ومرة أخرى العنف السياسى وسط طلاب الجامعات عنف الدولة (2/3)

وفى عهد الانقاذ ظهر تَنامى العنف السياسي وسط الطلاب بصورة مخيفه ويُرجح عدد من الُمحللين هذا العنف لعناصر وعوامل عدة الدكتور الطيب زين العابدين يقول فى تحليله بجريده الصحافه العدد (4910)
( أن العنف الطلابي المعاصر تأثر كثيراً بالمناخ غير الديمقراطى الذى عم البلاد بعد انقلاب 1989 فقد لعب الطلاب دوراً عسكرياً وأمنياً وسياسياً لمصلحه النظام الجديد بل تعسكر التنظيم الطلابى نفسه حتى ذابت الفواصل بينه وبين اجهزة الامن )
ومع ان الطيب زين العابدين يعتبر من الأسلاميين ولكن لُة رأى واضح فى انقلاب 1989 وهنا يعطى اشارة واضحة الى كيفيه تُكون العقليه الاسلاميه وبالاخص عند شباب التنظيم الحاكم ويمضى دكتور الطيب فى نفس المصدر السابق ( وصار العنف الطلابي فى الجامعات جزء من العنف المؤسس الذى تمارسه الحكومه ضد المعارضين لها من اجل تمكين سيطرة الحزب على سائر قطاعات الدوله ) ا.هـ
ويدلل الطرح أعلاة على منهج عنف متكامل هو القابض على مقاليد الدوله هذا المنهج الذى يتسم بالبعنف مع الاخر دون الطرح الفكرى والنقاش الموضوعى ، وهذا ايضاً ما ذهب اليه قيادى اسلامى اخر فى معرض حديثه عن ازمة الحركات الاسلاميه والشباب المحارب فى الجنوب فكان ردة يحمل المعنى الاتى :- (أنه من السهل جداً على طالب الاتجاة الاسلامى حمل البندقيه ولكن يصعب عليه اكمال كتاب بيده ) ، والقصور الفكرى ليس قاصراً فى الاتجاه الاسلامى بمختلف تخلقاته آلأميبيه على الطلاب او الشباب بل ان المنهج الفكرى الضامر لهذا التيار يبرهن على ان حتى قياداته تعانى من قصور فكرى مريع أدى الى تخبطها فى كيفيه اداره البلاد تفاجأت قيادات الحركه الاسلاميه بعد 89 بأن برامجها ومنهجها قائماً على شعارات ليس اكثر ، بحيث لم يكن هنالك اسهاماً فكرياً بالمستوى الذى يؤهلها أن تٌعتلى السلطه ببرنامج واضح وفى هذا يقول احد مفكرين الانقاذ قبل المفاصله دكتور عبدالوهاب الافندى ( خلال السنوات العشرين الاولى لم يكتب اى من الاخوان السودانين أى كتاب له قيمه هنالك محاولات خجوله لأنتاج عمل ايدلوجى قام بها الترابي فى حوالى العام 1972 حيث طبع الصلاة عماد الدين ) (( المصدر التيارات الاسلاميه وقضيه الديمقراطيه … مركز الدراسات السودانيه )) .
