روح واحدة في ” حزبين “

قبل حوالي خمسة سنوات كنت قد اجريت مقابلة صحفية مع الراحل فتحي شيلا وقتها كان الراحل يقف في منتصف المسافة الفاصلة بين حزبه القديم الاتحادي الاصل وحزبه الجديد المؤتمر الوطني وكان الرجل قد ذكر في هذه المقابلة ان اصول ومبادي المؤتمر الوطني مستمدة من الحركة الاتحادية ..وتذكرت هذه المقابلة وانا اقرا بالامس في حوار اجرته الزميلة “الوفاق” مع القيادي بالاتحادي “الاصل” تاج السر محمد صالح والرجل ذكر في مقابلته ان جينات قيادات “الوطني” اتحادية ..فحاولت الربط بين ما ذكره الرجلين مقرونا بافادة او رواية اخري سابقة تحدثت عن ان الامير احمد سعد وزير مجلس الوزراء الان هو اصلا ينتمي للمؤتمر الوطني منذ ايام الجبهة الوطنية المعارضة لنظام جعفر نميري ولو حاولنا كذلك اجراء سياحة تحليلية او استنباطية في مواقف مولانا السيد محمد عثمان الميرغني زعيم الاتحادي الاصل مع المؤتمر الوطني خصوصا في قضايا المشاركة في الحكومة وفي الانتخابات القادمة ربما يمكن استكشاف مواقف او حقائق مشابهة لما ذكره الرجلين الراحل “شيلا” وتاج السر .
ولكن يبقي السؤال ..هل يمكن ان نفهم ان كل الذي يجري الان داخل الاتحادي الاصل من مواقف او توافقات مع “المؤتمر الوطني” يمكن ان نفهمها في سياق توجهات او استحقاقات مبررة بمواقف تاريخية او تكوينات جينية متشابهة بين الحزبين “الاصل” والوطني” ؟ فاذن هي روح واحدة في (حزبين) ..اليس كل هذا هو “سر” الهرولة من دار “ابو جلابية” الي دار الضيافة بشارع المطار ؟ وان كان الشيخ حسن ابو سبيب احد عقلاء وحكماء الحزب وزميله علي السيد المثير للجدل والغاضب من مواقف “مولانا” ان كانو يعلمون حقيقة هذه “الهرولة ” تجاه المؤتمر الوطني لماذا هم غاضبون ؟ انت امام حقيقة لا تبدلها التصريحات الغاضبة فلا خيار امامكم فاما الصمت والقبول بالامر الواقع او البحث عن بدائل اخري تسعكم انتم واخرين فالحركة الاتحادية تمزقت الي اشلاء اما حزبكم فقد سرقته “العباءات” وابتلعته “المهاجر ومزقته الاجنحة والتيارات الداخلية الباحثة عن مؤسسية وعن حزب كامل الارادة .
حينما تجود الراسمالية بمالها ..!
قبل يومين اطلقت مجموعة الراسمالية بالمؤتمر الوطني علي لسان علي ابرسي وهي تصريحات جديرة بالتوقف والتامل قال فيها انهم سيدعمون الحملة الانتخابية لرئيس الجمهورية لقناعة لديهم بان البشير هو صمام امام هذه البلاد وبالتالي فهو الحامي لمصالحهم وتجارتهم واموالهم وان لم يكن ذلك صراحة فهو واقع تتحدث عنه المعطيات .. ليس العيب ان يحتمي رجالات الاعمال بمن يعتقدون انه يمنحهم الامن التجاري والاقتصادي والمالي وانما العيب يكمن في خطر الاستغلال السئ لانشطة الاقتصاد السوداني وانتهاك حرمة القانون واستباحة الحق العام .. وربما يعتقد هؤلاء الراسمالية ان تقديم المنح والعطايا لحملة “الرئيس” في السباق الانتخابي القادم سيكون مقابله قطف الثمار الطازجة مرونة وتسهيلات في التجارة والاعمال واعفاءات واستثناءات يعود نفعها باضعاف مضاعفة من الذي يقدمون دعما لهذه الحملة ..ولكن الذي يجب ان يعلمه هؤلاء المتاجرين بالسياسة وبالمواسم الانتخابية ان السيد رئيس الجمهورية لا حاجة له الي حملتكم هذه فهو الاكثر قدرة واهلية لانزال الهزيمة علي خصومه الحاليين الباحثين عن (الرئاسة) وبالتالي لا حاجة له لاموالكم طالما ان الذين ينازلونه في هذا السباق هم في حاجة للتعريف بانفسهم اولا قبل ان يعرففهم الشعب السوداني ويدرك كذلك كيف هم يفكرون ويخططون ؟ وكيف يمكنهم اخراج السودان من ازماته ومطباته السياسية والامنية والاقتصادية وعزلته الدولية ؟ ويقيني ان ما تدفعه الراسمالية لخدمة الحكام سيعود حتما بالساحق والماحق علي الشعب السوداني باعتبارها فواتير مؤجلة سيتولي وحده المواطن مسوؤلية سدادها وبكل اتعابها التي دفعها هؤلاء الراسمالية رغم الرهق والفقر وانسداد الافق في سبيل البحث عن خيارات افضل وعيش كريم .
