قيادات جبال النوبة بين التوهان ونزيف الفشل المتواصل

بسم الله الرحمن الرحيم
وبة نستعين
قيادات جبال النوبة بين التوهان ونزيف الفشل المتواصل
د.عبدالله ادم كافى
[email protected]
بالامس القريب غيب الموت عن دنيانا احد ابناء السودان الوطنيين ورمز من الرموز القيادية و النضالية فى جبال النوبة ،رجل زاد عن حياض الوطن خلال فترة حياتة .انة الاب فيليب عباس غبوش ذلك الرجل الاشعث الاغبر والذى عارك السياسة وعاركتة سنيناً عددا فهو رجل ذايع الصيت ذو خيال خصب وقوة شكيمة وقيادة تمتاز بالحكمة والورع انة شخص مترع بحب الوطن والاهل مما جعلة رقم فى التاريخ السياسى السودانى وتاريخ جبال النوبة على وجة الخصوص يصعب تجاوزة بالاضافة ليدة الطولى فى ابراز قضايا النوبة على سطح الساحة السياسية السودانية بجانب حزم من الاسهامات المقدرة التى تحسب لة واكثر ما يعاب للاب فيليب هو سياستة المكشوفة والمعلنة والطرح الجرىء لاراءة .إلا ان المكان ليس للحديث عن الاب فيليب عباس غبوش بل محاولة لذكر بعض مآثرة التاريخية الثرة وإستلهام العبر والمواعظ منها حتى تكون نبراساً للجيل الجديد من الشباب لكى يهتدوا بها على مر الايام والدهور والنظر للرجل باعتبارة أحد القامات السياسية فى بلادنا وجبال النوبة على نحو صريح وما السرد المعطر لمأثر الرجل إلا كمدخل لمعالجة حالة الهستريا السياسية والتوهان الذى يعانى منة قيادات جبال النوبة على مستوى الشريكين بعد ان اصبحوا متواضعين وزاهدين فى مناقشة قضاياهم المصيرية والتى تمس جوهر انسان جبال النوبة الذى يعانى من العوز والفقر و الفاقة بالرغم من غنى المنطقة بالموارد الطبيعية والحرج الذى يلازم السياسيين من ابناء النوبة فى تناول قضايا المنطقة بشىء من الشفافية والاضافة وقد اضاف هذا الجانب الرمادى شىء من الضبابية التى تكسو العلاقة بين القيادة و القاعدة مما نتج عن ذلك البون الشاسع بين الطرفين والذى يصعب رتقة فى الوقت الراهن واكثر مايحسب لقيادات جبال النوبة هو تمسكهم بزمام القيادة فى ظل انعدام الطرح الموضوعى الذى يلبى حاجات واشواق ابناء جبال النوبة وميلهم نحو المصالح الشخصية وغض البصر عن ما يهم جبال النوبة من حقوق مهضومة وقضايا مصيرية مات من اجلها الاباء والاجداد. واصبحت اجندة جبال النوبة متداولة بين التيارات السياسية المختلفة للكسب السياسى الرخيص ويرجع كل ذلك إلى فشل قيادات النوبة فى المسك بخيوط القضية وعكسها بالصورة التى تحقق الغاية من النضال. حقاً انهم قيادات فشلت فى حفظ حقوق ابنائها وادمنت الفشل وشربت من كاسة حتى الثمالة وعجزت عن تحقيق ادنى سقوفات المطالب فى زمن كانت المطالب سهلة المنال على مستوى الشريكين والركون نحو السكون والإستسلام وعدم القدرة على خلق شراكة ذكية مع قواعدهم وكانت المحصلة النهائية فقدان الثقة فى القياديين من ابناء جبال النوبة واضحت الهوة بينهم اكثر إتساعاً من قبل بعد زرع نوع من البؤوس فى نفوس ابناء النوبة وفقدانهم الامل فى قياداتهم واصبحت جبال النوبة كقطار