انظروا كيف كانت قبضة سياسة الانجليز لحماية الجنيه السوداني

خلصت في المقالات السابقة أن أوضحت كيف غلب الإنجليز مصلحة المواطن السوداني على مصلحة الجنيه الانجليزي ليحافظ الجنيه على قيمته الأعلى من الانجليزي وكيف إنهم أسسوا لسياسة محكمة لتوجيه مصادر الدولة المحدودة من العملة الأجنبية لأولويات الحاجات الضرورية وسد الأبواب بطريقة محكمة لا تسمح بأي تلاعب يجهض هذه السياسة لهذا بقى الجنيه على قيمته الأعلى من الإسترليني والدولار حتى السبعينات عندما أصدرت سلطة انقلاب مايو إلغاء رقابة بنك السودان على النقد الأجنبي لينقلب حال الجنيه السوداني ويتلقى الضربات المتتالية بعد أن عمت الفوضى الاستيراد وأعدمت الضوابط التي تحكمه حتى شيع لمثواه الأخير ليصبح السودان سوقا مفتوحة وليدفع ثمن ذلك المواطن الذي فقد كل المزايا التي تمتع بها وأرسى ي قيمها الانجليز لترتفع قيمة الدولار الذي لم يكن يساوى أكثر من أربعين قرشا ليساوى اثنين وعشرين ألف ضعف بحساب الدولار اليوم تسعة ألف جنيه قديم طالما انه كان يساوى ما يقارب أتنين دولار ونصف ولكم أن تحسبوا ما ترتب على هذا الارتفاع الجنوني والذي يلمسه المواطن في حياته اليومية.

ولتوضيح المفارقة بين ما أورثه لنا الانجليز وما ارتكبه الحكم الوطني في حق الجنيه السوداني وفي حق المواطن فلقد شاءت الصدف أن أعيش شخصيا من موقع المسئولية هذا الفارق بين النظامين.

فلقد عملت مفتشا في وزارة التجارة والاقتصاد والتموين في عام63 وهى واحدة من المؤسسات الثلاثة الرقابية على الاستيراد والعملة وقيمة الجنيه السوداني تحديدا بجانب بنك السودان والجمارك التابعة لوزارة المالية.

فوزارة التجارة هي التي تصدق رخصة الاستيراد ويستحيل على أي تاجر شنطة أو غيره أن يدخل أي بضاعة للسودان بدون رخصة الوزارة ولقد عملت في بداية مشواري بالوزارة ضمن الطاقم المسئول عن إصدار رخص الاستيراد وكانت رخص الاستيراد تحكمها ثلاثة ضوابط أولا رخصة مسمى بالمفتوحة والثانية مسمى بالمقفولة والثالثة وتسرى على المفتوحة والمقفولة أن توافق عليها إدارة الصناعة التابعة لوزارة التجارة قبل أن تصبح وزارة توافق على السلعة باعتبارها لا تصنع محليا لأنه يحظر استيراد أي سلعة تصنع محليا إلا في حالة استثنائية لسد النقص إذا كانت الصناعة المحلية لا تفي حاجة السوق. وأما الرخصة المفتوحة والتي عملت فيها شخصيا فهي تمنح لأي تاجر يحمل رخصة تجارية ومسجل وتشمل سلع معينة أهمها المواد الغذائية الضرورية والأدوية وقطع الغيار ومواد خام الصناعة المحلية ومستلزماتها ويشترط فيها أن تكون مصحوبة بشهادة منشأ من الدولة المصنعة ومشحونة منها حتى لا تكون مستعملة أو مخالفة للمواصفات الفنية ورغم ذلك فان هذه الرخصة لا تصبح فاعلة إلا إذا اعتمدها بنك السودان بختمه حتى يحق لأي بنك تجارى أن يسدد قيمتها من العملة الصعبة وهو نفس ما تخضع له الرخصة المقفولة والتي تخص السلع غير المفتوحة والتي تخضع لتخصيص ميزانية معينة لها أن توفرت العملة لتقسم بين مستوردي السلعة تحت نفس الشروط ويأتي أخيرا دور الجمارك التي تحظر تماما تحت أي مبررات دخول أي سلعة ايا كانت بغير رخصة معتمدة ومستوفية كل الإجراءات المذكورة ويأتي بعد ذلك دور قسم الرقابة على كل المحلات التجارية أن تكون مالكة لكل المستندات التي تثبت شرعية أي سلعة معروضة للبيع وفى حدود السعر المحدد بالنسبة القانونية من تكلفة السلعة والمحددة فسعر البيع نفسه مقيد بالقانون ويخضع لرقابة صارمة وعقوبات قاسية لمن تثبت عليه مخالفتها ويتبع هذا النظام بأنه لا يحق لأي مسافر أن يحمل أي عملة أجنبية إلا بتصديق من بنك السودان ولا يحق لأي شخص أن يدخل عملة للسودان بغير الإجراءات الرسمية لتصبح العملة تحت سيطرة بنك السودان الذي يحظر على أي بنك تجارى أن يتعامل في العملة الأجنبية بغير تصديق بنك السودان. ولقد استهدف هذا النظام المحكم ألا تكون هناك أي حركة للعملة الأجنبية خارج هذا النظام لهذا كان ا لتشدد بصفة خاصة برفض دخول أي سلعة بدون قيمة ودون تصديق عبر القنوات الثلاثة الرسمية.

هل انتم بحاجة لمقارنة بين ذلك الواقع الذي أسسه الانجليز وواقع اليوم بعد أن صفيت وزارة التجارة وألغيت رقابة بنك السودان على العملة وبعد أن أصبحت المطارات والمواني مفتوحة مقابل الجمارك الذي أصبح الهم الأكبر لها ما يدخل خزينتها.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لقد دعونا مليون مرة لعودة الانجليز لحكم السودان فاهلنا الذين عاصروهم لا يذكرونهم الا بالخير و يترحمون على ايامهم و الحقيقة بعد دخول الانجليز السودان وجدوا بلدا متخافا فقيرا بائسا لا توجد طرق ولا كبارو و لانقل ولا مواصلات لا تعليم لا صحة باختصار لابلد اي انهم بدءوا من الصفر الان نحن ندين لهم بالفضل فكل المفاخر التى كان السودانيين يفتخرون بها اسسوها الانجليز وعلى سبيل المثال لا الحصر جامعة الخرطوم, كل الرياضة فى السودان من كرة قدم لسباحة لملاكمة مشروع الجزيرة و خزان سنار انشاء مدينة بورتسودان, مدينة عطبرة و سكك حديد السودان, الخطوط البحرية و الجوية السودانية والنقل النهرى و الميكانيكى , المستفيات و المدارس, الامن قوات الشرطة و الجيش و انشاء الكلية الحربيةو تخطيط المدن الخ الخ وفوق هذا كله كان النجليز ودودين مع السودانيين لم يضطهدوهم و لم يسومونهم العذاب مثل الحاصل الان من الجبهجية اولاد الكلب , ولكن هنالك شئ واحد لم نتععلمه من الانجليز او لم نرد ان نتعلمه وهو كيف نحكم انفسنا !!!! اقترح ارسال رسالة لحكومة صاحبة الجلالة اولا لشكرهم علم ما قاموا به من تعمير للسودان فى الماضى و دعوتهم بل التوسل اليهم للعودة مرة اخرى, قال ايه قال الاستعمار الانجليزى اسالكم الله مش احسن مليون مرة من استعمار الكيزان المعفنين ناس حا نشيد نحنا بلادنا وحا نفوق العالم اجمع !!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ تفووووووووووووووووووووووووووو

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..