انفجار تشريعي وخرمجة برلمانية

أمامي سأل أحد نواب البرلمان، زميلاً له عن قانون الرقم الوطني، وهل تمت اجازته من البرلمان أم لا؟ وكانت إجابة الآخر بأنه لا يدري فقد غاب عن إحدى الجلسات ولن يستطيع أن يؤكد ان كان القانون قد عرض واجيز ام لا.
هذه المحاورة القصيرة تختصر تماما ما يحدث الان بالبرلمان من خرمجة فى اصدار القوانين دون ان تتم دراستها بالكامل ودون نصاب قانونى ودون اعتراضات الا من قلة من النواب.
مع مضي الايام نحو ختام دورة البرلمان يريد كل النواب ان يجيزوا اى مشروع قانون مهتمين بالكم لا بالكيف وكأنهم لا يضمنون ان يكون البرلمان القادم اسيرا للمؤتمر الوطنى كما الحالى ولذا يسارعون لاجازة القوانين التى تتوافق مع حزبهم المدلل وقادته.
ما يحدث فى البرلمان يمكن ان يطلق عليه وبامتياز مسمى “انفجار تشريعي” بدأ منذ ان عمد البرلمان على تعديل الدستور بصورة حيرت حتى الموالين للحزب الذى يتحكم فى مصير الدولة.
لن يصدق القراء الطريقة التى تتم بها القوانين الان وتمريرها فجدول اعمال المجلس يحمل اسماء قوانين وما يعرض على القبة قوانين اخرى ويشتكي حتى النواب من عدم فهمهم لما يطرح ويشكون مر الشكوى.
قوانين تعدل فى مرحلة القراءة الثالثة بما يخالف لائحة اعمال المجلس نفسها ويتحكم رئيس البرلمان فى تمرير ما يراه مناسبا.
قوانين تعرض دون دراسة لدرجة ان البرلمان يعيدها للجنة المختصة لمزيد من الدراسة ووزراء فى الجهاز التنفيذى يسارعون لاغتنام فرصة هذا المولد ويعدلون بما يتوافق مع سياساتهم، وقوانين تعاد لمجلس الوزراء واخرى تعدل حتى فى مرحلة العرض الرابع ومعان وكلمات وعبارات تشطب وتستبدل باخرى فى مخالفات واضحة ولكن الكلمة المسموعة دوما هى كلمة “نعم” التى يجهر بها النواب عاليا موافقون بها على ما ياتى من تعديلات.
قلة من النواب يعترضون على بعض التعديلات ولكن اصواتهم تذهب هباء منثورا وكأنهم “يرفعون الآذان فى مالطا” ويرتد عليهم القول فيحدثون انفسهم ببيت الشعر الذى صاغه عمرو بن معد يكرب قديما (لقد أسمعت لو ناديت حياً …. ولكن لا حياة لمن تنادي)
معظم النواب لا يدرون كم عدد القوانين التى اجيزت خلال الشهر الماضي ففى كل يوم جلستين وفى كل جلسة اربعة قوانين يختلط فيها الحابل بالنابل، لدرجة ان احد النواب عندما اعطى فرصة للمناقشة فى القانون الرابع في الجلسة كانت مداخلته مبنية عن القانون الاول الذى اجيز قبل اكثر من ساعتين.
لا ادرى لماذا العجلة وكأن نواب البرلمان يظنون ان لا برلمان آخر سيعقبهم فكل القوانين التى اجيزت تحتاج لدراسة عميقة فبعضها رتب الاعدام عقوبة وترك امر تقدير الجرم على القاضي وبعضها اعطى اليحوان خمسة حريات اهمها حرية التعبير وبعضها لا احد يفهمه حتى الان.
جلسة تبدأ بعدد 56 نائبا واخرى تستمر لست ساعات يخرج جميع نوابها ويعودون هكذا يبدو حال البرلمان الآن ورغم ذلك يحصد الاشادة من رئيس الجمهورية الذى يشيد بنهج البرلمان فى اجازة القوانين.
البرلمان كمن فاجأه العيد فقد وجد نفسه مباشرة امام موعد نهاية الدورة فاصبح يسابق الزمن لاناج مهام المؤتمر الوطنى التى تتيح له الاستمرار فى الهيمنة على الدولة لسنوات جدد.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. وحاشا أن اقول مقال غيري وذلك ضد سري واعتقادي
    ولقد اسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
    وفي دار العزازة لي عياذ يقيني نشب اظفار العوادي

    معقول يا صديقي جلسو تبدا ب 56 عضواً وكم النصاب اصلاً..

  2. ونان مالو يا حسين “تربيع” ال “56” نائب حقّو دايمن يبدو بيهم الجلسات كووولها..عدد الوزراء برضو يكونو 56.. الولايات حقو برضو يبقو 56 لتوسيع دائرة المشاركه و”توطين او تدشين الظل الادارى” وكمان يعنى المعنى لدواعى وطنيه “او كما قال ,, سن المعاش يرجعوها ل 56 ( بس ال 5 وال 6 يتغير مواقعهم
    * ألأستقلال موش كان سنة 56 ؟وهى كمان – من حسن الصدف – تساوى صورة التحقق مضروبه فى اتنين!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..