أخبار السودان

الرأسمال والعمل والإستهبال

كمال كرار

على خشبة مسرح القطاع الخاص السوداني، بأنواعه المختلفة: طفيلي، منتج.. وهلم جرا، نشاهد سلعاً ومنتجات تتحرك من مخازن إلى أسواق، ودعايات تلفزيونية، وأسواق تسمى خيرية، ومؤتمرات يحضرها أصحاب الوجاهات، ونفرات، والتبرعات بالمليارات.

وبالطبع هنالك أيضاً أموال تدور، وفوائض قيم،ورؤوس أموال تنمو،وحسابات مالية بالنقد الأجنبي، وكلها نتاج قوة عمل ناس يقفون أمام (المكنات)، أو يهيمون على وجوههم طوال اليوم لتسويق منتجات، أو في ترابيزهم يردون على الإتصالات،أو متشعلقين في السقالات..

وخلف كواليس القطاع الخاص السوداني،إهدار الحقوق،واستغلال العمال والموظفين،وامتصاص عرقهم ودمهم بلا رحمة.
قال كارل ماركس: (ما يرعب الرأسمال هو غياب الربح. فعندما يشتم ربحا معقولا، يصبح الرأسمال مبتهجا، وعند نسبة 20% يصبح جريئا، وعند نسبة 50% يصبح مغامراً، وعند نسبة 100% يسحق برجليه كل الشرائع الإنسانية وعند نسبة 300% فإنه لن يتراجع عن الإقدام على أية جريمة) .

ومن الجرائم الماثلة في حق العمال في بلادنا،أن غالب القطاع الخاص يرفض التظيمات النقابية، والويل لمن يفكر في تكوين نقابة،حيث يطرد بلا حقوق، ويوم العمل طويل يصل إلى 12 ساعة دونما أجر إضافي،ويجبر العاملون على العمل يوم السبت وهو عطلة رسمية بالأجر العادي، وليس باعتباره عملاً إضافياً.

وإن مرض العامل،فالراحة الطبية ضرب من المستحيلات،والإجازة السنوية باتت منحة وليست حقاً مكتسباً.
وانتهى عهد الخدمة المستديمة،فالعامل يظل في الخدمة المؤقتة ولو عمل لعشرات السنين،يفصل كل(3)أشهر،ويعاد تعيينه كيما يظل بلا فوائد عند انتهاء خدمته.

وبيئة العمل سيئة،والمداخن تجلب السل والتليف الرئوي،والغبار العالق على الأبرول أيضاً إستقر في الأجسام الهزيلة ، وممنوع التحدث عن تعديل الأوضاع،وإلا الطرد من المصنع أو الشركة بدون حقوق. والمرتبات لا تغني ولا تسمن من جوع، والهياكل الوظيفية غائبة، وكل ما يتعلق بالحقوق في سلة المهملات.

ومن أراد الكلام عن قانون العمل،فعليه لن يبحث عنه في كوكب آخر،ومن أراد البحث عن حقوقه في مكتب ومحاكم العمل،فسينتظر وقتاً طويلاً،ومن يسمع حديث إتحاد النقابات الحكومي عن التشريعات والحقوق،فليعرف أن الإتحاد نفسه صاحب عمل،ولا فرق بين أحمد وحاج أحمد في الإستهبال والرقص على الحبال.

عندما يكسب الرأسمال جنيهاً من قوة عمل أي زول،فتأكد أن هذا الزول لم يحصل إلا على قرش واحد،كثمن لقوة عمله،أما عندما يستهبل الرأسمال،على العمال فيسلبهم حقوقهم،فإن الجنيه الورقي الناتج من هضم الحقوق،يعادل عند الرأسمالي جنيهاً من ذهب،ولايهم إن مات العامل من التعب،طالما كانت هنالك لافتة معلقة خلف تربيزة رئيس مجلس الإدارة وصاحب العمل كتب عليها:(ملك الملوك إذا وهب لا تسأل عن السبب).

يحدث هذا أما بصر وسمع الحكومة التي تسمع صوت الانتخابات،وتغض الطرف عن أنّات الفقراء والجوعى من حلفا وحتى الدبيبات، ولو تظاهروا قال لهم الوزير:(ما تاكلوا لقيمات)!!

كمال كرار
[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..