من هذا الجحيم، ولدت الجبهة الثورية السودانية!

تصنع أنظمة القمع أدوات دمارها بنفسها. تبدأ بأكذوبة أنها تمتلك مفاتيح المستقبل ، وأنّ يوم ميلادها يجبُّ ما قبله من إنجازات الآخرين. ينفخ الطغاة أوداجهم ، مقسمين للشعوب المقهورة بأنهم جاءوا ليفتحوا أبواب رغد العيش لهم. ويصدقهم البسطاء ، ويهتف بحياتهم والوقوف خلفهم طابور من الانتهازيين وباعة الضمائر الميتة. بعض أولئك من حملة الإجازات العلمية الرفيعة ، والبعض محسوب على الثقافة والآداب والفنون!! والنظام الحالي ليس بدعاً ، فمنذ أول بيان للعميد الانقلابي- عمر حسن احمد البشير- كان حبل الكذب يتدلى طويلاً وقبيحاً: بأنّ الانقلابيين لا ينتمون إلى أي مظلة سياسية ، وأنهم يمثلون القوات المسلحة التي رأت أن البلاد مقبلة على نهاية وشيكة إن لم يتم “إنقاذها”، لذا هبوا لنجدة الوطن والشعب ! وتمضي السنون ليدرك كل من سمع ذلك البيان أي أكذوبة جاءت تختال في عريها يوم مجيء “الإنقاذ” !!
وعانى شعبنا ما عاني من ويلات نظام أيديولوجي قمعي، يلبس قادته قمصان العصر ويركبون أفخم السيارات ، لكنهم يعيشون بفضلات أفكار القرون الوسطى! لم يكن لهذا النظام من وسيلة تعطيه البقاء غير إشعال نيران الحروب. بدأ باستنزاف موارد البلاد في إطالة أمد الحرب في جنوب البلاد. كانت الحرب في الجنوب عنصرية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى. والفصل العنصري يدخل الدين كأحد أدواته وذلك بإبعاده عن دوره الإنساني والتربوي وتوظيفه ضد شركاء في الوطن ? معلناً عليهم الجهاد ! سيقول لي أنصار هذا النظام: أنظر ماذا حصد الجنوبيون من الانفصال؟ حروب ودماء وتشريد ومجاعة! أقول لهم: لا تشمتوا. الحرب في الجنوب جملة اعتراضية ستزول قريباً ، حيث لم يقل فصيل الرئيس سلفا كير ولا فصيل الدكتور رياك مشار بأفضليته الدينية أو العرقية على الآخر. سوف تنتهي حربهم شاء المتحاربون أم لم يشاءوا..وستقوم دولة القانون والعدالة هناك، فالمواطن الجنوبي مل رائحة البارود والدمار.
ما عرف بنظام الإنقاذ ما فتئ يصنع أدوات فنائه بنفسه..أشعل الحرب في ما تبقى من سودان لأنّ الناس تريد حقها المسلوب. دهر كامل والحرب مستعرة في دار فور وفي جبال النوبة وفي الأنقسنا ! تسقط القنابل وتعوي المدافع على مدار الساعة. والمدنيون العزل بين أن يتخذوا من المخيمات مأوى لهم بعد أن أحرقت مليشيات النظام قراهم وبين أن يموتوا !! لكن ليس هذا هو الخيار الوحيد. فالإنسان يقف على قدميه ذات لحظة ليقول لقاتله وبالفم “المليان”: أنت قاتل! ليس ذاك فحسب ، بل ويقول له بملء فيه : سأردعك بنفس الوسيلة! وحمل السلاح ضد الإنقاذ من ولدوا عشية مجيء الإنقاذ !
إلى من يجلسون خلف مكيفات الهواء من الساسة الخائبين ومن أنصاف المثقفين والثوريين الكذبة، يا من تضعون الجبهة الثورية ونظام الخرطوم الفاشي في نفس كفة الميزان ، اعلموا أن التاريخ سيقول كلمته ذات يوم فينا جميعاً. نظام الخرطوم يحرق القرى والمزارع في دارفور ويقتل أهلها. ونفس النظام يحصب المدنيين في جبال النوبة وفي الأنقسنا على مدار اليوم، فقط لأن الناس في الهامش العريض في السودان- من كجبار في الشمال مروراً بحفدة عثمان ابوبكر دقنة في الشرق والناس في الغرب وفي الجزيرة الخضراء وفي كل ركن من بلادنا عرفوا كيف يدافعون عن حقوقهم وحقوق أجيالهم القادمة، رافضين عيشة الذل والموت المجاني الرخيص.
من هذا الجحيم ولدت الجبهة الثورية السودانية التي أصبحت اليوم قطب الجذب وبوتقة العمل السياسي الجاد. وبوجود الجبهة الثورية السودانية جاء نداء باريس مع حزب الأمة القومي ? أحد أكبر أحزاب البلاد. وبسبب وجود ثقل الجبهة الثورية العسكري والسياسي تداعى الساسة الوطنيون ودعاة الحقوق المدنية إلى العاصمة الأثيوبية ليعلنوا (نداء السودان) – هذا الأمل الأخضر الذي سوف يكون شاهداً على زوال الدولة البوليسية وميلاد سودان جديد ، سودان الدولة المدنية الديموقراطية حيث يتساوى الجميع ? على اختلاف سحناتهم وأقاليمهم وأعراقهم ومعتقداتهم – يتساوون في الحقوق والواجبات!