وفى غياب آلآطار الفكرى يغيب الطرح الموضوعى وبالتالي يضيق الصدر لأى نقاش ويكون العنف هو السابق لأى جدل أو اى قضيه فكان حوار النظام مع خصومه بعقليه أقصائيه ومنطق أسلامى راديكالى واستخدم الطلاب بشكل وحشى وانتهازى ميكافيللى فى قضيه الجنوب يقول دكتور الطيب زين العابدين فى مقال سبق الاشارة الى مصدرة ( واقتضت حرب الجنوب مشاركه الطلاب من خلال مؤسسه الدفاع الشعبي فزادت من درجه عسكرة الطلاب وايمانهم بالعنف وسيله لرهب الاخرين ولاباس من استعمالها لكسب المنابر الطلابيه بجانب اساليب اخرى الخداع والتكتيك والتزوير وظهر شكل العنف بصورة كبيرة وسط الطلاب الاسلاميين انفسهم عندما أنشق التنظيم الحاكم الى وطنى / شعبي ) أ . هـ
ويتضح هنا الربط بين الوضع السياسي العام مع نموزج الطالب الجامعى الذى دغدغت العاطٌفه الاسلاميه حواسه الداخليه فى جوانب تكوينه وأدت الى مُحو شخصيته كلياً واصابه تشويش وغباش فى التحليل ثم رضوخ وأستسلام تام فاصبحت شخصيته قمئيه حقيرة غير واثقه ألا من خلال السلاح والعنف المبرمج عليه وتحاول اخصائيه علم النفس الجنائى ألاستاذة حرم الرشيد اسقاط تحليل ايضاحى لمثل هذة الحالات فتقول فى مقال لها بجريدة السودانى العدد (464) :-
( كل مكاسبهم من خبرتهم الحياتيه الادراكيه تركزت على فكرة الموت فتنمو معهم الدوافع العدوانيه القتاليه ) أ.هـ
وهذا ما يحدث بالضبط فالملاحظه الاولى داخل اسوار الجامعات عندما تكون بدايه لحدث ما أحد اطرافه طلاب التنظيم الحاكم تتلبد سماء الجامعه بنذير عنف قادم وهواصطفاف كوادر التنظيم من داخل وخارج الجامعه فى شكل كتائب عسكريه مع جلالات وصحيات غريبه لها مضمون عنفى واضح مثل (…جيبو….حى ….جيبو… حى ….اليله يوم الرجال ..) وترتفع التكبيرات ولا يتوانى بعد الطلاب المواليين للنظام من اظهار السلاح النارى اضف الى هذا الجو المشحون داخل الجامعه فان التوتر القادم من خارجها اكبر متمثل فى كمائن جهاز الامن و مليشيات النظام غير النظاميه الاخرى ، وتكون صيحات جنود الشرطه والذين كلما شاهدو طالبة تزداد غرائزهم المريضه نشاطاً … والغريبه بان ضباط الشرطه يآتمُرون باؤآمر (ملكيه ) هم يحركوهم ويامرؤهم باعتقال هذا … وذاك …وتتنامى الدوافع العدوانيه بصوره حقيرة اقرب الى الحيوانيه لدرجه بكاء بعض كوادر التنظيم الحاكم ويصيح هاتف ……
فالترق منهم دماء …. أو ترق منا الدماء … او ترق كل الدماء
والمشاهد أعلاة تتم بصورة أو بأخرى فى كثير من الجامعات وألأمر ليس بمستغرب أن يتم كل هذا السيناريو بمباركه قيادات النظام والتى تعانى ايضا من مرض نفسى حاد وتحاول ان تسقط كل اشكال الاعتلال والقهر النفسى هذا على الطلاب وفى حديث تلفزيونى مشهور لأحد قيادات النظام ابراهيم احمد عمرعندما كان وزيراً للتعليم العالى عن ماهيه العنف بالجامعات كان ردة ((أنه صراع بين مسلم وكافر)) ..أ. هـ
هكذا يكون واقع ومعطيات التربيه لمثل هذة الكوادر فالفرد الذى تربي على نبذ الآخر والتلقين وعدم أحترام الذات ألانسانيه لابد ان يكون هنالك خلل كبير فى أهليته العقليه وتقول الاستاذة حرم فى نفس المقال السابق ( فهذة الشخصيه لا تعرف العواطف الوجدانيه للاخرين ولاتقبل غير المؤشرات الايحائيه المتطرفه ) أ.هـ
وبالتالى تكون بمثابه خطر على المجتمع فأبعادها قائمه على نبذ الاخر وفكرة الحرب وان مادونه ً كجماعة ً يهدد وجودة .
