مدارس شيطانية مختلفة..!

من أكثر المواضيع المطروقة في الجلسات النسائية في العالم الشرقي و دول العالم الثالث بإختلاف الثقافات والدرجات العلمية، تلك الأحاديث المتعلقة بالسحر و الشعوذة فكلما ظهرت مأساة مثل الخلاف الزوجي، المرض أو تدهور الحالة الإقتصادية تم نسبها بكامل الثقة الى أثر السحر الذي مارسه أحدهم ضد “المسحور” ثم تبدأ الإتهامات والتحليلات و المقترحات.
رغم إيماني بوجود السحر و تعدد أنواعه و أغراضه الا أنني لاحظت بحكم وجودي في بريطانيا و تعاملي مع صديقات و زميلات بريطانيات أن نساء العالم الغربي لا يتناولن هذا الموضوع “المهم” -بحسب الثقافة الشرقية- في جلساتهن الخاصة ولا يشتكين منه كحال نساء الشرق ولا ينسبن له مشاكلهن الإقتصادية أو عدم الإنجاب أو الخيانة بل أن من المؤكد أن الغالبية تحل مشاكلها بكفاءة مطلقة دون اللجوء الى شيخ و “محايات” و بخور رغم وجود السحرة الذين تعرض برامجهم بكثافة و لهم نسبة مشاهدة عالية مقارنة بالبرامج الأخرى.
بالتأكيد للثقافة و المستوى التعليمي والتقدم العلمي أثر في سلوكيات الشعوب لكن المدهش حقاً أن تختلف كذلك تخصصات السحرة في الغرب عن سحرة الشرق فالسحرة الغربيون مشغولون بالتنجيم والغيبيات بالإضافة للنشاطات الترفيهية الغريبة و المثيرة كالطيران و قطع أجساد البشر ثم جمعها مما يجعلني أجزم أن السحرة الغربيين خريجو مدارس شيطانية مختلفة تهتم بالتشويق والإثارة أما سحرتنا فمشغولون بحبيب “فلانة” و زوج “علانة” و بالتالي بتطليق “س.ع ” و دفن سبيبة شعر “م. ن” في المقابر أو ربطها في جناح وطواط و إلقاء التعويذة في البحر مع ظفر ضفدع رمادي و هكذا..
هل العيب في إهتمامات سحرة العالم الثالث و مدارسهم الشيطانية الموجهة نحو الطلاق و الكراهية و التعطيل عن العمل بدلاً عن الإثارة و التشويق أم في عقلية الشعوب التي تتقوقع في جهلها و أحقادها ولا تجتهد و لا تصنع نجاحاتها بل تسعد بتضييع الأوقات و الجهد في تعطيل الآخرين و إفشال نجاحاتهم وإن إضطرتهم أحقادهم لدفع الأموال الطائلة و الجلوس في أماكن تقشعر منها الأبدان و كله سعياً في ضرر آخرين تفوقوا عليهم في شئ ما فملأ الحقد و الحسد قلوبهم و عقولهم و أطاح بأخلاقهم و سلوكياتهم الى أسفل سافلين.
للأسف تبعاً لثقافة السحر هذه كثرت الأوهام بين الناس فوجد كل فاشل و متقاعس عن الإجتهاد و كل زوج/ة لا يستطيع إدارة حياته الزوجية و مواجهة قصوره، حجة السحر كأكثر الأسباب قبولاً في المجتمع حتى يبرروا فشلهم و جهلهم فليس كل فاشل أفشلته تعويذة و ليس كل زوج خائن أو محتج على تعاسة زوجية أفسده سحر. إن لكل مشكل أسباباً حقيقية واقعية لابد من مواجهتها و حلها بعقل و حكمة و إيمان.
السحر موجود و متعارف عليه منذ القدم وقد ورد ذكره في الكتب السماوية و كتب التاريخ و لكن هذا لا يبرر إنشغال الناس بالسحر و السحرة و تقاعسهم عن السعي والإجتهاد و إعمال العقل في حل قضاياهم فإن صدق وجود السحر غلبه الإنسان بقوته الإيمانية وبسلامة قلبه من الوساوس والأفكار السلبية و بالتأكيد بأذكاره و حسن إتصاله بربه ” وماهم بضارين به من أحد إلا باذن الله”
إن من أراد النجاح في حياته إجتهد و سعى في هدفه بإيجابية و إيمان صادق و واجه مشاكله بواقعية بعيداً عن الأوهام و الوساوس و البحث عن مبررات خارجية.
🔺 نقطة ضوء:
لا يفلح الساحر حيث أتى !
نافــذة للضــوء / أخبار اليوم
[email][email protected][/email]
نعم السحر ثابت لا احد يشك في ذلك ولكن ما نتبعه من الشعوذة وغيرها وربط معظم ما يحصل بانه من فعل السحر فان مرده لعدم جديتنا في حياتنا وفي معظم امورنا الحياتية وبهذه المناسبة فلنعطي فكرة مختصرة عن الجدية وفوائدها الحياتية.
