لماذا مقاضاة النائب العام ووزارة العدل ؟؟

في الأيام القليلة التي مضت تصدرت الأنباء النزاع المالي بين مسئول في النظام وأحد المواطنين والذي وصل إلي ساحة القضاء ليقول فيه كلمته الفصل ولم يكن هذا النزاع هو الأول من نوعه فالجميع يذكر قضية وزير المالية السابق مع أحد (السماسرة) ومن قبل قصة المستثمر السعودي الذي قام وزير الإستثمار الحالي الذي إقتطع له دون وجه حق جزءاً عزيزاً من الوطن بولاية البحر الأحمر(جزيرة مقرسم ) رغم أنها (محمية طبيعية) بموجب قرار جمهوري وإستئجارها من قبل مواطن سوداني بوثيقة إيجارة رسمية وسداده لقيمة الأجرة ولا يزال النزاع يتطاير غباره في ساحات المحاكم حتي كتابة هذه السطور.
والحق يقال أن هذه النزاعات عند تقييمها بمعايير القانون والأخلاق لن تعدو كونها فساد حكومي يجد أصلاً مباركة من الجهاز الرئاسي ويتعده بالرعاية بعد أن تحول الوزراء في هذا العهد (الإخواني) إلي تجار في الدين وتجار في السوق وحتماً لا يؤثر في قطاع عريض من المواطنين لأنه يمس مصالح شخصية ويختبر قدرة المتضررين علي مناطحة السلطة ودور القضاء في تحقيق العدالة بين الخصوم .
ولكن أن يتدخل وزير العدل والنائب العام في نزاع مالي بين مواطنين ويعين متهماً علي الإفلات من العدالة والقانون بلا سند من القانون وإهدار كامل للحقوق الدستورية والقانونية للمواطنين وحقهم في التقاضي فهذا لعمري هو قمة الظلم لهؤلاء المواطنين وأسرهم وضياع كامل لمدخراتهم وأموالهم بإسم القانون والقانون من كل ذلك براء وهو إستغلال للسلطة والنفوذ في أبشع صوره لأنه يتم تحت مظلة وحماية القانون وهو أبشع أنواع الظلم وأشده ألماً للنفس البشرية التي لحقها الضيم والحيف لأنه ظلم بإسم القانون.
ولعل الكثير من القراء لم يصل لعلمهم كامل التفاصيل عما تم من أحداث ووقائع في شركة (لوكال إيد كليك) والتي أنشاتها طبيبة تسمي (ن.ع.ع.) مع زوجها الهارب من السودان (ي.أ.ع) بعد أن نهبا وبمساعدة قرارات من النائب العام ووزير العدل من المواطنين أكثر من خمسة وستين مليون بالعملة (الإخوانية) وكل ذلك تحت سمع وبصر النائب العام وجهاز الأمن والمخابرات الوطني والذي نشر في الصحف السيارة وقتئذ خبر ضبط الشركة المذكورة والقبض علي مديرها الإداري وقد تولي التحقيق في الشركة ونشاطها التجاري ضباط الأمن الإقتصادي وقاموا بالتحفظ علي أموال الشركة وأصولها وللحقيقة والأمانة الصحفية فإن إجراءات الضبط التي قامت بها إدارة الأمن الإقتصادي كانت تصب في مصلحة المواطن وحفظ حقوقه (سابقة لن تتكرر) فأموال المتهم وزوجته واصولهما تم التحفظ عليهما بعد إعتقالهما ومنعهما من السفر إلا أن الإجراءات اللاحقة والتي أشرف عليها وزير العدل والنائب العام كانت إجراءات غاية في الغرابة وطرحت تساؤلات قانونية وأخلاقية لم يجد لها المواطنون الضحايا أي تفسير وأهدرت بالكامل حقوقهم المالية والقانونية والدستورية بقرارات أصدرها النائب العام مكنت المتهمين من الإفلات والهروب خارج البلاد.
الوقائع التي لا لبس فيها ولا غموض أن المتهم الهارب تم تسليمه لنيابة الثراء الحرام والمشبوه بالعمارات (شارع 15) وباشرت إجراءات التحري والتحقيق معه فيما نسب إليه من إتهام ووجهت إدارة الأمن الإقتصادي المواطنين المتضررين بضرورة تحريك الدعوي الجنائية في مواجهة المتهم وزوجته وتم فتح بلاغ في مواجهته وتقدير الكفالة المالية المناسبة لإطلاق سراحه بالضمانة ولكن النائب النائب العام ووزير العدل قام بإصدار منشور يحظر علي النيابات العامة والتابعة له بقيد أي دعوي جنائية في مواجهة المتهم وزوجته ..لماذا ؟؟ لم يدر أحد بمبررات القرار وبذلك قام بتجريد كل المواطنين المتضررين من حقهم الدستوري في التقاضي بتقييد ذلك الحق بقرار لم يسنده أي قانون مستغلاً وجوده علي قمة وزارة العدل وإشرافه بموجب قانون النائب العام علي وكلاء النيابة والنيابات العامة ..ثم وبعد أن وضع قراره موضع التنفيذ ومنح ذلك المتهمين فرصة ذهبية للهروب بأموال المواطنين خارج البلاد وحين إدراكه للخطأ القانوني الذي وقع فيه قام بإصدار قرار إداري غير مشمول بالنفاذ بتكوين لجنة تحقيق لذر الرماد علي العيون وأمر النيابات بقبول الدعاوي من المتضررين وإرسالها إلي لجنة التحقيق مجتمعة وحتي تاريخ اليوم لم يصدر قراراً مكتوباً بتكوين تلك اللجنة المزعومة ولا أعضاءها أو صلاحياتها بموجب القانون وهي لجنة لم تصحح خطـأه بالإفراج عن المتهمين ولا أعادت للمواطنين ما سرق منهم .
وخلاصة هذه المأساة الإنسانية والقصور القانوني الناتج عن أخطاء وزير العدل وقراراته الإدارية والتي لم تحقق أي قيمة عدلية سوي هروب المتهم الأصلي بأموال المواطنين والتي تبلغ أكثر من خمسة وستين مليار جنيه ولجنة (كسيحة ) لم تسترد (فلساً) ولا (دانقاً) فقد طوي هذا الملف والعديد من الضحايا تملأ عقولهم المشدوهة تساؤلات حول أسباب إتخاذ النائب العام ووزير العدل لهذه الإجراءات والفوائد التي جنتها وزارته من إفلات مجرمٍ من مقصلة العدالة وتضرر المواطنين وضياع حقوقهم ؟؟ ولماذا هذه القرارات الإدارية الجائرة التي أعانت متهماً محتالاً وأضرت بآلاف المواطنين ؟؟ ولماذا لم يحل النائب العام النزاع برمته للقضاء ليقول كلمته الفصل ؟؟ والحال كهذه لن يملك المواطنين طريق لإسترداد حقوقهم سوي مقاضاة النائب العام ووزير العدل بالطريق المدني لتسببه ووزارته بإهمال فاحش وغير مبرر في ضياع حق المواطنين وأموالهم ويلزمه التعويض والتشريعات القانونية للإنقاذ السارية ورغم ما يشوبها من التشوهات في النصوص لا تمنع المواطن من مقاضاة النائب العام وزارته والدولة حتي يسترد المواطنين حقوقهم كاملة غير منقوصة .

