الممتحَن واحد والترتيب الثاني

تنعقد الدهشة في حاجبي وذهني عندما أقابل من يستبعد سقوطا وشيكا ومدويا للنظام، تماما مثلما يستغرب المرء من الذي يجزم بعدم هطول المطر وهو ينظر بكلتا عينيه للبرق العبادي وينصت بكلتا أذنيه لدوي الرعد.
فالنظام فقد للأبد الموقف المهادن لقيادات حزب الأمة القومي، ذلك الموقف الذي بدأ مع مطلع الألفية بعد توقيع اتفاق جيبوتي وعودة تلك القيادات للبلاد، ثم اشتراك مبارك الفاضل بجزء من جماهير الحزب وكوادره في السلطة ثم المنعرجات والمنعطفات الأخرى من تراضي وطني ومن دخول عبدالرحمن الصادق للقصر والخ . هذا الموقف المهادن انتهى تماما بالتصعيدات الاخيرة والتي دفعت قيادات بالحزب الى التصريح علانية بعودة الجماهير والكوادر لحالة العمل السري. تلك العودة التي لن يختلف اثنان على أنها ستكون أشد شراسة ومراسا.
والنظام فقد للأبد ذلك الهدوء النسبي الذي منحته له القوى الريفية بولاية نهر النيل وعاد متضررو سد مروي لتصعيد احتجاجاتهم ومقاومتهم واغلقوا الطريق القومي واستثاروا معهم قطاعات اعرض من المواطنين هناك في تحد هو الأول من نوعه وينذر بما هو أقوى وأخطر، في الوقت الذي تعبأت فيه ولاية الجزيرة عن آخرها ضد النظام وتصريحات رئيسه الأخيرة ومجمل السياسات حيال مشروع الجزيرة وانتفض الشمال الأقصى باحتجاجات مطلبية هو الآخر. اما اهلنا في لقاوة الباسلة فقد ابلوا باعتصامهم السلمي الذي دخل شهره الثاني احسن البلاء وزادوا بان اعلنت محليات بكاملها مقاطعة الانتخابات الاستفزازية الكاريكتورية
تجيء هذه المستجدات في وقت يلتئم فيه شمل القوى المقاومة والمعارضة في نداء السودان وفي وقت تتشرذم فيه القوى الداعمة للنظام وتختلف من مؤتمر وطني وحركة اسلامية واصلاح ومنبر والخ، وفي وقت تتفاقم فيه الأزمة المعيشية على المواطنين حتى صار الحلم بوجبة واحدة لاغلبيتهم ضرب من المستحيل وتجيء هذه المستجدات والنظام يتلقى ضربات عسكرية في جبهات القتال لا يستطيع الافصاح عنها في إعلامه الأمني المأجور والمكمم وبلغت الخسائر في ارواح الجنود والضباط خلال ايام معدودة مئات الانفس
وفي خضم ذلك يصر رأس النظام على ان يخوض انتخابات غريبة ومريبة منفردا، في ظل معارضة معلنة وكظيمة حتى من اهل تنظيمه ونظامه انفسهم. انتخابات أشبه ما تكون مقدماتها ونتائجها بالنكتة الشعبية التي تقول : امتحنوهو براهو جا التاني!
فالبشير يخوض هذه الانتخابات بلا منافس جدي لتصبح مثلها مثل الانتخابات الصورية في بدايات الانقاذ وبالتالي لن تكون نتيجتها مثار ترقب ولا دهشة ولا فرح ويظل الخاسر هو شعب السودان الذي يحكمه رئيس لغيرما هدف سوى أن “يلبد” خلف كرسي السلطة مما ينتظره من سوء العقوبة على ما اقترفت يداه من جرائم ومخاز. ولكن إلى متى ؟
والبرهان على أن النظام يدرك هذه الحقيقة انه صار يخاف من أي تجمع حتى لو كان ثقافيا محضا فقد منع قيام فعالية كتاب مفروش الشهرية ومنع احتفال الجمهوريين بذكرى الشهيد محمود محمد طه
الذين يستبعدون سقوط النظام الآن يذكرونني بمقولة افلاطون : لو امطرت السماء حرية لرأيت بعض الناس يحملون مظلات وبمقولة الثائر الانسان مارتن لوثر كنج : تبدأ نهاية حياتنا في اليوم الذي نصمت فيه عن الأشياء ذات الأهمية.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..