كارثة المبيدات الفاسدة

يعتبر ما قالة رئيس لجنة الزراعة بالبرلمان الدكتور حبيب مختوم عن المبيدات والأسمدة الفاسدة ومنهية الصلاحية أمر خطير جداً، وينزر بكوارث متعددة في مقبل الأجيال، بل وبدأت آثاره تظهر فعلاً لا قولاً بإنتشار معدلات الإصابة بالسرطان والأمراض غير المعروفة التي أصبحت تحصد الأرواح ليل نهار.
الرجل تحدث بشفافية يحسد عليها، ليعلن عن وجود مخازن في مناطق نائية في الخلاء البعيد إتخذتها الحكومة كمدافن للمبيدات الفاسدة ولفت إلى أن أى مركب كيميائى عندما تنتهى صلاحيته، يتفكك إلى عناصره الأساسية والتي ما هي الا مواد مسرطنة وسامة وقاتلة للأرض والأشجار والحيوانات والإنسان، وكأنه بذلك أراد أن ينبه إلى خطورة الأمر وأن ينقر ناقوساً لينبه إلى مكمن خطر داهم لا ينتبه إليه أحد.
هذه المخازن البعيدة ليست بعيدة بالفعل عن العمران، وبالطبع فإن آثارها تمتد إلى المناطق الحضرية عبر السيول والأمطار والتمدد الحضرى نفسه فضلا عن تسرب المبيدات إلى أعماق الأرض وإختلاطها بالمياه الجوفية وهذا أمر يتم الآن في ظل تعتيم كامل عن خطورتها.
الدول التي تاتي منها هذه المبيدات لا تقبل أن تعاد إليها لأنها لم تجبر أحداً على أن يستوردها منها وقد صنعتها للإستخدام لا للتخزين، مع العلم بان التخلص من هذه المواد أمر يكلف الدول ملايين الدولارات وبالتالى لا تقبل أن تعاد اليها بضاعتها بعد إنتهاء أجلها
هى سياسة المؤتمر الوطنى غير الراشدة التى ما أن ألمت كارثة بالبلاد إلا وكانت ورائها، بتخطيط لا يري ابعد من أرنبة أنف من خطط، إذ إن السبب الرئيسي في وجود الأسمدة والمبيدات الفاسدة ومنتهية الصلاحية هو التصريحات الجوفاء والتقارير المضروبة التي تصل لجهات الإختصاص باننا “نريد أن نزرع ملايين الأفدنة” و”حضرنا أنفسنا لزراعة ملايين الأفدنة” و”جاهزون لزراعة ملايين الأفدنة” فتعمل الشركات وفقا لهذه الإحصائيات على إستيراد ما يكفي حاجة السوق من الأسمدة والمبيدات غير أن الواقع يؤكد إن القائمون على أمر الزراعة لم يحضروا أنفسهم إلا لزراعة نصف المساحة، وإن الإعلان ذلك لم يكن إلا بغرض “الشو” وكسب ود المسئولين الكبار، ومزيدا من التمويل
وبالطبع فإن الإستيراد عندنا يتم دون الضوابط الصارمة المعروفة إذ أن السلطات يمكن أن تسمح بدخول منتج تبقت لصلاحيته أشهراً معدودة، وبالتالى فإن أى تخزين له يؤدى إلى فساده، دعك من أن نستورد كميات كبيرة لا نكون فى حاجة لها من الأصل، بسبب التضليل المتعمد الذي يكون غرضه الدعاية فقط.
لكم أن تتخيلوا إن المخازن التي تحدث عنها دكتور مختوم هي فقط (345) مخزناً تحوي (20,000) طن من المبيدات الفاسدة والملوثة للتربة بها أكثر من (100) طن بولاية الجزيرة، فاﻟﻤﺒﻴﺪﺍﺕ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ ﻭﺍﻟﻤﺨﺰﻧﺔ ﺑﻤﺨﺎﺯﻥ ﺮﺋﺎﺳﺔ مشروع الجزيرة ﺑﺒﺮﻛﺎﺕ، ﺗﻘﺪﺭ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ بـ(4.293.487) ﺟﻨﻴﻪ ﻭﺍﻟﻤﺨﺰﻧﺔ ﺑﺄﺣﺪ ﻣﺨﺎﺯﻥ ﺍﻟﺤﺼﺎﺣﻴﺼﺎ، ﺗﻘﺪﺭ ﻗﻴﻤﺘها بمبلغ 2.039.255 ﺟﻨﻴﻬﺎ وبالمخزن الآخر ﺑﺎﻟﺤﺼﺎﺣﻴﺼﺎ نفسها، ﺗﻘﺪﺭ بـ (4.769.854) ﺟﻨﻴﻪ مما يعنى أن ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﻤﺒﻴﺪﺍﺕ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪة، ﻭﺍﻟﻤﺨﺰﻧﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﺎﺯﻥ تابعة لمشروع الجزيرة فقط ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ مبلغ 11 ﻣﻠﻴون ﺟﻨﻴﻪ
لا توجد بالبلاد وسيلة آمنة للتخلص من المبيدات لذا تلجأ الدولة للمخازن النائية تلك، وهذه طريقة غير جيدة وعواقبها وخيمة، لذا فان الحل الأمثل في الوقت الراهن هو أن نستورد الكميات التي نحتاج اليها فقط، دون زيادة، وهذا بالطبع يتطلب حزماً كبيراً من قبل وزارة الزراعة، في تقدير الحوجة الحقيقية وفقاً للمساحات الحقيقية، التى تنوى زراعتها، وأن لا يترك أمر تقديرها للولايات التي تعمد دوما الى مضاعفة المساحة كسبا لاموال المدخلات.
[email][email protected][/email]