انواع العنف السياسي وسط الطلاب أبان حقبه الانقاذ :-
وعلى امتداد اكثر من 25 عاما رسمت الانقاذ كل انواع العنف على الوطن من عنف مادى وجسدى وعنف بالكلام وعنف (رمزى ) ممارسه سلوك يرمز الى الاحتقار أو الاهانه .واشكال العنف داخل الجامعات له اشكال عدة عنف طلابي طلابي ، عنف طلابي ادارة ، عنف طلابي شرطه ، وفى كل الاحوال كانت الشرطه تتدخل لحسم الصراع حتى ولو كانت مؤيده لطرف خلاف الاخر ، الافى حاله تعد الأغرب والاشهر فى تاريخ الجامعات لم تتدخل فيها الشرطه اطلاقاً بل وقفت مع الواقفين (( حادثه جامعه امدرمان الاهليه )) والتى رفض مدير الجامعه ادراجها تحت بند العنف الطلابي تم حريق جامعه ام درمان الاهليه بواسطه مليشيات طلاب الجاهز والتى تسمى ( بالبرق الخاطف ) وبمباركه من قيادات النظام وفى سرد لوقائع احداث حريق الجامعه اعلاة صرح مدير الجامعه بانه وفى محاوله منه لانقاذ الموقف لجاء الى القيادى بالتنظيم الحاكم ابراهيم احمدعمر واعلمه بنيه طلاب التنظيم فكان رد القيادى يعبر عن سيكلوجيه مقهورة لانسان مريض (( الحشاش يملاء شبكتو )) هكذا يحكم الوطن سادتى ، وزلنا نتسال لماذا العنف وسط الطلاب .. والمضحك المبكى ما حدث فى جامعة اليرموك تقول استاذة هويدة سردالختم فى مقال لها (في العام الماضي قام أحد الطلاب الذين ينتمون للحزب الحاكم وهو من طلاب كلية اليرموك العراقية بشارع الستين بتجميع عشرين فرداً من الفاقد التربوي الذين قاموا بالهجوم بالأسلحة النارية والبيضاء والملتوف على مباني الكلية وتم تدميرها بالكامل وتم التعدي على وكيل الكلية وحبسه في مكتبه وسط النيران….)
بعض أشهر احداث العنف فى عهد الانقاذ :-
لعل ذاكرة التاريخ داخل الجامعات مشحونة بكم هائل من الاحداث فى حقبه الانقاذ منذ العام 1989 والى الان باكثر المواقف دمويه وعدائيه على الاطلاق ، حيث شهد العام 1989 سقوط ثلاثه من الطلاب بجامعه الخرطوم أى بعد اقل من اربعه اشهر من تولى الجبهه الاسلاميه القوميه سده الحكم فى البلاد، سقط بشير الطيب خامسه اداب – انجليزى ، فى مساء الاثنين 4 ديسمبر 1989فى سنتر الجامعه بين كليه الاقتصاد والقاعه (102) أثر طعنه تلقاها من طالب فى المستوى الثانى آداب ( هنالك معلومات تقول بان الطلاب هو (فيصل حسن عمر ) الاخ الاصغر للقيادى بحزب المؤتمر الوطنى امين حسن عمر وتم تأمين فيصل هذا فى بكوادر من الاتجاه الاسلامى و ترحيله الى منزل الطيب محمد خير المشهور بالطيب سيخه والذى اصطلح على تسميته بهذا الاسم منذ احداث العجكو الشهيرة والتى تم الاشاره اليها سابقا تمت تبرئه فيصل حسن عمر من تهمه القتل العمد ، واشيع بعد فترة هلاك فيصل فى الجنوب ، وعلى اثر مقتل الطالب بشير تصاعدت الاحداث بجامعة الخرطوم بشكل عنيف لمده يومان وفى يوم الابعاء الموافق 6 ديسمبر 1989 سقطت التايه أبوعاقله وهى من بنات الدندر كليه التربيه جامعه الخرطوم وبعد اقل من ساعه سقط الطالب أبوبكر سليم ثانيه اداب بالرصاص
، استمرت الاحداث سجال بالجامعه ولم تتم معاقبه الجناه الى اليوم فى احداث القتل الثلاثه هذة ، وفى العام 1991 سقط الطالب طارق محمد ابراهيم كليه العلوم الخرطوم فى مظاهرة طلابيه اثر عيار نارى ، وبعد مظاهرة تندد بصندوق دعم الطلاب وحق الطالب فى الاعاشه اعتقل الامن الطالب محمد عبدالسلام قانون الخرطوم فى 3/8/1998 وتحت وطأة التعذيب سقط محمد عبدالسلام قتيلاً فى يوم الثلاثاء الرابع من اغسطس لنفس العام وكان مدير الجامعه الزبير بشير طه ( مختل اخر ).