بدون رأس كما يقول الاب فيليب غبوش نتيجة فقدان القياديين من ابناء النوبة للبوصلة وامسوا فى حالة توهان يرثى لها و القذف بهم فى يم السياسة العميق. ان تظل جبال النوبة بدون قيادة ربما يكون نوع من التكتيك السياسى المتعمد بعد حرق كثير من القياديين سياسياً والتمكين من تفشيلهم بين قواعدهم واستنفاد اغراضهم ووضع جبال النوبة فى حالة هرج ومرج سياسى كانهم تحت تاثير مخدرطويل الاجل لا يمكن الإفاقة منه قريباً. وقد يشفع التاريخ للجيل الاول من ابناء جبال النوبة والذين كان لهم القدح المعلى فى اعلاء الشان الوطنى بجانب اسهاماتهم الواضحة والمقدرة فى تاريخ السودان والحركة الوطنية ونخص بالذكر فى هذا المقام الطيب الرعيل الاول من ابناء جبال النوبة الوطنيين امثال البطل الفكى على الميراوى والذى ناهض المستعمر الاجنبى ابان فترة الإستعمار والسلطان عجبنا وعلى عبداللطيف وحمدان ابو عنجة للذين لا يعرفون انة من جبال النوبة ومندى وغيرهم من الكواكب الثرة التى أنارت تاريخ السودان بمواقفهم الباسلة وعطرت ارض السودان بدمائهم الطاهره الذكية.لست هنا لكى امدح تاريخ النوبة واذكر محاسنهم بقدر ما حاولت ان أعقد مقارنة بين جيلين جيل ناضل من اجل القضية وجيل اضاع القضية ولم يستلهم الدروس والعبر كما هو علية الحال بالنسبة للقياديين من ابناء النوبة على مستوى الشريكين(المؤتمر الوطنى و الحركة الشعبية) انها حالة هستيرية يصعب على العاقل و الجاهل فك طلاسمها إلا ان انسب وصف لقيادات جبال النوبة يمكن وصفهم بها هو قبطان السفينة الذى اصابة دوار البحربعد ان قذفتة الامواج يمين ويسار. حقيقة انا ابكى قيادات جبال النوبة وارثى حالهم البائس الفقير والذى يفتقد ابسط مقومات القيادة الحقيقية والشخصية الكاريزمية التى يمكن ان تقنع مواطن جبال النوبة ببرامجها انها قيادات تعانى من افتقاد القدرات الذهنية العالية وعجزها عن خلق نوع من الحوار الفكرى بين الطبقة المستنيرة او المثقفاتية من ابناء النوبة وهذا بدورة زاد شقة التناحر بين الاطراف وعقد من الصراع والنزاع فى اللاشىء قد تكون التغيرات السياسية التى تمر بها الساحة السودانية من وقت لاخر اثر فيما يجرى فى جبال النوبة إلا ان الابتلاء الاكبر من صنع البشر وما الحالة التى وصلت إلية جبال النوبة إلا نتاج ممارسات قيادية فاشلة ربانها القياديين من ابناء النوبة والذين يفتقدون إلى مقومات القيادة الفذة و يدعون القيادة مع الخواء الفكرى العاجز عن إنتاج برنامج يحقق الحد الادنى من متطلبات المنطقة وإخراجها من هذا الدوران المستمر الذى اصاب المنطقة على جميع المستويات إلا ان فاقد الشىء لايعطى وضعف الطالب والمطلوب. وحتى نكون عادليين وموضوعيين فى طرحنا و نقدنا للطرفين من ابناءنا فى المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية على مستوى القيادة على الاقل من باب المساواه فى الظلم عدالة،دعنا ندلف اولاً للقياديين من ابناء النوبة فى المؤتمر الوطنى والذين كنا نحسبهم جميعاً ولكن قلوبهم شتىء وعجزهم