الثورات السودانية والخذلان الطائفي للجماهير

هذا العام تمر ذكرى السادس من إبريل بلا طعم ولا رائحة ولا نكهة ولعل البعض ولما آل إليه مصير البلاد والعباد يشتهي زمان ما قبل الثورة ويتحسر على الماضي الذي كان،، وقد بدأ حال الأمس أحسن حالاَ من اليوم، تلك الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق جعفر نميري في عام 1985 حيث تمردت الجماهير بعصيانها المدني ضد النظام الشمولي الذي أدخل البلاد في ضائقة معيشية أوقفت الناس في صفوف الخبز والبنزين حينما إنعدمت كل ضرورات الحياة إلا فيما ندر…!!
لقد كان السودان عبر تاريخه القديم والحديث أول دوله في محيطه الإقليمي منبعاَ للثورات ضد المستعمر والحاكم الوطني المتسلط، ففي القرن التاسع عشر ثار المك نمر ضد الأتراك وتبعه محمد أحمد المهدي وفي الربع الأول من القرن العشرين كانت ثورة ودحبوبة في عام 1908 وجمعية اللواء الأبيض في عام 1924 ضد الإنجليز، وكما أُجهضت ثورة ود حبوبة بأيدي سودانية تعاونت بالدسائس والعمالة للمستعمر حتى تم الإمساك به وإعدامه مع رفاقه كانت الخيانة عظمى في حق ثوار جمعية اللواء الأبيض بقيادة علي عبداللطيف ورفاقه، فقد تعاونت وتكاتفت ضدهم كل أشكال العنصرية لا لشيء إلا لكونهم بسطاء أتوا من عامة الشعب وليسوا من أبناء النخبة والتجار الذين لبسوا عمامة الطائفية وأحتموا بها لتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب بسطاء الناس الذين أكتووا بقهر وإذلال المستعمر، تعاونت قيادات الطائفية وذوي الحظوة من النخبة ووجهاء المجتمع مع المستعمر ورضوا بذل الإستعمار الذي أراد أولئك الشباب أن يخلصوهم منه وللأسف شجعوه على القضاء عليهم ووقعوا عريضة إقرار وموافقة على ذلك…!!
عندما أتى الإستقلال لم يأتي عن طريق نضال وثورة قادتها نخبة الخرطوم وقياداتهم الطائفية إنما أتى لوعد قطعه الإنجليز إن شارك السودان في الحرب العالمية الثانية بقوة دفاع السودان سينال إستقلاله،، ومن كان وقود تلك الحرب غير الجنود البسطاء أبناء الشعب.؟ وكيف لنخبة وئدت ثورة سعت لطرد المستعمر في عام 1924 أن يحارب أبنائها؟، وهكذا حارب أبناء الغبش إلى جانب الإنجليز في الحرب العالمية وقطفت الطائفية والنخبة ثمن دمائهم ورفعوا علم الإستقلال وتسيدوا الواجهة وتقاسموا الكعكة…!!
كانت المصالح الطائفية والحزبية الضيقة هي السمة الغالبة لأول حكومة ديمقراطية بعد الإستقلال لذلك كانت الخلافات عصية على إستمرارها فسلمها رئيس الوزراء عبدالله خليل طواعية لقائد الجيش ابراهيم عبود نكاية في الإتحاديين وخلافاتهم مع حكومته وحزبه الأمة في 17 نوفمبر 1958…!!
