دارفور مجددا ..وراء الأكمة ما ورائها..!!

أحدث تقرير للجنة الامم المتحدة للخبراء بشأن السودان تم توزيعه الجمعة 23 يناير الجاري, مفاده ان الاراضي النائية في اقليم دارفور السوداني قد تصبح (مرتعا للاسلاميين المتشددين) في ظل العنف الدائر في الاقليم,
مضيفا ان اجمالي عدد الغارات الجوية التي تشنها القوات الحكومية قل, الا ان الاستهداف المتعمد او الهجمات العشوائية ما زالت قائمة.
واشار التقرير الي ان (اثار ذلك اسفرت عن تدمير 3324 قرية في دارفور خلال الخمسة أشهر التي قامت بمسحها سلطة دارفور الاقليمية من ديسمبر 2013 الي ابريل 2014.
واشار الخبراء الدوليون في تقريرهم ايضا الي تشرد عدد كبير من سكان المنطقة, وذكر بهذا الخصوص مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية ان نحو نصف مليون شخص اصبحوا مشردين جددا العام الماضي في دارفور.
وقال الخبراء ان المناخ الامني عبر ليبيا والساحل والشرق الاوسط تدهور بسبب قلاقل الاسلاميين الراديكاليين.
من هذا التقرير يمكننا أن نخلص الي حقائق مفادها ان ازمة دارفور وفي ظل العمليات العسكرية الدائرة في الاقليم, وما يترتب عليها من المعاناة الانسانية للسكان المدنيين من النزوح والتشرد وهجر القري وفقدان الزرع والضرع, قد عادت الي دائرة الضوء مجددا, وهذه المرة عبر لجنة الخبراء الدوليون ومكتب تنسيق الشؤون الانسانية. وهذا مؤشر لا ينذر بخير, خاصة انها المرة الاولي التي يتم الحديث عن ان اقليم دارفور سيصبح ملاذا ومرتعا للمتشددين الاسلامين القادمين عبر الجوار من البر الليبي والساحل ومنطقة الشرق الاوسط في ظل عدم قدرة للحومة السودانية من تحكم كامل علي الحدود.
هذا الامر والحديث عنه ذات دلالة ومغذي للذين يتابعون القضية والمهتمون بالوضع الدولي, اذ ان الارهاب كقضية عالمية ظل يؤرق مضاجع جميع الدول, حتي ان الدول الغربية أضحت هي الاخري في غير مأمن من الارهاب العابر للقارات.
في الماضي كان الأمن يسود المجتمع الغربي وكانوا آمنين تماما, وان مشاهد القتل والتفجيرات لا يعلمون بها عبر شاشات التلفاز والفضائيات العالمية, خاصة ما يحدث في منطقة الشرق الاوسط وشمال وغرب افريقية. الا ان الوضع قد اختلف تماما, فجاءهم الارهاب بنفسه وفي عقر دارهم, فالليلة عندهم لم تكن اشبه بالبارحة !.
تقرير الخبراء الذي قدم يوم الجمعة عن دارفور ربما يراد من خلاله لفت انتباه المجتمع الدولي (مجددا) ان الصراع في الاقليم المضطرب لايزال يراوح مكانه, وان المعاناة الانسانية في تفاقم وهذا ما يترتب علي الحكومة ان تتذكر جيدا المقولة.. (أن وراء الأكمة ما ورائها..!).
