نحن لسنا شعب يطلق الحكم الوطني الكذبة فنصدقه رغم واقعنا الذي نعيشه

أواصل مناقشة ما تناوله الأستاذ صلاح قاسم احمد وبصفة خاصة في تعقيبه الأخير ولعلني بداية أقول له إن الحكم الوطني منذ أن عايشناه بعد الاستقلال لم يعرف حكما يعترف بفشله بالرغم من إن كل الأحزاب الطائفية والعقائدية من يسارية وإسلامية وثلاثة انقلابات عسكرية كانت شريكة في الحكم منفردة أو متحالفة تتحمل كلها مسئولية إخفاق الحكم الوطني وان اختلفت في حجم المسئولية لهذا أقول للأخ صلاح ولا اعرف أين موقعه من هذه الأحزاب إنها جميعها تتحمل فشل الحكم الوطني والذي انتهى كما قلت بان المأساة بلغت به أن يكون بلدا طاردا لشعبه(لمن استطاع أن يجد البديل في أي بلد)

لذلك اقول لك الأخ صلاح إنني لم انسب لك انك وصفت البلد بأنها طاردة وان أغلبية شعبها يبحث عن أي وسيلة للهروب منه حتى تنفى عن نفسك هذا الحديث لأنني أنا الذي قلت هذا وأصر عليه ومطالبتك بان أقدم لك إحصائية
معتمدة من جهة مختصة لتؤكد لك رغبة أغلبية الشعب في الهروب من واقع السودان بحثا عن الأمان وعن العمل الذي يوفر لقمة العيش والصحة والتعليم وغيره من الاحتياجات الضرورية فمثل هذا المطلب لا يصدر إلا عن مكابر ومغالط لهذا أقول لك إنني اترك الحكم للرأي العام للشعب المعنى و المالك للحقيقة والتي يعايشها وهى أقوى واصدق من أي إحصائية تقوم بها أي جهة إن وجدت كما إن هناك

يا صاحبي فرق كبير بين من يهاجر بحثا عن تحسين الأوضاع وبين من هو فاقد للأوضاع نفسها
وأما حديثك عن إن ارتفاع متوسط عمر المواطن 14 سنة والذي حسبته محمدة للحكم الوطني فهو في حقيقته يرجع للتطور الذي شهده العالم في صناعة الأدوية للحد من أمراض بسيطة كانت تتهدد حياة الإنسان أما مردود الحكم الوطني فيؤكده انتشار الفشل الكلوي والسرطانات والتهاب الكبد الوبائي في زمن المياه الفاسدة والأطعمة الكيمائية التي تعج بها الأسواق دون رقابة وبأسعار فوق طاقة المواطن وعجزه في أن يتحمل تكلفة العلاج الباهظة وان كنت هاوي إحصائيات فلتحصى ضحايا هذه الأمراض في سن الطفولة والشباب

والقضية يا صاحبي ليست في متوسط الدخل وإنما في المردود لهذا المتوسط لسد احتياجات المواطن الضرورية فإذا كان كيلو الضان بلغ خمسين ألف جنيه بما يكلف المواطن في الشهر الواحد مليون نصف جنيه فترى كم يبلغ متوسط دخله ليغطي قيمة اللحم وحدها وبقية احتياجاته فهل نحن بحاجة للحديث عن متوسط الدخل وأملى أن تمسك ورقة وقلم وتحصى لنا تكلفة احتياجات المواطن اليومية وتضعها محل مقارنة مع متوسط الدخل الذي تتحدث عنه هذا إذا كان المواطن في الأصل وجد عملا وليس عاطلا,

أما حديثك عن هجرة السودانيين للخليج ولمصر في زمن الانجليز لا ادري من أين لك هذه الفرية والخليج قبل اكتشاف البترول كان يبحث عن أي لقمة من السودان ومن المكابرة أن تنكر إن السعودية التي هرول لها ملايين السودانيين اليوم كانت لفترة طويلة تنظر فترة الحج حيث يقدم الحجاج من كل صوب وعلى رأسهم القادمون من السودان وهم يحملون معهم ما بطعمهم من السودان وما يفيض عن حاجتهم لمساعدة المحتاجين في السعودية. ولكم عجبت لك وأنت تتحدث عن هروب السودانيين لمصر زمن الانجليز فليتك تعلم إنني شخصيا وعند تخرجي من كلي الاقتصاد جامعة الخرطوم عام 63 عملت مفتشا بوزارة التجارة وأول مسئولية توليتها في الوزارة كنت استقبل طلبات المسافرين لمصر من المعلمين المصريين الذين يعملون في السودان وطلبات السودانيين المسافرين لقضاء الإجازة في مصر ومهمتي التصديق لهم بان يحملوا معهم عند مغادرتهم مطار الخرطوم أو ميناء حلفا فقط ما تصدقه لهم الوزارة من احتياجات تتضمن الكثير من الاحتياجات الضرورية التي يحتاجها المواطن بما فيها الشاى الحب وكانت مهمة الجمارك ألا تسمح لأي مسافر أن يحمل أكثر مما تم التصديق عليه ويحمل توقيعي وختمي وتوقيع زملائي المفتشين فهل هذا هو الزمن الذي تتحدث عنه فلتعلم إن اسعد المصريين كانوا المعلمين الذين ينتدبوا للعمل في السودان لوفرة الضروريات.
ولى عودة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..