الأزمة السودانية.. التحديات والحلول

د. الشفيع خضر
(1)
تفاقمت الأزمة الوطنية الشاملة في البلاد، وطالت كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية، ومع كل صباح جديد تزداد عمقا واتساعا. من مظاهر الأزمة:
– انفصال جنوب السودان، وتداعياته الملموسة.
– الحرب الأهلية على أشدها في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق.
– استمرار الأزمة في دارفور، ورئيس السلطة الانتقالية يصرخ بأن اتفاق الدوحة في مهب الريح.
– احتمال الحرب وارد بين دولتي السودان وجنوب السودان، مع تداعياتها محليا وإقليميا ودوليا.
– الاقتصاد السوداني يسرع مترنحا صوب الإفلاس، خاصة بعد تخفيض العملة السودانية الأخير باسم تعويمها، ومع تفشي الفساد بصورة خطيرة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية ووصول الضائقة المعيشية حدا من الضنك لا يطاق لدرجة العنف الجماهيري تجاه مؤسسات النظام كما حدث في الدالي وود النيل وغيرهما.
– تفشي ظواهر خطيرة مثل: الهوس الديني وتكفير الخصوم، إثارة النعرة العنصرية والتي وجدت مكانا في مؤسسات وممارسات وخطاب النظام، تخوين المعارضين واتهامهم بمعاداة الوطن….الخ، مما يهدد بتمزيق نسيج المجتمع السوداني ويحوله إلى مجموعات متجابهة متنافرة تدير صراعاتها على أساس العنصر والانتماء العرقي، وهذا هو أقصر الطرق لتشظي الوطن وتفتيته.
– قمع الحريات: مصادرة الصحف ومنع الصحفيين من الكتابة بقرارات من جهاز الأمن.
(2)
– السبب الأول والرئيس لتفاقم الأزمة الوطنية الشاملة في السودان في الوقت الراهن، هو استمرار هيمنة الحزب الواحد، حزب المؤتمر الوطني، على مقاليد الحكم لما يقرب من ربع قرن، وتبنيه لسياسات وممارسات فاقمت من الوضع، بما في ذلك الفشل في تنفيذ الاتفاقات الموقعة، والتي جميعها انتهت إما بكارثة، مثل انفصال الجنوب، أو عودة الأطراف إلى مربع الخلاف والصدام، مثل إتفاق جيبوتي، اتفاق القاهرة، اتفاق أبوجا، التوتر بعد اتفاق الشرق…الخ.
– بعد خرطة الطريق المقترحة من الاتحاد الأفريقي، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2046، ستواجه
البلاد باحتمالين: الأول، أن يفضي التفاوض إلى صلح حقيقي، بين الحركة الشعبية قطاع الشمال والحكومة، مما يتيح فرصة ذهبية للحل الشامل بمشاركة القوى السياسية كافة. والاحتمال الثاني، أن يفضي التصالح إلى شراكة بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال، مع الاحتفاظ بلافتة الحكومة العريضة كمجرد ديكور. وفي الغالب سيتبع هذه الشراكة الثنائية تشاكس ثنائي قد يدفع بالأمور لأن تطل علينا الشعارات التي تهدد وحدة البلاد مرة أخرى. وفي هذه الحالة، إما أن تعلن الأحزاب السياسية عن وجودها، فتسعى لفرض الأجندة الوطنية بالطريقة التي تراها مناسبة، وإما تقف موقف المتفرج المبعد عن دائرة الفعل السياسي، مما يعني استمرار الأزمة.
(3)
أعتقد أن لقاءنا هذا معني فقط ببحث ومناقشة سيناريو الحل التوافقي للخروج بالبلاد من أزمتها، إذ أن أي سيناريوهات أخرى فمكانها مواقع أخرى. ومباشرة أقول: إن أي مشروع لحل توافقي يخرج بلادنا من أزمتها الراهنة والطاحنة، يستوجب في البداية التوافق على أربعة شروط جوهرية، دونها لا تستقيم أي إمكانية لأي توافق، وهي:
أ- اعتراف النظام الحاكم بأن البلاد تمر بأزمة حقيقية، وأن وجوده على دفة الحكم لما يقرب من الـ 25 عاما، لم يعالج الأزمة، بل فاقمها، كما لخصناه في النقطة (1) من هذه الورقة.
ب- قناعة كل الأطراف بمبدأ المساومة والتسوية والتوافقية.
ج- قناعة الحزب الحاكم بأن التسوية التوافقية تعني في المقام الأول فكفكة نظام هيمنة الحزب الواحد لصالح دولة الوطن بمؤسساتها القومية، وذلك وفق تنفيذ إجراءات محددة تحقق ذلك.
د- تمتلاك الجميع، حكاما ومعارضة، للإرادة السياسية الضرورية للسير قدما في مشوار التسوية والتنازلات.
(4)
ضربة البداية لأي تسوية محتملة، تكمن في أن تتخذ الحكومة قرارين وتنفذهما، وهما:
1- العمل على توفير المناخ الملائم لضمان نجاح أي عملية تفاوضية تفضي إلى تسوية، وهذا يشمل: إتاحة حرية التعبير، حرية الحركة، حرية التنظيم، إلغاء القوانين المقيدة وعلى رأسها قانون الأمن،…الخ.
