رفقا بالقوارير

محور اللقيا

رفقا بالقوارير

د. عمر بادي

في هذه الأيام يتم الإحتفال بيوم 8 مارس و هو يوم المرأة العالمي , و الذي يتم الإحتفال به سنويا منذ عقود عدة في معظم بلاد العالم . أما عندنا فقد بدأ الإحتفال به قبل عقد أو عقدين فقط , و لكننا منذ زمان بعيد ظللنا نحتفل بيوم آخر شبيه به وفي نفس الشهر , ألا و هو عيد الأم الذي يتم الإحتفال به يوم 21 مارس من كل عام . كما ذكرت في مقالة لي سابقة بهذه المناسبة فإن قصة يوم المرأة العالمي تعود إلى المظاهرات و الإضرابات التي نظمتها العاملات في صناعة النسيج في أمريكا في يوم 8 مارس من عام 1909 و طالبن فيه بتحسين ظروف عملهن و بمنحهن حق التصويت , ثم إنتقل ليكون يوما عالميا منذ سبعينات القرن الماضي .
في سبعينات القرن الماضي كنت أتلقى تعليمي الجامعي في الإتحاد السوفيتي ووجدت الروس يحتفلون بيوم المرأة العالمي أيما إحتفال ! كانت تكرم فيه المرأة في أماكن العمل و تلقى الكلمات تقديرا و عرفانا لدورها و تمنح الهدايا , و يقوم الرجال بملأ بطاقات المعايدة المعدة لهذه المناسبة و إرسالها للأمهات و الأخوات و الحبيبات مع باقات الورود . هكذا كنت أرسل بطاقات المعايدة لوالدتي و أخواتي في السودان و كان يأتيني ردهن : ( شكرا على كل حال , مع إننا ما عندنا حاجة كده ) ! أذكر بعد عودتي من روسيا إلى السودان و بناء على ما تعودت عليه , ذهبت في يوم 8 مارس و بحثت في السوق الأفرنجي في الخرطوم عن بطاقات معايدة لهذه المناسبة و لم أجد سوى بطاقات تهاني عامة في مكتبة ( سودان بوكشوب ) ثم واصلت بحثي عن محلات بيع الزهور و لم أجد محلا واحدا في كل السوق , و في المساء قدمت البطاقات للأخوات مصحوبة بإعتذاري عن عدم تمكني من تقديم باقات الزهور , و كانت ضحكاتهن و تعليقاتهن : ( إنت قايل نفسك وين ؟ ) , و لا زلن يذكرنني بتلك الحادثة و يضحكن !
إحترام المرأة هو قمة التحضر , وقد آليت على نفسي منذ وقت بعيد أن أطبق ذلك عمليا , فكنت أسعى للترفيه عن أخواتي و قريباتي بالخروج معهن إلى المتنزهات و المعارض و بتنظيم الإحتفالات الأسرية , و قد طبقت على نفسي أن آخذ برأي الفتاة التي أود الإقتران بها قبل ان أجعل الأمر واقعا و أخطر الأهل برغبتي فيوافقون عليها دون أخذ راي الفتاة كما هو الحال في مجتمعاتنا المغلقة . في حقيقة الأمر أراني أتمادى و أحبذ تلك التي تبدي هي ميلها إلي , إذا وجدت فيها متطلباتي في شريكة حياتي . الفتاة لا بد أن يؤخذ رأيها عند الزواج , و لا بد من ترك ما كان يفعله آباؤنا و أعمامنا من عادة تزويجهم لبناتهم بموجب إعتبارات القرابة أو الصداقة مع العريس و أهله , و هذه العادة يجب محاربتها لأن أخذ رأي الفتاة عند زواجها أمر يقره الشرع . كهذه توجد عادات أخرى في مجتمعنا نطلق عليها العادات الضارة بالمرأة و قد بدأ الناس مع إزدياد الوعي في محاربتها رغم الآخرين الذين يتمسكون بها , وقد تعاهدت مع زوجتي أن نعيذ إبنتنا بالله من تلك العادات الضارة .
في كثير من الأسر نجد أن تسمية المواليد تسبب في أحايين كثيرة خلافات بين الآباء و الأمهات ربما تستمر و تستفحل , و هنا أيضا تكون العادة في صالح الزوج , و لكن مع تطور حركة المجتمع و ما تلاقيه المرأة من مشقة أثناء الولادة فقد وجب مراعاة حق الأم في تسمية مولودها . لقد إنتبهت إلى هذا الأمر منذ مولودنا الأول فأخذت المبادرة بحكم شرعيتي الأسرية و إخترت إسم المولود الأول , و تركت لزوجتي إختيار إسم المولود الثاني , ثم إخترت أنا إسم الثالث , و إستمرينا هكذا مع كل أبنائنا بحمد الله .
المرأة هي نصف المجتمع , و هي الأم و الأخت و الإبنة و الحبيبة , و هي الأرض و العرض , و هي الأصالة و العزة و الغلاة , وهي كالنخلة عميقة الجذور و سامقة تطاول السماء في شموخ و كبرياء , هي صانعة الأجيال و مرضعة الفضائل و المثل , و شاحذة الهمم للذود عن الوطن و للعيش الكريم .. هل عرفتم الآن لماذا نقدر نحن الرجال المرأة و نحافظ عليها و نعتبرها مرجعا لنا ؟
لقد أوصانا ديننا الحنيف أن نستوصي بالنساء خيرا , و أن نرفق بالقوارير , و أن ينفق كل ذو سعة من سعته عليهن , و أن لا يكرمها إلا كريم . من هنا أدين الذين يهينون النساء و يسلبون منهن إنسانيتهن بالقهر و الإذلال و التعذيب و الإغتصاب .

تعليق واحد

  1. رفقًا بالقوارير ، فإنهن مثل العصافير ،لكل روض ريحان ، وريحان روض الدنيا النساء ،
    هن شقائق الرجال ، وأمهات الأجيال ، يلدن العظماء ، وينجبن العلماء ،
    ويربين الحلماء ، وينتجن الحكماء ، المرأة عطف ، ولطف وظرف

  2. القوارير دي شنو ؟ما فى الفاظ تحترم بها صلابة تلكم النساء
    إحترام المرأة هو قمة التحضر؟؟ مافى احترام لقوارير.
    مقال ممتاز بس شيل القوارير دي برة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..