اعادة انتاج الخطاب الاعلامي ..!
دائما ما تشكو الحكومة من الخطر الذي تتوهمه في الة الاعلام الاجنبي الذي يتعاطي مع القضايا والازمات السودانية فهي تعتقد كذلك ان هناك اعلام “عقائدي” ممنهج وموجه ضد الفكر الاسلامي الحاكم في السودان وضدة وحدة السودان تلك هي الحقيقة ولكن ما الذي فعلته الحكومة حتي تحد من هذا الخطر ؟ وكيف صاغت خطابها الاعلامي الموجه خارج الحدود؟ الحقيقة تشير بجلاء الي ان هذه الحكومة ومنذ اكثر من عقدين من الزمان ظلت اسيرة لفكرة اعلامية واحدة ورؤية بلا بدائل وتجربة بلا مراجعات ..وظلت القيادات الاعلامية تتبدل في مواقع وواجهات الخطاب الاعلامي الرسمي تماما كقطع الشطرنج .. قيادات عمرت في مواقعها الاعلامية بلا تغيير رغم تبدل المراحل ورغم ان الانقاذ سلخت جلدها اكثر من ثلاثة مرات الا ان هؤلاء لازالوا هم شخصيات محدودة تتبادل مواقع الهيئة القومية للاذاعة والتلفزيون ووزارة الاعلام ثم امانة الاعلام بالمؤتمر الوطني تلك هي الازرع الثلاثة التي كانت تتبادل عملية الطبخ للخطاب الاعلامي الحكومي شكلا ومضمونا وما برز في الايام القليلة الماضية من قرارات او قل تنقلات داخل المنظومة الاعلامية الرسمية ربما يعطي اعتقادا لدي الكثيرين بان عملية الجرح والتعديل في هذه الاجهزة الاعلامية هي عملية عصية وبالغة التعقيد خصوصا اذا كانت هذه العملية بلا خيارات .
ماذا كان يضير الحكومة لو انها دفعت باخرين من خارج سور المؤتمر الوطني واسندت اليهم مهمة صياغة خطاب اعلامي مرن وشفاف يستوعب مطلوبات المرحلة ويلبي دعوة الحوار واشواق الوحدة ويحقق الالتفاف حول قضايا الوطني ويعيد بناء المكونات الاجتماعية في المجتمع السوداني .
فان انتهجت الحكومة فعلا هذا الخيار ما الذي يصيبها او ينتقص منها ؟ اما بمعطيات الحال فان الحكومة في حاجة الي تفكيك مكونات خطابها الاعلامي الراهن وانتاجه من جديد بما يلبي رغبات الناخبين والمرشحين علي ان تشرك اخرين في صناعته وعليها كذلك ان تدرك ان اقتسام الحقوق القومية لا يتوقف عند الموارد والسلطة فقط وانما يشمل ايضا حتي حق التعبير في الراي والظهور الاعلامي عبر المؤسسات الرسمية التابعة للدولة وليس لاي حزب اخر علي ان تكون هناك حالة من التكافؤ في منح الفرص الاعلامية وهذا لن يتاتي الا في ظل اجهزة اعلامية متوشحة بالقومية
الطريق (الحائر) ..
قبل ايام قليلة التقيت بالسيد وزير المالية الدكتور بدر الدين محمود في احدي اطراف الخرطوم فسالته عن طريق ( المناقل/ القرشي /ابو حبيرة) فقلت له :ماذا تم بهذا الطريق ؟ فاجابني ..لا اعرف عنه اي شي ولا علاقتة لي به فكانت هذه العبارة اكثر ايلاما واحباطا في نفسي لا ننا كنا نعشم بمولد هذا الحلم الي واقع ..يبدو ان هذا الطريق اصابته للمرة “الالف” لعنة التوقيعات علي الاضواء الكاشفة وامام كاميرات الفضائيات التي شهدت قبل اسابيع قلائل (عرس) التوقيع عي بداية التدشية وبتاكيدات من وزارة الطرق واشراف البرلمان ومباركة المالية .. كل شي انتهي هنا الي لا شي فيا اهل المناقل والقرشي ابحثوا منذ الان عن “طرقكم” قبل ان ينتهي موسم الانتخابات .

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..