يا كمال عمر كلامك أبلعو، أقليم جبال النوبة حلق بعيداً

الصور التي نشرت مؤخراً لاطفال النوبة الذين قتلوا بصورة بشعة بجبال النوبة بواسطة طائرات سلاح الجو السوداني وقذائف مليشيات النظام، اوضحت ان أغلب قري جبال النوبة لم تعد تلك القرية الهادئة على ما كانت تبدو عليه، وسكان جبال النوبة اليوم يواجهون من جديد واحدة من أكبر التحديات التي تواجهم بسبب اصرار الخرطوم وضعهم في مرمي النيران، فحتي بعد أنفصال جنوب السودان في أعقاب حرب أهلية طويلة اكتوت منها المنطقة لم تعد المنطقة امنة ومستقرة، ولكن هذا لا يعني انها سوف تظل متحده مع بقية السودان وتلظي بحمم النظام كل يوم، بل من المؤكد ان جبال النوبة ستترك وراءها فكرة الوحدة علي هذا الاساس القديم، فشعب جبال النوبة اليوم في جنوب كردفان اوفي الشمال على مسار تصادمي مع النظام القائم والرئيس السوداني عمر البشير وحزبه، ومن حق النوبة رفض محاولات النظام التي تجري لفرض شكل محدد للدولة السودانية بمعزل عنهم، وكذلك من حقهم رفض محاولات فرض ثقافة وديانة واحدة للسودان، ومحاولات أسلمة وتعريب السودان من النظام والنخب القائمة بالوسط ، والشاهد أن المنطقة لم تتوقف عن سيول الدعاة المسلمين والمستعربين الذين يرغبون في اسلمة واستعراب المجموعات الاثنية النباوية بجبال النوبة، فالشخص العربي لايتورع أبداً عن الثناء كل مسلم نباوي ولكنه يجاهر دوماً أن يظل النوبة بالمسيحية فكرة ليست جيدة، وهذا يعني مناصبة الثقافة العربية والاسلامية العداء وبالتالي فكرة الدولة السودانية القائمة علي الثقافة العروبية الاسلاموية، هناك كثير من المواقف التي أعطي فيها المال لتغيير اسماء النوبة الي اسماء عربية واسلامية، اي ان أي شئ يعبر عن ثقافتهم الاصلية فإنها يمكن تدميرها لصالح سيادة ثقافة بديلة، خلال الحرب الأهلية الاولي والثانية بين السودان الشمالي والسودان الجنوبي الحالي، خاض النوبة على جانب الطرفين شمالا مع القوات المسلحة السودانية ومع جنوب السودان بالجيش الشعبي لتحرير السودان المتمردين، الآن تشكل سودان جديد ?شمالي وجنوبي- ووجد النوبة انفسهم في الشمال دون اكمال استحقاقات ما توصل اليه الطرفان، والنوبة الموجودون بالحركة الشعبية والجبهة الثورية ماذال ينظر اليهم بعض الشماليون بانهم خونه وغالبا ما ينظرون للجيش الشعبي شمال كحركة جنوبية، وينكرون بشدة هدفها المعلن لإصلاح البلد كله، وخلق سودان جديد ودولة علمانية تحظى باحترام التنوع وهذا يجد كل الموافقة والترحيب القوي جدا مع العديد من النوبة ليضمن لهم حقوقهم كامله، ولتصادم ذلك مع رؤية نظام الانقاذ والبشير الديكتاتوري المغلف بمسحة الدين الاسلامي والثقافة العربية، وظل القتال في جبال النوبة عنيف بشكل خاص حالياً ومن قبل، ففي عام 1992 تم الإعلان حينها عن الجهاد أو الحرب المقدسة في جبال النوبة وتم استخدام المرتزقة من العراق بالاسلحة الكيميائية في جبال تلشي، وتم السماح للقوات المسلحة السودانية الشمالية وميليشيات عربية لتقتل وتحرق القرير حتى تلك فيها النوبة الذين كانوا مسلمين، وشبهت تل الهجمات على النوبة في تلك الفترة بجرائم الإبادة الجماعية، والتي لم تتوقف الا بعد ان تم التوقيع على وقف إطلاق النار في