!الأحزاب الطائفية ببيوتاتها المعروفة والتجار ونخبة المتعلمين المنتمين إليها لا تعرف غير مصالحها ووصولها للحكم بأي ثمن هو لتحقيق أغراضها الذاتية ولا يهمها الوطن في شيء لذلك وما أن يصلوا للحكم حتى تجد سمتهم الغالبة هي الخلاف والإختلاف على توزيع كراسي الحكم، يتناحر زعماء الطائفية وأحزابهم فيما بينهم لأجل المصالح ويتناسون الجماهير الكادحة ولا يلجأون إليها إلا وقت الإنتخابات أو تأليبها ضد حاكم عسكري قلب الطاولة عليهم وإستولى على السلطة منهم، وهكذا شحنوا الجماهير ضد عبود ونميري لكنهم لا يتعلمون من أخطائهم ولا يعتبرون بفداحة تقصيرهم، في الماضي كانت الثورة على الحاكم العسكري الذي ليس له سند حزبي لا تعدو عن كونها غضب جماهيري وعصيان مدني تقودها نخبة من قيادات وطنية ومع الضغط الشعبي ينحاز الجيش إليهم فتنجح الثورة ثم تجهضها الأحزاب الطائفية بالغلبة الميكانيكية في دوائرها الإنتخابية وتستولي على السلطة، أما إنقلاب 1989 فقد كان ذو تركيبة عسكرية مدعوم بحزب عقائدي متطرف تصاهر بالطائفية وعرف ألاعيبها لذلك كان يعرف أن قهره للجماهير الكادحة هو قفل الطريق لوصول الطائفية مجددا للحكم، فالغلابة والغبش هم الذين غيبت وعيهم الطائفية وكانوا سندها في أي انتخابات برلمانية،، وبمرور السنوات أصبحت الأحزاب الطائفية مجرد إسم هلامي من الماضي لا تقدر على شيء والسبب المباشرهو خذلانها لجماهير الوطن منذ إستقلاله أما السبب الثاني هو قهر السلطة لهذه الجماهير حتى أصبحت غير قادرة على الثورة وبالتالي فقدت الأحزاب الطائفية أي سند جماهيري يمكن أن تعول عليه وتأتي إلى الحكم مجددا، ولأنها لا تعرف غير مصالحها الضيقة نجدها اليوم وقد تحالفت بأبنائها مع ذات السلطان الذي قلب الطاولة عليهم، إنهم لا يعرفون سوى لغة المصالح ومنطق الأخذ لا العطاء لخدمة الوطن الذي كانوا سببا في تدميره…!!
لذلك يجب إعادة كتابة تاريخ هذا الوطن ليعرف أبنائه من الذي جنى عليه وتسبب في كوارثه فما تقرأه الأجيال لا يعدو عن كونه تاريخا مزورا للحقائق ومسخاَ مشوهاَ، ولذلك أصبحت تمر أعيادنا الوطنية كالإستقلال وأعياد الثورات بلا طعم ولا يحتفل بها المواطن بنشوة فرح لأن كل ما صاحبها وأتى بعدها ليس إلا إحباطا وإجهاضاَ لكل مكتسباتها وخذلاناَ للدماء التي سُكبت من أجلها….!!
….أبوناجي…
أخبار المدينة
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا اخينا نحن صرنا رقيق لناس الانقاز و الرقيق ما بتحرر الا بالثورة علي اسياده خوفا من ان يلاقى ابناءه نفس مصيره و ليس من اجل نفسه لذلك انصح كل من بلغ الخمسين ان يرفع عكازته في وجه الظلم من اجل ان يعيش ابناءه احرار لذا يجب ان نسمى انتفاضتنا القادم بثورة العبيد
    ما معنى ان نعيش منكسرين نرفع اكفنا للسماء لترفع عنا البلاء و نحن نعرف ردها
    ما معنى ان نعيش على فتات موائد الاسياد
    الانسان ولد حرا ليكون انسان و الا فهو حيوان مسخر لجر محاريث الاسياد في مسايد اسيادها مترفين
    اهم ليس بشرا مثلنا ام نحن رضينا الزل و الهوان بان تكون حرايرنا اماء لهم و ابناءنا غلمان في مجالسهم و قصورهم التى بنيت بجماجم الرجال
    الثورة يجب ان تنطلق من اجل التحرير و ليس من اجل ازاحت هذا النظام فقط و الظلم ظلمات

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..