ما أود قوله هنا ان علي الحكومة السودانية العمل الجاد وبكل ما تملك علي انهاء الصراع في الاقليم, ليس عن طريق العمل المسلح الدامي لان (العنف لا يولد الا العنف) ولكن عبر البحث عن السلام وآلياته, و التفاوض الجاد مع توفر الارادة والنية الصادقة لانهاء الصراع من أجل الوصول الي سلام دائم وشامل بدل من الاصرار علي المضي قدما في الاحتراب والاقتتال الذي سوف لن يجلب للبلاد الي الدمار والخراب والعودة الي الوراء. اضافة الي التدخل الدولي في الشأن الداخلي شاءت الحكومة أم أبت. وكما ذكرت في مقال سابق تحت عنوان (أيهما أحق؟ رهان مجهول أم برنامج معلوم) وقصدت ان الرهان المجهول هو انهاء أزمات البلاد بالعمل العسكري وان البرنامج المعلوم هو الوصول الي سلام ومصالحات عبر التفاوض بأي ثمن, وهنا أود القول أن عهد السيادة المطلقة للدول علي أراضيها قد انتهت الا اذا كانت تحترم مبادئ حقوق الانسان والحكم الرشيد وحريات التعبير والعدالة والمساواة وغير ذلك, حينها يمكن للدول ان يكون لها كامل السيادة علي اراضيها, اما الدول التي يتحدث الناس عن الظلم والقهر وعدم المساواة خاصة فيما يتعلق بمسائل (الثروة والسلطة) فلا تتوقع ان يكون لها سيادة مطلقة علي اراضيها والسودان واحد من الدول الافريقية (المتشرزمة) اي متعددة الاعراق والاثنيات والتي من الصعوبة بمكان ان يجتمع فيها الجميع علي كلمة سواء وقلب رجل واحد, لذا نجد التخلف والعمل العسكري ينتشر هنا وهناك..!
[email][email protected][/email] مهتم بالسلام والنزاع
إن قوات الجنجويد المسماة حاليا بالدعم السريع ، هي التي تسببت في كل ما حدث في دافور من قتل ، وبعد هدوء نسبي لحركة النزوح تصاعدت حركة النزوح مرة أخرى بعد الهزيمة الساحقة التي تلقتها قوات اللصوص وقطاع الطرق من عناصر الدعم السريع عندما لقنهم أشاوس جبال النوبة درسا في الثبات والرجولة ففروا إلى مدينة الأبيض وبدأوا في ممارسة أفعالهم الجبانة ولصوصيتم التي اشتهروا بها فهب إلى الأبيض هبة واحدة فطردوهم كالكلاب ، فتحركوا مرة أخرى إلى جنوب دافور حيث استقبلتهم قيادات المؤتمر الوطني المنافقة استقبال الفاتحين ، وانطلقوا إلى قرى الآمنين في جنوب وشرق نياﻻ فأعملوا فيهم آلة السحل والقتل والنهب ، فنزح الأهالي بأعداد مهولة ، وانسحبت الحركات الدارفورية الجبانة من تلك القرى تاركين الأهالي نهباً لقوات النهب السريع ، ومنذ ذلك الحين ظل الوضع يتفاقم كل يوم ، وزاد الطين بلة ترفيع هؤلاء اللصوص إلى قوات تعمل تحت إمرة جهاز الأمن والمخابرات فازدادت ضراوتهم وازداد فتكهم بأهل القرى الآمنة في ظل صمت مريب من المجتمع الدولي الذي بدأ يستشعر الخطر بعد الذي حدث في فرنسا ونظر إلى دارفور بوصفها موقعا هشاً يمكن أن ينفذ منه الإرهاب والتطرف خاصة في ظل دعم قطر والسعودية والكويت لعدد من السلفين المتطرفين الذين ملأوا القرى بدارفور تحت مباركة الحكومة وجهاز الأمن ، وتغير حال الواقع الديني في المجتمع الدارفوري الذي أصبح يعج بجماعة الجهل المسماة بأنصار السنة ذوي الجلابيب القصيرة والوجوه المتجهمة السوداء الخالية من أي نور للدين أو الإيمان ، والغريب أن لصوص الجنجويد يعتدون بالسرقة على كل المؤسسات فينهبون مرتباتها وسياراتها ولم نسمع في أي يوم بالاعتداء على منظماتهم المنتشرة على طول الإقليم ، الوضع في دافور متجه إلى الصوملة بوجوه جديدة غير وجوه الحركات وهو ما أدركه الغرب وهو ذريعته لاستعمار جديد يطال الأقليم بأكمله وهو ما تسعى إليه حكومة الإنقاذ للأسف الشديد.