غدا ? بعد أن تربى في قصور الروس- مقربا من القيصر وفارسا في الجيش الروسي . وترسم ليلى أبو العلا بمهارة أوجه الشبه بين جمال الدين وناتاشا وهما يحاولان جهدهما للتأقلم والتوافق مع الحياة الجديدة ، إلا أن الاحساس بأنهما غريبان لم يفارقهما قط .
إن أسلوب ليلى أبو العلا الكتابي الرشيق يقدم للقاريء مادة ممتعة للقراءة . وتتضح قدراتها وملكاتها الوصفية أكثر ما تتضح عند وصفها لحياة شامل . فهي تجعل من دار شامل الجبلية ، وصور حياة القوقاز بجمالها البدوي الخشن مشاهد تنبض بالحياة . وأبدعت في المقارنة بين الجوع والمَسغَبة التي كان يكابدها قوم شامل ، وبين الدعة والسرف الذي كان يرفل فيه أعداؤهم الروس ، خاصة في وصفها للصدمة التي عانتها الأميرة الجورجية آنا (التي اختطفها رجال شامل من أجل مبادلتها بجمال الدين) عندما رأت الفقر والبؤس الذي يرزح تحته شامل وشعبه ، وصارت تحترمه لنزاهته واستقامته.
تكمن أعظم قوة للمؤلفة في رسمها صورا معقدة لشخصيات رواياتها. فلا تجد عندها شخصيات
واهية مهلهلة، إذ تظهر كل شخصية لديها بكل ما فيها من عواطف وتناقضات متأصلة في النفس البشرية . فشامل رجل عسكري عنيف ، وشديد التدين، وشفوق بالأطفال والنساء. وآنا أميرة مدللة وجدت في نفسها نبعا من الشجاعة لم تكن تدرك أنها تمتلكه. أما ناتاشا فقد تعلمت التصالح مع تراثها المختلط فوجدت السلام.
تمثل هذه الرواية استحضارا رقيقا لرحلة أبطالها الروحية.
***** ***** ******** **********
عرض رويزمري قورنق في صحيفة هيرالد اسكوتلاند
يعد الهدوء وضبط النفس هما أهم ما يميز روايات ليلى أبو العلا مهما بلغت صعوبة تاريخ الموضوعات التي تتطرق إليها أو إثارتها للجدل . وكثيرا ما تلجأ هذه الروائية لخلفيتها الشخصية ، حيث نشأت في الخرطوم ، ومقر إقامتها الحالية في أبردين. فليس إذن من عجب أن ظهرت المدينتان مجددا في روايتها الجديدة عن المحاضرة الجامعية ناتاشا. غير أن ليلى أبو العلا قامت هذه المرة بالتمدد بعيدا في التاريخ البعيد ، وفي مناطق أخرى.
……..
لا شك عندي أن هذه أكثر روايات ليلى أبو العلا طموحا حتى الآن . فقد قاربت الجزء التاريخي من الرواية (وهو شديد التعقيد) بتَأَنٍّ وتمهُّل وإتساق. ووصفت الرعب والاشمئزاز الذي حاق بالأميرة آنا عند أسرها ووضعها مع حريم الإمام شامل في جبال داغستان . وتضيف المؤلفة كذلك ببراعة عمقا عاطفيا لتلك الأميرة المدللة حين تأتي على ذكر اقترانها غير السعيد بزوجها الطموح البارد ديفيد ، والذي كان يحضها على نسيان أصلها الجورجي ، وأن تصبح روسية تماما . وتقيم الأميرة آنا بعد أسرها ووضعها مع حريم شامل علاقة صداقة وود مع اثنين من زوجاته ، غير أنها تقع أسيرة لسحر كرازمية ذلك القائد المتمرد القوي.
…….
