طرّادة حمرا

بسم الله الرحمن الرحيم
جيلنا الذي ولد قبيل أو بعيد الاستقلال..ضمن كثير من التقلبات والتغيرات في الحياة السودانية ..عايش أعذب التجارب والذكريات ..كما عاش أقساها مع بقية الأجيال اللاحقة..ولا ندري هل نغبط أبناءنا الذين خرجوا إلى الدنيا في زمان التكنولوجيا الرقمية وأصبح يتعامل بعها بحذق ..بينما إحدي مظان الشقاوة في طفولتنا كان مجرد تحريك مؤشر الراديو الخاص بالكبار ..لذلك كنت محظوظاً عندما تنازل لي والدي العزيز تغمده الله بواسع رحمته عن جهاز راديو بحجم كف اليد..ربما كان الوحيد في داخليتنا..عدلنا بطارياته الصغيرة بأكبر المقاسات مربوطة مثل طفل إمرأة عاملة مكافحة في كل الغرب إلى المحيط الأطلنطي.. نبدأ يومنا به على صوت الراحلة ليلى المغربي في نفحات الصباح..ونحن نتعجل ارتداء ملابس الدراسة..شنفت آذاننا به أعذب الأغنيات..نسمعها في سهرات الإذاعة على الهواء مباشرة..بناديها. شال النوار..شقيش ..بخاف..ولا أنسى يوماً أصر فيه الأخ المحامي الآن أبوبكر السمحوني على حمله إعجاباً بصوت ليلى المغربي ليتزود به حتى قبيل بداية الحصة الأولى ..وعجز عن إغلاقه بدخول المعلم..وأدخله في الدرج وصوت عبد الرحمن عبدالله يردد شقيش قول لي يا مروح!!ولم يحلنا إلا وقوف مناد للأستاذ..لا أدري انحسد جيل ابنائنا أم نشفق عليهم من سودان حاضر ولدوا فيه.؟.لكنني عندما يباهوننا أباهيهم قائلاً..هل تعلمون أنه كان بإمكاننا الصرف بدفتر البوستة ونحن على القطار؟ وهل تصدقون أن المكتبات العامة كانت تعيرنا الكتب بمجرد الإشتراك واستخراج البطاقة؟ هل تعلمون أن المعلم في أي مدرسة في أصقاع السودان المختلفة..كان يستعير الكتب من مكتبة بخت الرضا ليأتيه عبر البريد المسجل الذي لن تعرفوه.؟.هل تدركون إحساس تناول الشاي في الاتنيه صينية شاي بكامل أدواتها نظير أربعة عشر قرشاً؟ نركب المواصلات بعد المغرب للوصول .. أم أنكم ستحسدوننا إذا علمتم فرحة أعياد الميلاد في الخرطوم وقتذاك..وكل المحال الراقية تتفنن في كتابة التهاني على زجاج أبوابها..هل تعلمون شيئاً عن دور السينما في كل المدن السودانية ؟ هل سمعتم بالوطنية غرب والسينما النيل الأزرق وكلزيوم؟ آه يا حسن الجزولي..لماذا قلبت علينا المواجع بحديثك عن مصير سينما كلزيوم..لتذكرنا بالعرض الثاني وسندويتشات السكرية ؟ نعود بعدما أمتعنا أنفسنا بصفاء كامل..هل سمعتم بدور سينما جل روادها من الطلاب والخريجين..هل قرأتم في الصحف إعلانات أين تسهر هذا المساء ؟ هل تصدقون أن كل طلاب جامعة القاهرة ومعهد الكليات التكنولوجية ..كانوا يدخلون بإطمئنان في كراسي الشعب في سينما غرب وأنهم ذات مرة جلدوا شخصاً دخل وأشعل سيجارة بنقو صائحين في وجهه ( ما تخربوا علينا سيمنماتنا) ..وكيف كنا نشاهد أرقى الأفلام العالمية في نفس وقت عرضها في أمريكا وأوربا..سأحكي واقعة طريفة هنا.. فقد كانت الطرادة بداية العملة الورقية التي دونها حد الفلس الكامل..وهي خمسة وعشرين قرشاً..تنازعت ذات مساء حولها مع نفسي..فهي تكفي لأن أذهب بها إلى مقر العمل وأعود وأتناول الإفطار وأشتري جريدة وكوب ليمون بارد وكوب شاي..لكنها في نفس الوقت تسمح بالذهاب إلى سينما غرب من الصحافة مع قرش التسالي وسبعة قروش لزجاجة الببسي في الاستراحة..وحسمت الأمر بسؤال استنكاري..هو أصلو أنا شغال عشان أمشي الشغل بس؟ وكم كنت سعيدا أمسيتي تلك بهذا القرار ودخولي السينما..أما صبيحة اليوم التالي فقد كنت في كامل هندامي وأنا أمر على المكوجي الذي اتعامل معه بالدين وأستلف عشرة قروش تكفي للذهاب والإياب بالبرينسة..أما بقية التفاصيل من فطور وبارد وشاي وجريدة..فهي كلها إخوانيات حالما وصلنا إلى مكان العمل..والآن بيعت هذه الدور وأزيلت وما بقى ينعق فيه البوم..فيا لحسرتنا..
[email][email protected][/email]
أضيف لك الذى لا يعرفونه:
** حلوانى ال GB يرسل الكيكه لمنزلك لو عندك مناسبه
** مخبز بابا كوستا يستخدم الحليب بدل الماء لعجن الدقيق لعمل الرغيف
** فى المحطه الوسطى امدرمان تلفونات عمله تكلم أى مكان
** البيره ابوجمل 11 قرش والويسكى 4 جنيهات والكونياك 6 جنيهات
** فى امتحانات الشهاده كنا بنذاكر فى المجلس الثقافى البريطانى خلف مجلس بلدى امدرمان للأستفاده من المكتبه وكان مفتوح للجميع
** عزمت 2 من اصحابى عشاء فى هيلتون لما كان جديد فى ال Sunset Bar وكلفنى 25 جنيه
** طلعت من سودانير وراتبى 140 جنيه وكانت تعادل 462 دولار
** غاز الغزاله وغاز شل يجيبوا ليك الأسطوانه المليانه فى البيت ويشيلوا الفاضيه ب 11 قرش ونفس الشئ عربية كافورى مع الحليب
قال لى صديق اذا عايز تعرف قوة اقتصاد اى دوله شوفهم اذا بستعملوا القطع المعدنيه فى مشترياتهم:
فعلا لاحظت فى السعوديه ممكن تشترى بالهلله
فى امريكا بالسنتات … وهكذا