من يدافع عن برنامج الرئيس..!!

في يوم الأحد الماضي كنا فريق برنامج الميدان الشرقي داخل الأستديو بقناة أم درمان كلاً منا يحدق في ساعته بقلق.. اكتملت الترتيبات لإجراء مناظرة تمعن النظر في البرامج الرئاسية.. تخلف حامد ممتاز ممثل الحزب الحاكم في المناظرة.. كنت قد اتصلت على الأمين السياسي منذ الجمعة الماضية، وأردفت الاتصال برسالة تذكير.. بعد عدة محاولات هاتفية فاشلة أخيراً نطق المسؤول الرفيع.. اعتذر ممتاز، وقال: إنه كلَّف الخبير الإعلامي إبراهيم دقش ليترافع عن الرئيس البشير.. قررنا الانتظار، لكن ممتاز عاد، وأكد أن دقش لن يتمكن من الحضور، لكنه سيبحث عن البديل.. بعدها اختبأ حامد ممتاز خلف هاتفه، ورفض الرد على الاتصالات- كافة.
رحلة الهروب لم تبدأ الآن.. سبق أن اتصلت بالأستاذ قبيس أحمد المصطفى نائب أمين الإعلام ليرشح لنا من يحمل وجهة نظر الرئيس.. كان ذلك الاتصال تم عبر الزميل العزيز رحاب الدين طه.. وعد قبيس خيراً، لكننا لم نسمع منه مرة أخرى.. تركت بوابة الحزب، وذهبت إلى الحركة الإسلامية.. طلبت من الأستاذ عبد القادر محمد زين المشاركة في برنامج الميدان الشرقي؛ ليناقش قضايا الساعة.. اعتذر الشيخ وحولني إلى شخص آخر.
الاستثناء كان الأستاذ ياسر يوسف أمين الإعلام بالحزب الحاكم الذي يرد على الاتصالات.. صحيح أن الشاب ياسر لا يجازف بنفسه، لكنه يقدم مجموعة من الاقتراحات.
ظننت في البداية أن الامتناع عن الظهور في برنامج الميدان الشرقي الذي أعده وأقدمه هو موقف سياسي من شخصي الضعيف.. اتصلت على عدد من الزملاء خاصة في القنوات الأجنبية والقنوات الوطنية المستقلة.. معظم الإعلاميين أفادوا أن قادة الحزب الحاكم يتجنبون الحديث أمام وسائل الإعلام.. كل مسؤول حريص على لسانه السياسي.. كلما كان المسؤول صامتاً نسيته موجات التغيير الوزاري.
بعض المسؤولين ابتدعوا وسيلة جديدة في الظهور الإعلامي.. التصريحات النارية من رديفات (لحس الكوع).. آخر هذه التصريحات ما جادت به قريحة مصطفى عثمان رئيس القطاع السياسي بالحزب الحاكم.. مصطفى صرح” البيمد يدو للمؤتمر الوطني بنكسرا ليهو”.. وقبله صرح مسؤول آخر واصفا مقاطعي الانتخابات بالذين يولون الدبر.. تصريحات العزف الانفرادي تسجل لصاحبها موقف سياسي، لكنها تكون في مأمن من الرد الفوري.. بل دائماً تطلق هذه التعابير في أجواء احتفائية تعج بجموع المؤيدين.
نعود إلى أحجام قادة المؤتمر الوطني عن المدافعة عن برنامج الرئيس.. لم أسمع أو أشاهد مسؤولا رفيعا- حتى هذه اللحظة- يوضح للناس- كل الناس- الجديد في برنامج الرئيس لخمس السنوات القادمة.. الرئيس- وحده- من يتحدث عن الشريعة النظيفة، والفتوحات الاقتصادية.. رجال في قامة رئيس البرلمان يخاطبون في الليالي السياسية بخطب رنانة على شاكلة (القمر يسلم عليكم).. ليست هذه مبالغة بل فقرة من خطاب الدكتور الفاتح عز الدين المنصور في ليلة تدشين حملته الانتخابية في الحارة (١٥) بمحلية أم بدة.
أخي بروفيسور غندور أشر لنا على من يدافع عن الرئيس في موسم الانتخابات.. ليس هنالك فراغ في الإعلام.. إذا توارى قادة المؤتمر وراء الجدران فسيملأ الساحة قوم آخرون يبحثون عن فرص لإبداء الرأي الداعي لإرسال الحزب الحاكم إلى الجحيم.

التيار