عراك لصرف النظر بعيداً

ظلت لدى قناعة راسخة لم تمحوها الأيام بان مفاصلة الإسلاميين الشهيرة وذهاب الترابي بعيداً عن مولوده الفكري المسمى بالمؤتمر الوطني لم يكن إلا مسرحية طويلة الفصول والآجال ولدى من الشواهد التي تعضد قناعتي الكثير.
بل وقناعتي تمتد إلى أن الترابي لم يخرج قط من المشهد السياسي وقد صرح كثيراً بأن قيادات تنظيم المؤتمر الوطنى الذي يحكم البلاد تزورة مراراً لأخذ الرأى متى ما أشكل عليهم معضل، وسأزكركم هنا فقط بمشهد صغير في المسرحية الكبرى وهو إن الترابي تم اعتقاله مرة إبان مفاوضات نيفاشا دون أى مصوغ، وذهب به من منزله إلى سجن كوبر وبعدها بأيام إلى مستشفى ساهرون ليأتي أحد قيادات التنظيم المؤثر آنئذ ويزوره في المستشفي وتخلى الغرفة بطلب من الشيخ وتمتد الزيارة المغلقة لأكثر من ساعتين بعدها أبدت الحكومة لينا في موضوع تقرير المصير تحديداً الذي كان يقف عثرة أمام عربة التفاوض.
ظللت أراقب عودة الترابي عن كثب منذ أن لبي دعوة الوثبة مروراً بظهوره في المؤتمر العام العاشر للمؤتمر الوطني، وخطابه الذي إرتجت له القاعة هتافا (الوحدة… الوحدة) ووصولاً لزيارته للبرلمان مرتين خلال أقل من شهر، وتصريحاته الإيجابية، ولقائه الضاحك الهامس مع على عثمان محمد طه، في ردهات البرلمان، فضلاً عن تحول مواقف نواب المؤتمر الشعبي في البرلمان وتحول كمال عمر من أكبر معارض إلى شبه ناطق باسم المؤتمر الوطني ورسخت عندي القناعة بان المسرحية يسدل ستارها الآن.
واليكم شاهد آخر طرأ على الساحة السياسية مؤخرا فقد بدأت أمينة المرأة بحزب المؤتمر الشعبي المعارض د. سهير أحمد صلاح تروج يوميا إلى أن الانتخابات المقبلة تُعدُّ استحقاقاً دستورياً معلناً عنه منذ نهاية انتخابات 2010م، وإن عدم قيام الانتخابات في الفترة التي حددها القانون يُعد خرقاً للدستور على الرغم من ان المؤتمر الشعبي يدعي مقاطعته للانتخابات.
ولذا يا سادتى لم أفهم أبدا أن يعيِّر المؤتمر الشعبى حركة الإصلاح الآن بأنها ظلت في السلطة وظلت ترضع من ثدى الخزينة العامة حتى تم طرد رئيسها إذ إننى لا أجد فارقا بين الإثنين غير الرضاعة من ثدى الخزينة العامة فالترابى لم يفطم ابداً بينما فطم د. غازى الذى أعاد مخصصاته البرلمانية للخزينة العامة هو وزوجه رغم عدم إسقاط عضويته فى تلك الأثناء
الترابى في آخر تصريحاته يسقط ما يدور فى حزبه على العامة ويقول إن الأحزاب ستتوحد ولكن من يقرأ خلف السطور يرى ان الترابى يقول ان حزبه قد توحد مع المؤتمر الوطنى وإندمج او “إندغم” بالكامل فقط الرجل بدأ الإعلان بطريقة “طارت أم بشار” التى يعتبرها أهل البوادى مطلعاً لخريف غزير.
لسنا مع حركة الاصلاح الآن ولسنا ضدها وإن كنا نعيب علي رئيسها عدم الإعتزار للشعب عن فترته الماضية مما يعنى أنه مقتنع بذات الفكرة التي عمل عليها نيف وعشرون عاماً الأمر الذي يشئ بان حركة الاصلاح الآن نفسها ربما كانت فصلاً في مسرحيات المؤتمر الوطني لكسب ود الشعب ما طال رئيسها مقتنع تماماً بما أتاه ولا يرى فيه خطأ يوجب الاعتزار.
خلاصة الأمر إن أحمد وحاج أحمد وجهان لعملة واحدة ولن يقنع أحداً بملاسنات ما بين المؤتمر الشعبي وحركة الإصلاح الآن إلا في حدود لفت إنتباه الشعب في إتجاه بعيد عن مسارات المؤتمر الوطني.
[email][email protected][/email]