كما شهدت جامعه سنار احداث عنف أدت الى مقتل الطالب ميرغنى النعمان فى العام 2004 أثر ندوه اقيمت بالجامعه ولم تكن جامعه السودان بأفضل حالاً عندما سقط عبدالرحمن فى العام 1995 من كليه الاشعه الطبيه فى مظاهرة طلابيه ، وقدمت جامعه السودان آخر هو الامين شمس الدينً كليه الهندسه الجناح الجنوبي ، وسارت جامعه الجزيرة على نفس النهج وسقط معتصم الطيب كليه الزراعه ومن خضم هذة الاحداث التى اتسعت لتشمل جامعه النيلين ومقتل الطالب شريف والطالب خالد محمد نور المستوى الثانى تجارة ،وفى مارس 2014 سقط الطالب على ابكر موسى اقتصاد المستوى الثالث .وبلغت الحبكه والدرما فى تصفيه المناهضين من الطلاب بان تم اعدامهم ورمى جثثهم فى ترعة عقب الاحداث التى اندلعت تندد بالرسوم الدراسيه المفروضه على طلاب دارفور بجامعه الجزيرة وكان يوم 7 ديسمبر تم العثور على أربعه جثث للطلاب محمد يونس النيل ، وعادل محمد احمد ، والصادق عبدالله يعقوب ،و نعمان احمد القرشى وجدت هذة الجثث فى قناه ( ترعه ) بالقرب من جامعه الجزيرة
ومنذ العام 1989 لم تسجل حاله قتل لكوادر النظام من قبل الطلاب او المعارضين بالجامعات السودانيه الا فى حاله جامعه امدرمان الاهليه الطالب معاويه والثانيه التى حدث فى جامعه شرق النيل قبل ايام .
اذن فان العنف وسط الطلاب بالجامعات ومن خلال ما تم سردة يتضح جلياً بان النظام يعمل على التصفيه الجسديه لكل مناهض اومخالف لسياساته وحتى الاحتجاجات التى تخرج من الحراك الطلابي تكون فى كثير من الاحيان مناهضه للواقع المعاش والمتردى للطلابوهى عبارة عن صرخه فى وجه السلطه ويذهب معنا فى نفس التحليل محمد حسن التعايشى فى ورقه منشورة له فيقول ( ومن خلال الاستبيان الذى تم توزيعه على عدد مقدر من طلاب التعليم العالى بمختلف الجامعات السودانيه ثبت ان العنف الطلابي من النوع الهيكلى البنيانى موجهه ضد النظام الحاكم وسياسه التعليم العالى خصوصاً، فمن خلال استقراء لمجموعه من الاحداث تواترت فى الجامعات السودانيه وفى تواريخ محددة يسهل وصف العنف الطلابي بانه عبارة عن سلسله احتجاجات على اوضاع من وجهه نظر الطلاب غير مقبوله سواء كانت تلك الاحداث متعلقه بالجامعات أو بما يحدث فى تضاريس السياسه الخارجيه ) أ.هـ
وبخلاف سياسه النظام فى زراعه وغرس العنف فى البلاد فان سياسته وفى شكل حوارته مع الذين يقابلونه بعنف منظم قد كانت لها ابعادها الموضوعيه داخل الجامعات السودانيه وعقب اتفاقيه ما يسمى بالسلام الشامل والتى ادت الى فصل الوطن الى شمالى / جنوبي برز شعوٌر قوىٍ بان النظام لايحترم الا القوى حامل السلاح وهذة التسويه بين الحركه الشعبيه والمؤتمر الوطنى شجعت جهات اثنيه اخرى على حمل السلاح لنيل حقوقها ولسماع صوتها.

يتبع

اكرم ابراهيم البكرى
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..