عمر موسي عمر- المحامي
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. زميلي مهنياً عمر موسى ..

    تحية وتقدير

    ومن قبل وزير العدل .. تدخل جلال علي لطفي في صراع قانوني في أروقة المحاكم بين مؤجر ومستأجر (ساعده صديقه المؤجر صاحب العقار) في استخدام العقار إلى حين ترتيب أوضاعه بعد أن (فنشوه) من الخليج .. وظل في العقار بدون أجرة لسنوات إمتنع فيها عن دفع أي قيمة للإيجارة كما امتنع عن إخلاء العين المؤجرة .. وبعد أكثر من سبعة سنوات لجاء صاحب العقار للقضاء .. وصدر القرار قعلاً لصالحه .. إلا أن مذكرة صغيرة مهرها جلال علي لطفي أورد نصه كما قرأته بأم عيني (فض الأقفال ويعاد الحال إلى ما كان عليه) .. وبذلك خسر فيها مروئة صاحب العقار وأفقده حسن الظن للأبد

    كما تدخل أحمد إبراهيم الطاهر وكان حينها في القصر الجمهوري مستشاراً .. تدخل في ذلك الصراع والذي كان أيضاً في أروقة المحاكم حول ملكية قطعة أرض في موقع مميز بالمنشية بين ورثة البائع والمشتري .. وقبل أن يقرر في الأمر قانوناً .. استدعى سعادته أطراف القضية إلى القصر الجمهوري (هارشاً) لهم بإما أن يتم حل الأمر ودياً بينهما وإلا تنزع الأرض لصالح حكومة السودان .. وقد كان وحدث له ما أراد ولكن يبقى السؤال هل كان لصالح حكومة السودان ؟؟

    ولعل بعض الزملاء من محاميي قلب الخرطوم يتذكرون هاتين الحادثتين وصداهما .. وكميات الغضب والحنق على النظام العدلي .. خرجت بعدها من شارع المك نمر ومن الخرطوم والسودان أجمع ولسان حالي يلعن المهنة .. ويبكي على القانون والحق وعلى السودان وأهلي

    ولله درك يا بلد

  2. أخي الكريم الأستاذ عمر موسي ..

