ان الله اصطفاك يا صفية

ان الله اصطفاك يا صفية

عاطف فارس
[email protected]

حين تقاعس قادة الاحزاب العتيقة ورضوا بالقعود مع الخوالف ولسان حالهم يقول لنظام الانقاذ مثل ما قال قابيل لاخيه هابيل (لئن بسطت الي يدك لتقتلني ما انا بباسط يدي اليك لاقتلك). ولسان حالهم يقول للشعب السوداني مثل ما قال قوم موسى لموسى (فاذهب انت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون). خرج الشباب السوداني يحملون عبء ان يبنوا الحياة وينتصروا الوطن الجريح, بين جوانحهم تفيض قلوبهم بالامال العراض و بالرغم من انهم (كبروا مكان الضحكة العبرة) الا انه لم يراودهم ادنى شك في امكانية التغيير وحتميته التغيير (عشان الحاجات تبقى كويسة).
صفية اسحق لم يكن يميزها شئ عن زملائها المتظاهرين لها نفس (الملامح والشبه) وذات الامال والاحلام ولكن الله اصطفاها على الاخرين لتصبح ملهمة للشباب ورمزا للثورة وكرامة الانسان السوداني, وليحجز رسمها مكانا عزيزا في قلب كل انسان حر لا يقبل بالضيم والاطضهاد ولتتحول كلماتها البسيطة المؤثرة شعارات للثورة.
ماذا كان يدور ياترى بخلد الفنانة التشكيلية صفية وهي في طريقها الى تلك المكتبة لشراء ما تحتاجه لوحتها القادمة؟ بل ما هي عناصر لوحتها واي العوالم تحتضن؟ هل هي تلك العوالم التي ينشدها كل فنان ذو احساس مرهف؟. . . العوالم التي تتلالا فيها النجوم فرحة فوق روؤس عشاق احسوا معنى الحب والحياة . . . العوالم التي حلم بها محمد الحسن سالم حميد ومحجوب شريف والقدال وكل الشعراء. . . العوالم التي تتراقص فيها الشموس ضاحكة تحت اقدام اطفال يتواثبون حول نافورة البراءة والحب وزهور التبر البيضاء منثورة تحت اقدام الحمام. . . العوالم التي يحيا فيها الانسان كما اراد له خالقه في عزة وكرامة.
ايا ما كانت تحلم به صفية في تلك اللحظات, وهي تخطو صوب المكتبة ما كان ليقارب ما حدث لها. ومؤكد انه ما كان يمكن ان يجول بخاطرها ولو لجزء من الثانية ان القدر يخبئ لها من الاحداث ما سيغير مجرى حياتها الى الابد. لم تكن تدري انها تسير في وسط غابة متكاثفة الاشجار مليئة بالوحوش المفترسة, وان هذا الشارع الذي يردد وقع خطوها لا يوجد الا في ذهنها وهؤلاء الناس الذين يسيرون من حولها, وتلك السيارات العابرة لا وجود لهم في الحقيقة والواقع وانما يوجدون فقط في مخيلتها. . . . فقبل ان تصل الى المكتبة تمسك بها تلك الحيوانات المفترسة وتقودها الى مكاتب كانت في الاصل مكاتب لامن المواطنين امثالها فاصبحت مكاتب لرعب المواطنين .
اتدرون يا اعزائي الشارع الافتراضي الذي كانت تسير فيه صفية انه شارع الحرية الامر الذي يجعلني اتساءل هل كان اختيار هؤلاء الاوغاد لهذا الشارع بالتحديد مجرد مصادفة ام كان عن وعي ودراسة وللامر في الحالتين دلالات لا تخفى على القارئ الفطن.!
الامر المحير والذي جعلني اميل لفكرة الشارع الافتراضي هو ان عملية الاختطاف تمت في عز الضهر, وعلى عينك يا تاجر هل حقا نجح هؤلاء الضالين في مسخ الشعب العظيم؟ هل حقا اركبوا الوطن في سيارة مثل تلك التي شاهدناها في فلم “العودة الى المستقبل” سارت به القهقري قرون خلت؟ وعليه فان صفية لم تكن تسير في اليوم الثالث عشر من فبراير عام ٢٠١١ وانما تسير في يوم اخر لا اسم له ولا عنوان!!! ففي ذلك الوقت لم تسم الاشياء باسمائها بعد٠
االمؤكد ان الشعب السوداني شعب عظيم ولا يمكن مسخه ولكنهم هم المسخ الذي استغرب اديبنا الكبير الطيب صالح طيب الله ثراه اصلهم وفصلهم حين قال من اين اتى هؤلاء بل من هم هؤلاء?
لتحية لك اختي صفية واحني هامتي تقديرا لشجاعتك في فضح هذا النظام البائس المتهالك واهمس في اذنك الحاجات حا تبقى كويسة وكل الاحلام المشروعة حا تتحقق

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..