الجدية :
الجدية ضد الهزل والتهاون في مناحي الحياة المختلفة وهي تعني القوة وعدم الاستكانة للضعف والرخاوة وهي تعني تسخير كل ما يتاح لك من امكانيات وتجنب الاعذار والعراقيل التي تعترض سبيل تحقيق هذه الجدية والجدية ميزة من ميزات النجاح وفقدان الجدية سبب اساسي في الفشل ومن هنا نلاحظ ان الانسان الجاد يعرف بوضوح طريقه وكذلك يتبع الوسائل التي تقوده في هذا الطريق ويلتزم بهذه الوسائل ولا يحيد عنها حتى يبلغ غايته متشبها بالسفينة التي تشق طريقها في البحر ولا يكون كالقارب الصغير الذي تعصف به الامواج والرياح وتحركه في جميع الاتجاهات وقد قيل بان الاستهتار لا يمكن ان يأتي بالنصر ولا التقدم لذا لابد من الجدية نحو تحقيق الاهداف والغايات وفي هذه الحالة فان الانسان سوف يبلغ هذه الغاية بعد ارادة الله ولو كانت همته الثريا ولنأخذ من سيرة السلف الصالح العبرة في الجدية ولو تأملنا كلام الله تعالى لعرفنا ذلك من الآيات التي تغرس الجدية في نفس المؤمن فقد قال تعالى ( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ)(الطارق 13-14) فصاحب الهدف والرسالة يبذل كل غالى حتى نفسه لبلوغ هدفه او تبليغ رسالته خاصة اذا كان هذا الهدف سامي وشريف كنصرة الامة او الوطن ورفعته والدفاع عن الحق ونصرة المظلوم ومن هنا جاء ان منهج الجدية هو المطية التي تمتطيها عزائم الرجال لتبلغهم ما يسعون اليه وقد قال الله تعالى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً)(الإسراء 18، 19) وقد تمثلت هذه الجدية منذ بداية نزول الرسالة على المصطفى صلى الله عليه وسلم وذلك في قوله تعالى ( إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) (المزمل:5) وقال (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) (الشرح 7 ، 8) فالجدية مهمة لانجاز أي عمل يجلب الصالح للبلاد والعباد وقد استعاذ نبينا صلى الله عليه وسلم من العجز والكسل فقال : أنس بن مالك رضي الله عنه (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات وأعوذ بك من عذاب القبر) فالنوم والترف والكسل الذي يعيش فيه كثير من شبابنا اليوم والآثار التي خلفتها وسائل الاعلام التي تنخر في عظم الشباب بما يجعلهم يتجهون صوب ما يخطط له الاعداء هي اهم الاسباب التي اقعدتنا عن مواكبة ركب التقدم في كل مجالات الحياة فالجدية يجب ان تميز كل فئات المجتمع فالطالب يجب ان يكون جادا في تلقي العلم والاستفادة منه كذلك ينطبق ذلك على الصحفي وعموم رجال الاعلام ومختلف المهن والتخصصات وعلى رأسها السياسيون فمن هو على رأس السلطة يجب ان يتصف بالجدية التي تجعله يوفي بكل متطلبات وضعه والأمانة التي تحملها وإذا لم يستطع تحمل هذه الامانة فعليه ردها الى اهلها ليتولها غيره من هو اكثر جدية وتحملا لها كذلك على المعارض ان يكون جادا في معارضته يحلل المواقف تحليلا دقيقا وصائبا ويبدي رأيه بموضوعية بعيدا عن النعرات الحزبية والتعصب والخصومات واضعا صوب اعينه مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وان يقدم البدائل الموضوعية والايجابية لما اعترض عليه وإذا وجد خيرا من الذين يعارضهم فليجد ذلك من الثناء فالمعارضة هي جزء من النظام السياسي السليم التي تظهر الرائي الآخر ولكن يجب ان يكون ذلك في صدق وتعاون ونبل من اجل الوطن لا من اجل مصالح ضيقة سوى كانت حزبية او جهوية او شخصية.
من هنا نخلص الى ان الجدية تعني عدم التراخي أو الاهمال في أي عمل او مسئولية توكل للشخص فالإنسان الجاد يحترم نفسه ومبادئه والكلمة التي ينطق بها والعهود التي يلتزم بها والطريق الذي يسير فيه. فالإنسان الجاد لا يجعل العوائق التي تعترضه سببا يحول بينه وبين الانتصار بل يحاول بكل السبل الانتصار عليها وتخطيها وتجاوزها فلم يكن فقد البصر حائلا بين الاديب طه حسين وبين ان يكون عميدا للأدب العربي ورئيسا لجامعة الاسكندرية ووزيرا للتعليم.
والإنسان الجاد لا يلجأ للأعذار ويجعلها مبررا وغطاء لفشله فهو يضع المثالية دائما نصب اعينه وهدفا يسعى الوصول اليه فمن هنا نناشد الأخوان والأبناء اتباع الجدية في كل مناحي الحياة بالذات في التعامل مع الآخرين حتى لو اختلفنا معهم فليكن اختلافنا يتصف بالجدية بعيدا عن الهزل والمهاترات والألفاظ التي لا تليق بنا ولا نرضى ان يصفنا بها الآخرون فكيف نصفهم بها ونحن لا نرضاها لأنفسنا.
الشامي الصديق آدم العنية مساعد تدريس بكلية علوم الاغذية والزراعة جامعة الملك سعود بالرياض المملكة العربية السعودية ومزارع بمشروع الجزيرة