تونس تُكمل طوق الياسمين.!

وسط كل هذا الظلام والفوضى والعبث، هناك شعلة نور وأمل تظل متقدة ما بقي قادة تونس يضعون الوطن والشعب فوق كل شيء، تونس تُكمل عمليتها الديمقراطية بسلاسة نادرة، أمس الجمعة تسلمت حكومة الحبيب الصيد مهامها رسمياً من الحكومة الانتقالية بعد أن منح برلمان تونس ثقته للحكومة الجديدة يوم الخميس، لكن قبل ذلك كادت الأمور أن تتعسر حينما تواردت الأنباء بشأن تشكيل حكومة جديدة لن تضم حركة النهضة الإسلامية التي خسرت الانتخابات الأخيرة، وهو ما كان سيقود البرلمان إلى الامتناع عن منح الثقة للحكومة الجديدة، لكن يبدو أن الحبيب الصيد الذي يرأس مجلس الوزراء نجحت مساعيه، وشكّل حكومة ائتلاف كاملة، ضمت العلمانيين الحائزين على الأغلبية، وخصومهم الإسلاميين الذين يحلون في المرتبة الثانية، ثم أحزاب أخرى، ولولا تلك المساعي الجديدة، والحرص على تشكيل حكومة تضم كل التيارات، لكانت تونس الآن تخوض معارك الشرعية واللا شرعية.
هو ذات الهدوء، وذات الحكمة، التي قادت تونس إلى الانتهاء من دستور توافقي، بمشاركة كل القوى السياسية مبكرا، بينما تتناحر جاراتها، ودول المنطقة، وتغرق في فوضى، وعبث سياسي وأمني.
التجربة في تونس والانتقال الناعم للسلطة إنما منبعه وعي وطني كبير قبل أن يكون وعيا سياسيا، وهذا الوعي تجسد- تماماً- في الخطاب السياسي هناك، فطوال السنوات التي أعقبت الثورات في المنطقة انغمست القيادات التونسية في شأنها الداخلي، لم نرصد مرة واحدة ولو كان عن طريق الخطأ أن تحدثت تونس عن شأن دولة أخرى لا حكومتها ولا معارضتها، حتى عقب بروز تنظيم الدولة الإسلامية الذي شكلت بعض دول المنطقة حلفاً ضده تلك التي هدد أمنها، والتي لم يهدد أمنها، لم تتحدث تونس عن هذا الشأن سلباً ولا إيجابا، كما لم تتبنَ أي موقف يضعها في خانة التصنيف الحاد الذي ينتظم دول المنطقة؛ لذلك النتيجة الطبيعة أن تنجو تونس مما يجري الآن، رغم أنها في عمقه، وكانت النتيجة أيضا أن تتخذ جانبا في هذه اللوحة العبثية المضطربة الألوان.
الآن بعد أن أكملت تونس ديموقراطيتها كاملة خلال أربع سنوات، دون إراقة دماء ولا حتى حالة احتقان سياسي، يبقى أن التحدي الكبير كيف تدوم حالة النجاة التي تعيشها تونس، النجاة مما يجري حولها، والتحدي أن تُنجز مطالب ثورة شعبها، وقد حققت الجزء الأكبر منه، فالاستقرار السياسي هو أساس الانتعاش الاقتصادي، وأساس متين لسياسة ثابتة للعلاقات الخارجية، التي فيها المحك نظراً لما يجري حول تونس، أما نحن فليس أمامنا إلا أن نبارك لهذا الشعب هذه القيادة.

التيار

تعليق واحد

  1. اما انتم فلكم ولعموم الشعب السوداني خالص العزاء ولسان الحال في السودان اليوم يردد اللهم لانسالك رد القضاء ولكن اللطف فيه وجيلكم هذا غير محظوظ لانه سيعيش في يوم قريب نهايات لاتشبة ماحدث من قبل في سودان اكتوبر 1964 ولا ابريل من 1985. خاصة وان الرئيس لايزال يأنس في نفسه والذين معه القدرة علي ادارة البلاد وفق مايريدون..

  2. ناس اشهو في الياسمين مش ناس كدا احبو النيم حقا ومن يتهيب صعود الجبال يعش ابد الدهر اسفل سافلين بين المستنقعات والحفر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..