سلة ( دواعش ) العالم ..!

أذكر في بواكير شبابنا ورعونة إندفاعنا وتحديداً في منتصف السبعينيات كنا مجموعة من الأصدقاء نسعى للتعرف على السواح الأجانب الشباب بغرض تبادل المعارف واكتساب المعلومات عن بلادهم و عاداتهم الخ .. و فينا من يدعوهم للإقامة معه بين أسرته ليوفر عليهم تكلفة الفنادق على زهدها في ذلك الزمان من أيام السودان الجميلة .. من قبيل إعلاء قيمة
( الفينا مشهودة )
ولم نكن ندرك أثر ذلك على إقتصاد البلاد أو أمنها حتى الى درجة يمكن اصطحاب ذلك السائح بعفوية الى المناطق التي يكتب عليها ممنوع التصوير أو الإقتراب !
بل كان الكثير من اللا جئين السياسين و ثوار حركات التحرر في دول الجوار يقيمون بصورة دائمة في منازل قادة الأمن عندنا وهذا لا يحدث إلا في السودان !
في بداية حكم الإنقلاب الإنقاذي باتت العاصمة تعج بمنظر حملة الأباريق واصحاب العمائم وزي الخلافة المزعومة أو المنشودة فلنقل .. ولم ينفض سامرهم إلا بعد أن تجازوا الحدود التي شعر النظام حيالها بأن سكاكينهم تقترب من رقبته .. بعد عدة حوادث .. إستعدى فيها أولئك المهاويس السلم الإجتماعي فقتلوا حتى المصلين في المساجد !
فالأنظمة الشمولية لا يهمها أمن المجتمع بقدر همهما على أمنها الذاتي .. وهي تتناقض في تعاطيها مع المجتمع بين التضييق عليه في الأشياء الهامشية .. بينما تتعمد إلهائه بما يشغله عن إيلامها بجرح ولو كان فيه ما يصفه علماؤها بالمجون أو ما يقود الى التفسخ الأخلاقي المنافي للقيم الإسلامية التي يتشدق بها نظام الحكم الإنقاذي عندنا .. بينما يغض أولئك العلماء الطرف عن كبائر النظام من فساد وتقتيل و خنق لأبسط أبجديات حرية التعبير !
الآن العالم كله يتحرك لتقريب دائرة النار حول رقبة الإرهاب الذي صنعه كبار العالم وخدامهم المرعوبين في نواحي عدة من جغرافيا المنطقة المائجة وأكتوا بجمره وهم يسعون الى نفضه بعيداً عن حجرهم ليتناثر كشي طبيعي محتمياً بالبيئات التي تتوفر فيها الظروف الصالحة لإحتضان شتاته الهارب.. مثل الأجواء التي أوجدها هذا النظام الحاكم والمتحكم فينا والمتناقض في شعاراته وسلوكه و أقواله و أفعاله !
فالسودان بلد مفتوح .. ومجتمعه أكثر إنفتاحاً وسهل الإختراق .. فقد شاهدت في إجازتي الأخيرة وفوداً من تلك الجماعات الأجانب القادمين من أكثر البلاد تنطعاً وتزمتاً فكرياً ودينيا ًوالناس يصرون عليهم حتى بعد صلاة الفجرويأخذونهم الى البيوت لشراب الشاي و من ثم المكوث لأيام في ضيافتهم .. ولم يكن ذلك وقفاً على أحياء المدن وإنما تمددت خطاهم الى مناطق الريف إقتحاماً لطيبة قراه و فرقانه !
الأجنبي عندنا يتحرك دون أن يشعر بالغربة وهي محمدة ولكن لها مخاطرها في هذه الظروف .. فحتى الدول التي تدعى كمال إحترام حقوق الإنسان كالدول الأروبية باتت تعيد حساباتها في هذا الصدد رغم ما تملكه من أجهزة الرصد والمتابعة التي لن نصل اليها بعد قرنٍ.. على أقل تقدير من الآن !
نظام الإنقاذ يتملك كل مفاصل الحياة في غياب الحركة المضادة التي تبادله كسر العظام في صراع جاد لنهاية سخفه الطويل .. ولعل دروس ما بعد مرحلتي القذافي وعلي عبد الله صالح .. وما ترتب عليهما من توافد كل إرهاب الجماعات المتطرفة لتعبث فيها بما يضحك له أهل النظم المدحورة ملء الأشداق.. وقبلهما ما يحدث في العراق والحبل لا زال على جرار سوريا ولبنان .. !
ونظام الإنقاذ إذا ما أحس أن ريح الململة ستريمه أرضاً .. فلن يتورع من أن يجعل السودان سلة
( دواعش ) العالم..!
وساعتها سيطرب الكيزان وعسكرهم الى جعل الناس تتحسر على أيام قانون النظام العام الذي سيصبح مثل قوانين السويد والدنمارك مقارنة مع ما سيجلبه مهاويس العالم من سكاكين تلمع مع الساعات الفاخرة التي تزين المعاصم الملطخة بالدماء ..!
اللهم أخزي كل جبار موتور .. وأحفظ السودان من شر الكائدين من أهله والوافدين عليه .. اللهم آمين .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..