صراع القوى الأمنية..حصرم التعديلات الدستورية

بسم الله الرحمن الرحيم
في ثمانينيات القرن الماضي ..وأنا في مكتب وكيل النيابة وقتها الأستاذ أبو عمار في مدينة كسلا لغرض ما..كان يتحرى مع مستجد من الجيش في عراك كبير جرى بين مستجدي الجيش والشرطة نتيجة مؤازرة كل طرف لزميلة اثر خلاف فردي كالعادة..وأفاد المتحَرى معه بأنه عندما سمع بالعراك هاجم أول مستجد شرطة قابله ..وعندما سأله كيف عرفه مستجداً أجاب ..المستجد ظاهر. وتنشأ الصراعات عادة بوجود إحساس قوي بالتفوق لدى كل قوة..خاصة قوات الجيش التي تعتبر نفسها الأولى..وكان من دخلوا تدريبات الدفاع الشعبي في أيامه الأولي ينقلون حديث تعلمجي الجيش الذي يقول ..الكلية الحربية أم الكلالي ثم يعدد بعدها كليات الطب والهندسة ومختلف الكليات ليذكر كلية الشرطة في الترتيب الأخير..
وإحساس التميز على الآخر موجود حتي بين الأفرع المختلفة داخل القوة..وحيث أن القوات التي تحمل السلاح بصفتها الدستورية كانت محصورة بين الجيش كقوة اساسية عالية التسليح ثم الشرطة والأمن بتسليح أقل..كان وضع الجيش مميزاً..غير أن الطبيعة العسكرية للنظام ..ومحاولة إدخال منسوبيه داخل هذه القوات بغرض التمكين ودعاوى الجهاد في الحرب الأهلية..أدخلت الدفاع الشعبي كقوة تخصم من خصوصية الجيش كقوة مقاتلة..ما أدى إلى حنق الجيش على الدفاع الشعبي بعيداً عن تعبيرات كبار المسئولين..ثم أصبحت الشرطة مقاتلة بحكم وجودها في مناطق الصراعات مما يقلل بالطبع من فوارق التسلح رغم وجودها..وبذا تكون الشرطة قد اكتسبت بعداً جديداً..ثم كان تسليح جهاز الأمن كقوة مقاتلة على يد صلاح قوش..والكل شهد كيف تدخلت في صد عملية الذراع الطويل ..وما أشعر قوش بالقوة حتى تمت إحالته نتاج طموحة.. حتى كانت قوات التدخل السريع بقيادة حميدتي تابعة لجهاز الأمن دون صلاحيات دستورية..وأتت التعديلات الدستورية لتجعله قوة نظامية..وهكذا تكاد كل القوى مشاركة في العمليات ..وكلها بتاتشرات ودوشكات..ومدرعات..وحتى مروحيات..هذا الوضع سيؤجج الصراع بين هذه القوى بلا أدنى شك..وما الاحتكاكات المستمرة وعمليات الانتقام من ممارسة كل طرف دوراً في حدود صلاحياته يمس الآخر..وستكون قوات الشرطة هي الأكثر دفعاً لهذا الثمن بحكم كونها مسئولة عن تطبيق القانون الذي يخالفه منسوبو القوات الأخرى باستمرار..خاصة في مواضيع الخمور والمخدرات..وقد حفلت الوسائط بصور لهذه المخالفات..وزادت حكايات ضرب شرطة المرور ..واعتداء الأمن على الشرطة كما هو منشور في الراكوبة الغراء..وهكذا تكون التعديلات الدستورية قد أضافت عنصراً محمياً بالدستور في هذه التفلتات..وحتى الآن فإن التفلتات والعراك بعيدة عن السلاح ..ولكن من يضمن عدم الانزلاق ؟ وبذا تكون الحكومة قد بدأت تحصد حصرم تعديلاتها من حيث أرادت جمع ثمارها..والله يستر من القدام
[email][email protected][/email]