الدائم والمستمر عن توفير وتقديم الطرح المنطقى والموضوعى الذى يجمع ابناء النوبة على كلمة واحدة والاتفاق على المتطلبات الاساسية للمنطقة من حقوق والخروج برؤية موحدة و اكثر ماكنا نطمح فية من وجود ابناء النوبة فى المؤتمر الوطنى هو وجود إطارمشترك من الرؤية و الاتفاق حول بعض القضايا المصيرية و المتفق عليها من جميع ابناء جبال النوبة بصرف النظر عن الوانهم السياسية اوحتى تكوين منبر خاص بجبال النوبة داخل المؤتمر الوطنى اسوة بمنبر الجنوب حتى يستطيعوا من خلالة تحقيق الاشياء المذكورة وعكس مايدور فى مخيلتهم من افكار تتعلق بمصير جبال النوبة فى حالة الوحدة او الانفصال وترويض الصراع الثقافى الدائر حالياً فى جبال النوبة والذى يؤسس لفكرايدولوجى مختلف تماماً عن الفكر الذى نؤمن بة عقائدياً ومحاولة إرثاء هذه الرؤية بقوة الواقع التبشيرى ونحن فى سبات عميق واكثر الاشياء المحزنة والمثيرة للإشمئزاز هو الضعف البين لابناء النوبة داخل المؤتمر الوطنى وعدم القدرة على إستغلال الفرص التى اتاحها لهم المؤتمر الوطنى من حيث التعيين فى المناصب الدستورية وللحقيقة والتاريخ يعتبر المؤتمر الوطنى اكثر تنظيم سياسى سودانى اتاح الفرصة لابناء جبال النوبة للتمثيل فى المناصب الدستورية على مستوى المركز والولاية إلا انهم فشلوا فى إدارة دفة الشان السياسى النوبى مما ترتب على ذلك عدم ظهورهم فى بعض المناصب الإتحادية مؤخراً بالاضافة إلى عجزهم عن طرح رؤية المؤتمر الوطنى فيما يتعلق بجبال النوبة وتوصيل هذا الفهم للقواعد الشعبية من ابناء جبال النوبة بمعنى ليس هناك قدرة للربط بين القاعده والقيادة نتيجة لضعف الطرح المقدم والذى يعتبر هلامياً وسيريالياً لا يمت للواقع بصلة لذلك كان الفشل ديدنة وركاكة الوسائل المستخدمة والتى تفتقد إلى الميكانيكية فى محتواها وهذا بدورة ادى إلى ضبابية اكثر وعقد من حل المعضلة والتى تعانى اصلاً من الشتات الفكرى المصاحب والجدل البيزنطى للقيادين، اما القياديين من ابناء النوبة فى الحركة الشعبية فهؤلاء هم الطامة الكبرى ذاتها كنا نحسبهم ايقاظا ولكنهم رقودا لقد كانوا الامل المرتجى والضوء الذى ظهر فى أخر النفق ولكن شتان ما بين الحقيقة والواقع وكان جدار الواقع هو الصخرة التى إرتطمت بها احلاهم بعد ان استأسد شريكهم فى النضال بجل الثروة والسلطة وهمشهم،انة السراب المهبط والذى يحسبة الظمأن ماء حتى إذا جاءة لم يجدة شيئاً لقد تشتت احلامهم الوردية وامالهم على ارض الواقع لافتقادهم للبرامج والرؤى السياسية الخلاقة التى يمكن ان تحى الشعور الإيجابى لابناء النوبة تجاه الحركة ومن الاشياء التى أثارت حفيظة ابناء النوبة فى الحركة الشعبية هى عدم القدرة على التأقلم مع الواقع السياسى السودانى ذو الإيقاع السريع والتعاطى معة ويعزى السبب فى ذلك إلى الإستغلال العسكرى لهم من قبل الجنوبيين و سيطرة العقلية العسكرية على نمط تفكيرهم وحظى الجانب العسكرى بنصيب اكبر من الشق السياسى لذلك كان الأخفاق ملازم لهم وترتب علية ايضاً