عام 2002، واليوم منذ العام 2011 يتعرض النوبة لابادة جماعية جديدة وفي ظل صمت تام من المجتمع الدولي والداخل، ومن المهم أن يدرك السودانيين أن شعب النوبة يريدون الحفاظ على هويتهم الخاصة وارواحهم وممتلكاتهم وأرثهم الثقافي، فكيف يمكن الحفاظ عليها والرئيس البشير قال بعد انفصال جنوب السودان، لن يكون هناك مكان للتنوع العرقي أو الثقافي في الشمال الجديد، وسوف يكون الاسلام المصدر الوحيد للتشريع، وهذا ما حصل، عندما يطالب النوبة في الحد الادني بالحكم الذاتي لجبال النوبه فالنوبة لايريدون الحرب وبحاجة للسلام ، ولكن هذا لا يعني ببساطة الاستسلام، وان عشرات الآلاف من الجنود النوبة هي في الحركة الشعبية سيتركون السلاح حباً في المجي للخرطوم والشرشحة من جديد مع الجلابة كما حدث في اتفاقية السلام الشامل وبرتكول المنطقتين، من المؤكد العودة إلى وطنهم ستكون عزيزة وباتفاق منصف بعد ضمان كل حقوقهم ومعهم أسلحتهم، فالكل عرف انه لا توجد وسيلة أضمن من دون السلاح وأنها سوف تعيد كافة الحقوق أو أي من الأخرى الأراضي المحررة في حال التنكر من جديد للحقوق، صحيح النوبة وكل المدافعين عن قضية جبال النوبة يعلمون ان شعبنا قوي جدا، وقادر، ولكن لا ننسى المظالم لدينا، فإذا كانت الدولة السودانية بعد سقوط النظام ستستمر في فرض الشريعة، والدين الإسلامي واللغة العربية على الشعب بجبال النوبة، سترى بلد لن تتوقف عنه الحرب وجبال النوبة هي في قلب ولاية جنوب كردفان على الحدود مع جنوب السودان. والاستقرار فيها أمر بالغ الأهمية ليس فقط بالنسبة للشمال المسلم، ولكن للجنوب المسيحي ايضاً، حيث هناك حرب أهلية مشتعلة في دولة مستقلة حديثاً وترغب في الاستقرار، والنوبة من المهم جدا لهم استقرار الجنوب لوجود مئات الالف من النازحين هناك، وفكرة أتفاق غير منصف قائم على أساس إهمال الخرطوم للمحيط البعيد عنها لن يحدث من جديد، ولن يكون واقع برتكول المنطقتين أيضاً موجوداً مطلقاً، وخيار الحكم الذاتي لم يكن صدفة او مجرد بدعة بل نتيجة مشاورات شعبية واسعة على مستقبل المنطقة وسط الكثيرين في جبال النوبة، وهذا لا يشمل خيار الاستقلال عن طريق تقرير المصير الذي يعتبر من البدائل المتاحة خالياً ايضاً، ونتائج الحرب الاخيرة بجبال النوبة مختلفة تماماً عن نتائج الحربيين السابقتين، وسينتج عنها واقع جديد مغاير لما كان في الماضي وعلي الخرطوم والنخب السياسية المختلفة تقبله والتكييف معه وهو واقع جديد من المؤكد سيحدث.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. البشير كضاب و منتحر وليس له في السلام او الديمقراطية مصلحة . فالسلام سيسلمة للمحكمة الدولية و الديمقراطية ستطيح به في سجون و محاكمات تصل عقوبتها الاعدام. طيب اذا ده كان حال البشير و على عثمان و الترابي و نافع وكل من اشترك في المؤامرة، فكلهم ليس في مصلحتهم حل القضية و سيستمرون في قتل الناس طالما كانت مصائرهم المرعبة موصولة بسبب جرائمهم.
    المصيبة مصيبة التبع و اللصوص و اكلة المال الحرام الذين ربطوا مصيرهم بمصائر رؤوس العصابة، فهؤلاء سيمشون للمشانق بارجلهم ثمنا لفتات الموائد الذي يحشون به كروشهم الان.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..