    أشكر لك عودتك .. وأشكر لك دعواتك لعودتي سالماً غانماً .. وأشكر لك تنويري بالمزيد حول قضة المنشية التي توجهت فيها الفقيرة إلى الله شاكية باكية .. لها الله وما عند الله باقٍ ..

    هذا هو عدل الأرض ونسأل الله عدالة من لا يظلم عنده أحد .. ما زلت أذكر شعوري ورهبتي وأنا بين زملائي رافعاً يمناي مردداً القسم العظيم أمام رئيس القضاء .. وأذكر جيداً كيف خرجت حينها وأنا أشعر بالإعياء والفتور رغم عافيتي .. وفي يقيني ما كان ذلك إلا خوفاً وإستشعاراً لمسئولية ذلك القسم العظيم ..

    دعواتك لنا بالعودة .. أحمدها لك ولكني لا أراها قريبة .. فلقد وصلت إلى تصالحاً ذاتياً مع نفسي أن خيار العودة مقلق .. ومقلق جداً لا سيما مع تعاظم المسئوليات الأسرية .. إلا أنني والله لا زلت أشعر بالحنين وأعلم أن لدي ما أقدمه لبلدي ولا زلت أعيش على أمل أن لكلٍ حد .. وحينها سأسهم قطعاً من داخل أسوار بلدي الحبيب ..

    كسرة (مع الإعتذار لأستاذنا الفاتح جبرة) ..
    كيف لي أن أحترم النظام العدلي وأنا ذلك الخريج الجديد فرحاً بما نلت .. وتجاوزت فترة التدريب .. وحصلت على ترخيصي .. كيف لي أن أحترمه وأنا أرى قاضي محكمة (الحركة) الخرطوم وكان حينها قطعاً أكبر عمراً من والدي أعزه الله .. وهو يدلف إلى قاعة المحكمة من الشباك الشمالي (عشان المسافة طويلة شرقاً أو غرباً من خلال – البرندات – ليصل لمدخل القاعة في الناحية الجنوبية) ..

    أبكاني ردك أدناه .. وأبكاني حال بلدي .. كما أبكاني حالي ..

    لك التقدير جلّه ..

  3. أخي الكريم الأستاذ عمر موسي ..

    أشكر لك عودتك .. وأشكر لك دعواتك لعودتي سالماً غانماً .. وأشكر لك تنويري بالمزيد حول قضة المنشية التي توجهت فيها الفقيرة إلى الله شاكية باكية .. لها الله وما عند الله باقٍ ..

    هذا هو عدل الأرض ونسأل الله عدالة من لا يظلم عنده أحد .. ما زلت أذكر شعوري ورهبتي وأنا بين زملائي رافعاً يمناي مردداً القسم العظيم أمام رئيس القضاء .. وأذكر جيداً كيف خرجت حينها وأنا أشعر بالإعياء والفتور رغم عافيتي .. وفي يقيني ما كان ذلك إلا خوفاً وإستشعاراً لمسئولية ذلك القسم العظيم ..

    دعواتك لنا بالعودة .. أحمدها لك ولكني لا أراها قريبة .. فلقد وصلت إلى تصالحاً ذاتياً مع نفسي أن خيار العودة مقلق .. ومقلق جداً لا سيما مع تعاظم المسئوليات الأسرية .. إلا أنني والله لا زلت أشعر بالحنين وأعلم أن لدي ما أقدمه لبلدي ولا زلت أعيش على أمل أن لكلٍ حد .. وحينها سأسهم قطعاً من داخل أسوار بلدي الحبيب ..

    كسرة (مع الإعتذار لأستاذنا الفاتح جبرة) ..
    كيف لي أن أحترم النظام العدلي وأنا ذلك الخريج الجديد فرحاً بما نلت .. وتجاوزت فترة التدريب .. وحصلت على ترخيصي .. كيف لي أن أحترمه وأنا أرى قاضي محكمة (الحركة) الخرطوم وكان حينها قطعاً أكبر عمراً من والدي أعزه الله .. وهو يدلف إلى قاعة المحكمة من الشباك الشمالي (عشان المسافة طويلة شرقاً أو غرباً من خلال – البرندات – ليصل لمدخل القاعة في الناحية الجنوبية) ..

    أبكاني ردك أدناه .. وأبكاني حال بلدي .. كما أبكاني حالي ..

    لك التقدير جلّه ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..