وصفة اقتصادية للبروفسير غندور

لقد أكدت الانقاذ بان العلاقة وثيقة بين طب الاسنان والاقتصاد والاستثمار. ففى اللقاء الذى تم مؤحراً بين البروفسير غندور وأثنين من الاعلاميين السودانيين ، تحدث عن العلاقة بين الدخل والتضخم وقال ضمن حديثه ان العلاقة بينهما كانت من أفضلها فى العالم حتى العام 2004- أى عندما كان البترول لايزال حاضراً .ثم قال ، وهنا مربط الفرس : انهم نفذوا سياسات صحيحة فى مجال الاقتصاد حسب علمهم ، وان المعارضين كانوا ينقدون فقط ولايقدمون البدائل فى كل ماقرأ منهم ، وانه على استعداد لقبول مايجئ به هؤلاء ان كان لديهم بديل . وها أنا بكل تواضع أتقدم له بوصفة ليطبقها أو ينقدها ، مثلما يفعل المعارضون .
ولنبدأ أولا من المعلوم من الموضوع بالضرورة ، وهو ان الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة . وعليه فلابد ان يشارك الشعب فى وضع السياسات وان يكون راضيا عنها حتى يشارك بحماس فى تنفيذها والرقابة عليها ، وان يحدث ذلك كلة بشفافية وأمانة ..الخ مثلما يحدث فى بلاد الله التى تقدمت اقتصاديا ، فهل هذا هو الذى حدث فى السودان تحت الانقاذ ؟
اولاً : ليسمح لى البروفسير ان احيله الى موضوع قرأته بالصحف السودانية ردا على حديث للدكتور نافع قال فية ان افضل ادراة وبشفافية للاقتصاد حدثت تحت حكومات الانقاذ . قال ذلك الاقتصادى المعارض : لنستبعد اولا موضوع الشفافية لانى أظن ان البروفسير نفسه لم يكن يعلم كيف كان يتم التصرف فى عائدات البترول ،فقد كان معروفا للقاصى والدانى ان هناك اربعة أشخاص فقط هم الذين يديرون هذه العائدات خارج ميزانية الدولة . ثم اننى حضرت ملاسنة صحفية بين ممثلى الوطنى والحركة الشعبية ، وقد كانوا وقتها شركاء فى الحكم ملخصها ان جماعة الشعبية كانوا يتهمون شركاءهم بانهم نهبوا 40 مليار دولار من عائدات البترول ،ورد الشركاء بان الطرف الآخر نهب 7 مليار دولار .هذا مايجعل تقدير ذلك الاقتصادى المعارض قريب من الحقيقة ، حيث قال ان جملة العائدات بلغت 50 ملياراً. وسأل اين ذهبت . ورد بنفسه : ان كنتم ستزعمون بان المليارات ذهبت الى انشاء الطرق والكبارى والسدود فانها جميعا نفذت بقروض ( ويستطيع البروفسير ان يراجع هذا الامر بدفاتر الحكومة اذا سمح له ! ) . وانا ازيده علما بان تقارير اخيرة ومن مصادر رسمية قالت بان السودان الذى يسأل الآخرين ليستثمروا فيه ، هو من أكبر المستثمرين فى ماليزيا واثيوبيا وماخفى أعظم !
ثم الايعلم البروفسير نسب التمويل الحكومى التى تذهب للاستثمار والخدمات الاساسية مقارنة بمايذهب للامن بجميع أشكاله وألوانه .والايعلم ماحدث لمشروع الجزيرة الذى دمر كل ما أستثمر فيه فى الماضى منذ عهد الاستعمار ؟ ثم اين تذهب فلوس البنوك التى هى عبارة عن مدخرات الشعب . اسمح لى هنا ان اتحفك بقصة كنت من شهودها بل من أصحابها .ذهبت مع احد الساسة الاسلاميين ? أظن السابقين ? الى أحد البنوك ذات الصلة المباشرة بالزراعة كمستشار له – بالمناسبة هذا الاخ كان أحد المرشحين لرئاسة الجمهورية فى انتخابات سابقة- وكان يطلب تمويلاً لعرض جاءه من الخارج يمنح تسهيلات لاستيراد جرارات من أفضل الماركات العالمية .قابلنا نائب المدير الذى طلب من صديقنا المشاركة فى دفع المقدم المطلوب (10% من قيمة الجرارات على ان يدفع الباقى خلال خمس سنوات ) بالاضافة الى ضمانات لكامل قيمة الجرارات . وتوقف عند هذه الشروط .وعندما تدخلت كمستشار وقلت للسيد النائب :لماذا لا تستخدموا صيغة المضاربة وهى اسلامية أيضا وتحل الاشكال ، ضحك الرجل من سذاجتى قائلا ان هذه الصيغة لم تستعمل بأكثر من 5% طوال تاريخ النظام المصرفى الاسلامى !
واليك قصة أخرى عن الاستثمار : جئت فى العام 2009 الى السودان وفى معيتى مستشار اقتصادى ومستثمر فى نفس الوقت بهدف مقابلة بعض المسئولين وبوساطة من أحد الوزراء السابقين . وكان سيادة المستشار فى رحلة استكشافية لمعرفة المجالات المعروضة للاستثمار ومن ثم الرجوع لاقناع جماعته الراغبة فى الامر . قابلنا أحد كبار المسئولين وقدم شرحا مدهشا لصديقنا وبناء عليه طلب ان يعطى مكتوبا بنفس ذلك المحتوى المدهش ليكون خير وسيلة اقناع لجماعته ، الا ان دهشته زادت عندما طلب منه ان يقدم من جانبه مايثبت الجدية!
وقصة ثالثة ?من بين ألف قصة – : أوصلنى أحد الابناء بأحدى السيدات على انها صاحبة شركة وسيطة لجهة حكومية أوكل لها انشاء مدينة كبرى لغرض تنموى هائل ، وان الجهة الحكومية تطلب تمويلا فى حدود 3 مليار دولار . قابلت السيدة وقدمت طلبها لشركة عالمية فى مجال التمويل على ان بنك السودان متعهد بتقديم الضمانات حسب معلومات السيدة . وافقت الشركة من حيث المبدأ الا انه بعد شد وجذب قيل لى انه لاتوجد ضمانات ولكنهم يطلبون التمويل على أساس المشاركة أوBOT ولسوء الحظ وافقت الشركة وطلبت ان تأتى للتفاوض ،لكن ذلك لم يحدث رغم الصبر والانتظار وخد وهات ! نسيت ان أقول انه فى أحد الاجتماعات قدم لى شخص على ان رئيس مجموعة السيدة وقريب لاحد الكبار جداً !
هذا النموذج المتكرر للشفافية وحسن الادارة عندما يورد يقول المسئول دائما وأبدا : وهل تملكون الدليل على ان ذلك قد حدث ؟! أما البديل الذى يسأل عنه البروفسير فهو فى مثل هذا الوضع لايكون الا بذهاب من يفعلون مثل هذه الافعال ، أو كما تطلب المعارضة والا رأيك فى طريقة ثانية مع استمرار وجودكم دام فضلكم ؟!
عبدالمنعم عثمان
[email][email protected][/email]