ضعف القدرات السياسية لابناء النوبة فى الحركة بعكس الجنوبيين والذين يتمتعون بعدد وافر من الكوادر السياسية المؤهلة بالاضافة إلى ذلك نجد ان الجنوبيين إستفادوا من ابنائهم فى الداخل ولم يتم إقصائهم وتم التعامل معهم بصورة عادية بعكس القياديين من ابناء النوبة فى الحركة الشعبية والذين رفضوا التعامل مع نوبة الداخل واوصدوا الابواب فى وجهوهم باعتبارهم مواليين للمؤتمر الوطنى و غير جديرين بالثقة والخوف من سيطرة التيار المثقف داخل التنظيم الحركى على مقاليد الامور كذلك رفضوا الإستعانة بالكوادر المثقفة من ابناء النوبة فى الداخل فى بعض الوظائف بحجة عدم النضال المسلح معهم ابأن فترة وجودهم فى الغابة وكان ذلك بمثابة القشه التى قصمت ظهر البعير ولم يضع ابناء النوبة فى الحركة الشعبية فى حسبانهم بان الفترة الحالية هى فترة العمل السياسى المنظم وجزء مهم من إستراتيجية المرحلة القادمة والتى يفتقدوها كثيراً ومن الامور التى زادت الطين بلة هو ربط ابناء النوبة فى الحركة الشعبية مصيرهم بالجنوبيين بالرغم من الإختلاف الثقافى والايدولوجى بينهم وهذا اكثر شىء أضر بقضية جبال النوبة. نعم كان هناك نضال مشترك بين الطرفين إلا ان فقة المرحلة و الضرورة يتطلب تفكير مختلف تكون معاييرة هى التركيب الثقافى و الاجتماعى والترتيب السياسى المنظم لكل منطقة بإعتبار ان جبال النوبة لها خصوصية ثقافية وايدولوجية تختلف عن الجنوب شكلاً ومضموناً ربما كان التوجة الفكرى والعقائدى للحركة الشعبية هو المسيطر على نمط تفكير القياديين من النوبة فى الحركة وقد يكون العامل الاكبروالمؤثر ويمكن للقارىء والمثقف الفطن ان يلاحظ ذلك من خلال الصراع الثقافى الفكرى بين التيار المؤمن بالتوجة الايدولوجى واليسارى الماركسى للحركة وبين تيار آخرمناوى للفكرذاتة وهؤلاء اقلية داخل الحركة الشعبية وهو صراع خفى غير ظاهر للعيان ويمكن للكيس ان يستشف ذلك من خلال التوظيف فى المناصب الدستورية على مستوى المركز والولاية والذى يخلو من تيار الاقلية.وخلاصة القول نجد ان قيادات ابناء النوبة على مستوى الشريكين إستنفدت اغراضها ،انها نخبة تعانى من تناثر فى الراى وضعف فى القدرات الذهنية و ادمان الفشل على المستوى العام وخلو جعبتها من البرامج الطموحة و الفكر السياسى الثاقب الذى يمكن ان يؤسس لرؤى وفهم مشترك لقضايا النوبة وإستمرارية سيناريو الهبوط نحو الحضيض والعيش فى احضانة هرباً من واقع السؤال المر والايمان بواقعهم الضعيف الايل للسقوط و الإستسلام،فليبحث ابناء جبال النوبة فى المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية عن قيادات تلبى اشواقها وتحقق لها ماتريد، قيادات لها القدرة على إستنباط وشحذ همم ابناء جبال النوبة،قيادات تمتع بكاريزمة قوية قادرة على تفسير مايدور فى ذهن القواعد من افكارواراء وبرامج يمكن تطبيقها على ارض الواقع حقيقاً وليس مجاز بدل من القيادات الحالية والتى آكل عليها الدهر وشرب. رحم الله ابناء جبال النوبة بقدر هذا الابتلاء الصفوى.