عفواً.. ذاك حلم أراه بعين قلبي دائماً ، وكبر عندي مع بزوغ شمس العام الميلادي الجديد.

فضيلي جماع
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا شاعر التدى تريث فموضع السيف مليئ بالدم والجراح والغدر وحب النفس ورفع المصاحف بالرماح الثورية والعيون على مكاسب ذاتية، والقطار الذي تراه هادرا فتياً هو فطار قديم يحتاج لتشحيم وتعديل مكنة ليعمل بطاقة تقدمية عوضا عن فحم حجري التخلف .. لا أريد أن أصيبك بيأسي … لكنها يا شاعرنا خلطة واحدة بمعارضتها ومسلحيها وحكومتها وهي كلها وليدة التخلف .. ألا ترى سهولة الانتقال من مربع إلى آخر في هذه الخلطة .. اليوم في القصر وغدا في الغابة وبعده مع موسى هلال أو السائحون أو الطائفية أو …. لأنها خلطة واحدة … هذه ليست ملامة للثوريين ولا تخويف منهم .. لكن دعوة لمساعدتهم بالنظر الناقد والمنبه لمواضع الخطأ .. بدلا من التوله فيهم ومناصرتهم ظالمين ومظلومين .. أما شخصية العام السودانية فهي المواطن الذي يتحايل عل البقاء حيا في هذه الجحيم .. ولو ثقتي في صدق أمانيك للشعب السوداني وللثوريين لما تطفلت عليها

  2. العزيز فضيلي كل سنةوانت بالف خير . وتهاني الحارة وتمنياتي للعروسة بكل جميل . عشت معك زيارتك لكينيا .وامكانية ترشحك للانتخابات بوصفك من الكيكيو . لو لا الجبهة الثورية لما ارتفعت روجنا المعنوية . وامتلانا املا بالمستقبل . قلتا لي يقشروا بالقمصان والعربات وعايشين بعقلبة الحصر الحجري ؟؟

  3. يا اخى حل عنا بلاش ثورية بلاش ثيران وديل كمان شوية همباتة وبتاعين نهب وسلب وما تقعد تطبل وتزمر

  4. لم يقل سلفا كير او مشار بافضليته الدينية او العرقية!!!!!…لم تصب يا حبيبى فى هذا الوصف…فجميع حروب افريقيا اما دينية او عرقية…الهوتو والتوتسى…الكونقو…بوكو حرام…الصومال…النيجر…مالى…افريقيا الوسطى…وحرب الجنوب بين الدينكا ومن يوالى لها والنوير ومن يوالى لهم..وحدثت فيها مرارات فظيعة…والحل واضح: ابعاد سلفا كير ومشار وجماعتهما من السلطة والاتيان بسلطة توافق قبلى…نعم خلوها حكومة قبلية فاذا تعلم الشعب فانه قادر الى تحويلها لحكومة وطنية

  5. مصيبة السودان أن الذين يدعون للثورة على الإنقاذ وحكمها داخل طاقية وعباءة الجنوب أليس للسودان هذا الوطن تاريخ للثورة وإذا لم يخرج ناس الجبهة الثورية من طاقية وعباءة الجنوب لن يستطيعوا إقناع السودانيين بأنهم يعملوا لتحرير السودان أين اليسار السوداني ليقود هذه الثورة لذلك على الذين يكافحون الإنقاذ أن لا ينقادوا لأفكار جون قرنق والذي دعا لإستقلال الجنوب وترك أبناء النوبة والأنقسنا لقضاياهم بعد أن تم ضمان الإنفصال ولماذا لا تكون الثورة مستقلة تماماً للوطن .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..