ولكن تغيير الاسم لا يغير الواقع

ولكن تغيير الاسم لا يغير الواقع

الطاهر ساتي

** يحكى أن امرأة حملت سفاحا بقرية ما ، فاجتمع أهل القرية وتداولوا أمرها ثم اتفقوا على نفيها خارج القرية بعد جلدها وتجريدها من كل أشيائها ، نفيسة كانت أو رخيصة ، علما بأنها بفعلتها تلك فقدت أغلى ماتملك .. بعد تنفيذ الجلد والتجريد ، رافقها البعض في رحلة النفي وهي مقيدة بالسلاسل ومطاردة بلعنات نساء القرية وحجارة أطفالها ..وقبل الوصول بها إلى آخر حدود القرية ، وهي بذاك الحال الفضائحي ، لمحت بطرف عينها فتاة تقضي حاجتها وراء جدار ما ، فصاحت فيها بلا حياء : يا بت أمي انستري ، عيب تقضي حاجتك قدام الناس بالشكل ده .. أوهكذا تعمدت أن تشغل مرافقيها – إلى رحلة النفي – بتلك الفتاة ، بمظان أن عقولهم قد تتناسى جريمتها .. !

** نهج تلك المرأة في إخفاء أزمتها الخاصة لا يختلف كثيرا عن نهج بعض نخبنا في إخفاء أزماتنا العامة ، وأعني بالبعض تلك النخب التي ترتكب الجرائم في حق الناس والبلد وحين تشعر بفداحة جرائمها تشغل الناس والبلد – في محاولة لإخفاء تلك الجرائم – بسفاسف الأمور .. هكذا بعض نخبنا ، وما مقترح تغيير اسم السودان إلا نموذجا لحديث مراد به تغطية أحاديث وأحداث كانت بمثابة أخطاء ارتكبتها نخبنا في حق هذا السودان الحبيب .. أي ، في محاولة لتغطية أخطائهم في حق السودان ، يجتهدون في صرف عقول الناس عن تلك الأخطاء بمقترح تغيير اسم السودان .. بالتأكيد لا أعني الأخ عثمان ميرغني فقط ، بل كل النخب التي تفكر مثله ، وهم كل الذين يظنون بأن تغيير اسم السودان هو الحل الشامل – أو بعض الحل – لمشاكل السودان .. فلنقرأ الرسالة التالية ، ثم نواصل ..!!

** الأخ : الطاهر .. جاء فى عمودك يوم الثلاثاء الماضي عتاب رقيق وخلاف مع الاخ عثمان ميرغنى فى دعوته للتفكير من الآن فى اسمين للدولتين القادمتين – لا قدر الله- والإعداد لإعلان اسم جديد غير الذى أطلقه الآباء على ما كان يعرف ب” السودان الانجليزى المصري أو المصري الانجليزي ” .. الأمر كما أرى ليس نخبا يستحى وإنما يذهب أبعد من ذلك..حيث يقول الواقع بأن حوالي خمس عشرة دولة أفريقية “غيرت” أسماءها التى أطلقها عليها المستعمر فى إطار تقسيم إفريقيا بين الدول الأوربية فى مؤتمر برلين نوفمبر1884 – فبراير 1885 لحسم الصراع بين الدول الاوربية فى الاستحواذ على القارة والذى تحول الى أوربي- أمريكي فى الوقت الراهن للاستحواذ والانفراد بالثروة الطبيعية الإفريقية فى باطن الأرض وظاهرها..!

** وكان لفظ السودان يطلق على كل من عبر البحر الأحمر غربا ..حتى ابن خلدون( مؤسس علم الاجتماع) كما يطلق عليه فى الغرب لا تخلو كتاباته من السودان أو أرض السود..ويقول التاريخ إن أجدادنا كان قد غلب عليهم الطموح والرغبة فى التحرر من الاستعمار ، بالإضافة إلى أن فينا والى اليوم من يسعى الى تغيير أي شيء ليجعلنا شعبا دون تاريخ (رغم أننا أعرق بلاد الله تاريخا ).. ونحن أصحاب حضارات يتحدث عنها العالم ويدرسها فى جامعاته العريقة ..بلاد النوبة .. ممالك نبتة ,كوش , مروي, علوة والمغرة, سنار..الخ.. صممنا العلم فى جلسة والنشيد الجمهوري (مع إعجابي به.). أرجو أن لا يفهم ذلك خارج إطاره فى هذا التعقيب..!

** ويقال إن الأستاذ جمال محمد احمد – عليه الرحمة – كان قد اقترح “جمهورية سنار” اسما للجمهورية الوليدة… المهم تم اختيار الاسم .. وانضم أو تم إعلان انضمام الجنوب لباقي السودان فى عام 1947 .. وبما أننا لم نحضر (السماية ) فلا أرى ما يمنع من التفكير فى اسم جديد للدولة المنشطرة فى الجنوب والأخرى فى الشمال ..فى معظم مستعمرات الرجل الأبيض احتفظت البلاد بأسمائها التاريخية مثل الحبشة ومصر. أما تلك التى أطلقها المستعمر فقد أعيد تسميتها والأمثلة كثيرة فى كل الدنيا وليست إفريقيا وحدها..كان وما زال أحد أصدقائي ينادي بتغيير اسم السودان الى أرض النوبة ..إذن عزيزي الطاهر فالأمر ليس (سوداني ، وأستحي ) .. بل هناك موضوع يستحق التداول لتتخذ الأمة ما ترى ، فإنها لا تجمع على باطل..ولكما الود… بروفيسور عبدالفتاح عبدالله طه

** من إليكم .. شكرا للأخ البروف عبد الفتاح على التعقيب ، ولكن اقتراحي لك – ولكل الذين يقترحون تغيير اسم السودان – هو إنتاج أفكار تبقي هذا السودان وطنا واحدا محميا بسيادة شعبه إلى أن ترثه الأجيال القادمة كما ورثتموه أنتم من آبائكم وأجدادكم .. هذا هو المطلوب حاليا ، ولا يجب صرف الأنظار والعقول عن المطلوب ، في محاولة لإخفاء أخطاء نخبنا التي تسببت في أن يكون ذاك المطلوب هو ( كل الطموح )

صحيفة الحقيقة

تعليق واحد

  1. الأخ الطاهر

    بعد التحية

    أوافقك الرأي أن بذل المجهود في تكريس الوحدة هو الأولى ، ، و لكن هذا لا يمنع

    أن نستعد للأسوأ كي لا نفاجأ . . ثم إن أمر الإنفصال صار واقعا أبينا ذلك أو

    شئنا . . لا شك أنك مخلص لبلدك و تتمنى أن يظل موحدا و كذلك أنا و غيرنا . .

    ولكن الأماني شئ و الواقع شئ آخر . . فأيهما نعتمد في تفكيرنا ؟

    عليه أرى أن التفكير في تغيير إسم السودان لا غضاضة فيه (من حيث المبدأ )

    و لا أرى ما يدعو إلى إتهام البعض بالمواراة خلف هذا الشعار . .

    كما أرجو أن يفكر الناس بجدية في هذا الإقتراح و يجهزوا أنفسهم للإنفصال الذي

    فات الأوان فعلا ــ أقول فعلا ــ لتجنبه . . ولك التحية مجددا ، ،

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..