تتميز الرواية بأن موضوعاتها واضحة جلية ، أشبه بجمال الدين في عام 1855م ، وأوز في أسكتلندا اليوم ، والذي أخذ صبيا من أحضان عائلته ، وعاد شخصا مختلفا. وكذلك الحال مع ناتاشا، والتي فصلت من والدها (البيولوجي) وعادت إليه بعد أن فات الأوان. تصور المؤلفة انتزاع الأشخاص من موطنهم ، إما بسبب الحرب أو الاختلافات الثقافية ، أو التحيز ، بحسبانه أمرا في غاية الوحشية والإيلام.
وتصور لنا ليلي أبو العلا ملك (والدة أوز) وهي تلوم ابنها على حبسه ، وتخشى عليه من اهتمامه بالجانب المظلم من التطرف (الديني) . وتقدم لنا الرواية تحذيرا عن كيف أن شخصا مهتاجا مضطربا ومحبا للاستطلاع ، ومتباعدا مستوحشا قد يقع بسهولة لقمة سائغة للمتطرفين بسبب سوء معاملة مؤسسة متصلبة. ولعل المؤلفة كانت مدركة لضرورة أن يأتي تحذيرها هذا في لهجة هادئة منضبطة حتى يجد له آذانا صاغية.
لا ريب أن هذه رواية مثيرة للاهتمام ، ساحرة تاريخيا ، ووثيقة الصلة بالحاضر سياسيا . غير أن إطلاق مزيد من العواطف في ثناياها كان من الممكن أن يخدم الرواية أكثر .
[email][email protected][/email]
أورد الناقدالآن ماساي مقولة الشاعر البريطاني كيبلنغ في مقاله كما يلي:
Whenever there is Islam, there is an intelligible civilization
والصحيح أنها
Where there is Islam, there is an intelligible civilisation
نبهني لذلك قاريء حصيف. فله الشكر
آل ابوالعلا الكرام سيرتهم كلها طيبة وماتري لهم شيئا الا ويهبك الفرح والسعادة نذكر عمارة ابوالعلا بصات ابرجيلة اغاني الاستاذ احمد المصطفي وشاعره حسن ابوالعلا رحمهم الله ثم ابنتهم ليلي ابو العلا واعتقد انها طبيبة فلقد شاهدت قبل سنين عديدة برنامج وثائقي في BBC عن محاربة الختان الفرعوني بالسودان والجهد الضخم المبزول من قبل د.ابو العلا-ونحن صغار كنا نسمع من والدنا رحمه الله يحكي عنهم كثيرا خاصة حسن ابوالعلا واحمد المصطفي ..لماذا لا نجد اهتماما بسيرتهم في وسائلنا الاعلامية؟؟
سلام الاستاذة ليلي ابو العلا – اثار انتباهي تعلقك بالقوقاز و القرم – هذا مثير بالنسبة لي لانه يوكد لي وجود علاقة بين السودان مع تلك المناطق – لدي فهم و تفسير لما يطلق عليه ازمة الهوية في السودان و التي اعتبرها ازمة حقيقة و تاريخ فقط – نشرت منذ عدة سنوات مقال مثير للجدل يعبر عن رايي بعنوان عرقيا لا يوجد عرب في السودان و لكن فولاني – كما انني اعتقد ان اصل الفولاني الفاتح البشرة و المنتشرون في كل ساحل شمال افريقيا و كذلك في الشريط الممتد من موريتانيا و السنغال و حتي السودان و اريتريا يعود لهجرات قدماء التركمان و التي منهم تشكلت تركيا و تشكلت منهم كذلك مناطق القوقاز و القرم و شرق اوروبا و كما تشكل منهم اليهود الاشكيناز و اليهود السافرديم الغير ساميين – و هذا يعود بنا لسبب الكتابة لكي – فبالرجوع للتاريخ الاسري لغالبية العوائل التي استوطنت السودان اثناء الحكم الثنائي و قبلهم الذين تكونت منهم امدرمان اود ان اعرف بصدق رايك و راي كل الفولاني الابيض في السودان و شمال افريقيا حول نظريتي عن ارتباط الفولاني الابيض بقدماء التركمان – شكرا