مهرجانات الثقافة العربية انفتاح على الآخر ام انكفاء على الذات

ظلت مهرجانات الثقافة العربية تتنقل من عاصمة عربية لأخرى منذ سنين دون ان تحس بها أو تتنبه لها الغالبية الغالبة من الشعوب العربية إلا عن طريق الصدفة رغم ان الفكرة من اقامة هذه المهرجانات تستند كما جاء في ديباجتها “إلى أن الثقافة هي عنصر مهم في حياة المجتمع ومحور من محاور التنمية الشاملة، وتهدف إلى تنشيط المبادرات الخلاقة وتنمية الرصيد الثقافي والمخزون الفكري والحضاري عبر إبراز القيمة الحضارية للمدينة المستضيفة لفعاليات تظاهرة عاصمة الثقافية وتنمية ما تقوم به من دور رئيسي في دعم الابداع الفكري والثقافي تعميقاً للحوار الثقافي والانفتاح على ثقافات وحضارات الشعوب وتعزيز القيم، التفاهم والتآخي، التسامح واحترام الخصوصية الثقافية “.فلقد كان في اعتقادي ان مثل هذه المهرجانات يمكن ان تكون سانحة طيبة لدفع وتيرة التواصل الثقافي بين الدول العربية لو أن اهتمام الجهة المنظمة لها كان بمثل اهتمام القائمين على الشأن الرياضي بهذه البلدان. فالمتابع لهذه المهرجانات يلحظ أنها لا تجد ما يلزمها من تغطية إعلامية كافية في معظم وسائل الاعلام العربية غير الإشارة الى أنها ستقام في بلد عربي معين و في عام محدد و ما يلبث ذلك البلد أن ينكفئ على نفسه ويقيم من الفعاليات الثقافية ما يقيم دون ان تكون محل متابعة من بقية الشعوب العربية الأخرى كأنما اريد لهذا البلد أن يثبت لشعبه انه يمت للعروبة بصلة طالما انه يقيم مهرجانا احتفائيا بثقافتها و بالتالي ينتفي الغرض من إبراز القيمة الحضارية للمدينة المستضيفة. ولعلي لا اجد مناصا من التساؤل عن الغرض من مثل هذه المهرجانات اذا كانت بقية الشعوب العربية مغيبة عنها ولا تشعر بها ؟ . فإذا كان العهد بالدول العربية ألا تكون على قلب رجل واحد في كثير من المواقف السياسية على وجه الخصوص فقد استطاعت الرياضة ان تلم شملهم يوما ما حين أجمعوا على ان يقوم إتحاد اذاعات الدول العربي (آسبو) بنقل مباريات كاس العالم منذ العام 1982 م ، ثم كان اقرب الامثلة ماحدث في دورة كأس الامم الافريقية التي جرت بأنقولا عام 2010م وذلك بالاتفاق مع الجهة الراعية للدورة على فتح تشفير القنوات عندما تكون المنتخبات العربية طرفا فيها. واذا كان هذا الحال مع كرة القدم التي هى أقرب الى الهزل منها الى الجد فلماذا اذا جد الجد وأصبحت الثقافة على المحك قصرنا دورها على الدولة المضيفة فحسب ؟ كم كنت امني النفس أن تخصص وسائل الاعلام العربية المرئية على وجه الخصوص سويعة من ساعات بثها لتنقل لنا شذرات مما جرى في الرياض أو الخرطوم أو دمشق أو القدس وغيرها حينما حل المهرجان بتلك العواصم لتتيح لنا رؤية فعالياته بعيون الثقافة لا بغيرها من العيون، فلأن تجمعنا (طبول ) الثقافة خير من أن تفرقنا عصا السياسة أو الرياضة. بالمناسبة عاصمة الثقافة العربية لعام 2016م هي مدينة الأقصر المصرية.

يحيى حسين قدال
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. التحية والود أخوي يحيى وكل من اطلع وتداخل
    أهو إنت جبت التائهة في صدر ما كتبت فيما يتعلق بما حدث من متابعة لفعاليات كرة القدم ذلك لأن كرة القدم تدخل في تيار الحضارة أو الثقافة العالمية خطط لها بإتقان لأن توحد مزاج أهل الكرة الأرضية حولها وقد نجح العالم المتحضر في ذلك بأن جعل الناس يسيرون في هذا التيار الذي ما أصبح يوم وإلا أن كرة القدم قد سجلت فيه تطورا في مجالها وزيادة في إلتفاف محبيها حولها.
    فما علينا أيضاً في ضروب الثقافة الأخرى إلا أن نسلك نفس المسلك كما في لعبة كرة القدم بدلا عن الانكفاء على إقليميتنا أو محليتنا أن نبحث عما يطرح عالمياً من الفعاليات الثقافية التي تدخلنا في تيار الحضارة الإنسانية العالمية ونترك ما يزيدنا تقوقعا وإنكفاء حول ذاتنا من مشاريع ثقافية لا نستطيع أن نغزو بها الفضاء (أقصد ما يبث) في الفضاء الذي امتلك بإمكانيات لا نستطيع مجاراتها بل يجب أن نسير في تيارها ونقدم منتوجنا داخل هذا التيار. أنظر كيف مثلاً تفاعل (عمر احساس) (زولي هوي) (حمرة) في المانيا وقدم ما يدهش وكذلك إبن النيل الأزرق (عاصم الطيب) (سوداني أسمراني) وتجلياته الصوفية أيضاً عندما عزف لوحده أربعة ساعات أو أكثر في إحدى الفعاليات في أستراليا وتجاوب معه الجموع.

  2. شكرا لكما عاصم و شدو وآمل ان اكون عن حسن ظنكما دائما ، قصدت فقط ان ارمي حجرا في بركة ساكنة و آمل ان اكون قد وفقت.و الشكر ايضا للاخ عثمان محمد الحسن من الجبيل الذي هاتفني مشيد بما كتبت.

  3. الله يعطيك العافيه يا استاذ/ قدال ..
    موضوع شيق ،، وفعلا رغم اهمية الثقافه ( عربيه كانت ام افريقيه ) في كل مجالات حياتنا .. ولكننا وكما قلت لا ننتبه ولا نحس بها ..!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..