2- الاتفاق على وقف إطلاق النار قي مناطق القتال حتى يتم توصيل المساعدات الإنسانية للمتضررين.
(5)
ملامح مشروع التسوية يشمل:
أ- العمل على وقف الحرب كأولوية قصوى، والبدء في عملية تفاوضية تشمل جميع الحركات
المسلحة، بما في ذلك الحركة الشعبية قطاع الشمال، وفق إعلان مبادئ يتفق عليه.
ب- إعادة النظر في كل أجهزة الدولة بما يضمن قوميتها وعدم حزبيتها، ويشمل ذلك: القضاء، أجهزة الأمن والشرطة، القوات النظامية، الخدمة المدنية.
ت- التحقيق والمحاسبة في قضايا الفساد والتغول على المال العام.
ث- العدالة الانتقالية على أساس مبدأ الحقيقة والمصالحة، بالنسبة لقضايا الانتهاكات.
ج- برنامج اقتصادي أساسه رفع المعاناة عن المواطن.
(6)
آليات التنفيذ تتضمن:
1- حكومة قومية إنتقالية، يحكمها إعلان دستوري انتقالي، وتنفذ برنامج إنتقالي.
2- مؤتمر قومي دستوري.
3- مؤتمرات قومية تخصصية لمخاطبة قضايا الاقتصاد، خدمات التعليم والصحة ..الخ.
4- البحث عن معادلة للتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية
الاحداث
قتباس :-
ضربة البداية لأي تسوية محتملة، تكمن في أن تتخذ الحكومة قرارين وتنفذهما، وهما:
1- العمل على توفير المناخ الملائم لضمان نجاح أي عملية تفاوضية تفضي إلى تسوية، وهذا يشمل: إتاحة حرية التعبير، حرية الحركة، حرية التنظيم، إلغاء القوانين المقيدة وعلى رأسها قانون الأمن،…الخ.
2- الاتفاق على وقف إطلاق النار قي مناطق القتال حتى يتم توصيل المساعدات الإنسانية للمتضررين.
تعليق :
يا دكتور لا يوجد هناك حكومة بالمعني المفهوم للكلمة , اذا كانت كذلك اذاً ما الداعي للتمرد , يستحسن ان نسميها عصابـــة , مجارمة , بلطجية , …!
و كما اسلفت في حديثك , بان الامور تفاقمت في عهدها , و ربما قابل للانفجار اكثر , اذاً هذة العصابة لا تستحق كلمة حكومة الا اذا كنت تعتقد بان أهل الجنوب و جبال النوبة و دارفور و النيل الازرق ليس اصحاب وطن و قضايا مشروعة ..!
ثم عدم أحترام المواثيق و الاتفاقيات الهزلية هذا ديدنهم , تربي عليها بني كوز يصعب تركه و الكل يعلم لكن دفن الرؤوس في الرمال ربما اصبح جزء من يومياتنا..!
الحل كنسهم نهائياً , و كل الفرص متاحة حالياً , و ربما تسقط العصابة لوحده لو اصرت الجنوب على قفل ابار النفط و عدم التعاون معها نفطياً …!
مع أحترامي لمقالك لكن لم تأتي بجديد فالكل في جناح المعارضه ينادي بما تنادي به ولــــــــــــــــــــــكن لا حياة لمن تنادي
فمن الأجدي الحديث مع الطرف الذي سيقوم بضربة البداية أي أن تضع النقط على الحروف إين ومتى وكيف ستكون البداية دعونا من ان الإنقا1ذ فعلت ولنتحدث عن ماذا سنفعل نحن
في الاعلان الذي اصدرته قوى الاجماع الوطني عن رؤيتها لمرحلة ما بعد الانقاذ لم أجدهم يتحدثون عن المحاسبة على الجرائم التي ارتكبت في عهد الانقاذ.
وأنت يا دكتو تكلمت عن (العدالة الانتقالية على أساس مبدأ الحقيقة والمصالحة، بالنسبة لقضايا الانتهاكات) ولكن أنا لا أجد كل ذلك كافياً. اذا لم يحاكم مرتكبي الجرائم جميعها جنائية ومدنية مثل الاعدامات والتعذيب والاغتصاب وحرق القرى وتشريد السكان والفصل من العمل والاختلاسات والتزوير واستغلال النفوذ وغيرها, اذا لم يحاسب مرتكبي هذه الجرائم فلن ينصلح الحال في السودان وسنجد أنفسنا ندور في حلقة مفرغة.
المحاسبة على كل الجرائم والا فلا يوجد تغيير
يا دكتور ، أنت كمن يؤذن في مالطا ، هل تحسب أن هؤلاء المجرمين يهمهم وطن أو دولة؟ لقد اغتالوا الوطن ويتشبسون بجثته خوفا من الذهاب الى لاهاي ، لن يستمععوا لك أو لغيرك , ولن تنفع معهم لغة غير هدير رصاص الحركات الثورية ، لن يحلنا منهم سوى نحرهم وسحلهم وحرقهم وذر رمادهم في جحيم جهنم
أحييييييي انا من الشيخة مووزة
صحيح أن سوداننا يمر بهذه الأزمات العصيبة وخاطيء من ينكرها … وعلى البشير ونوابه ومساعديه ومستشاريه ووزرائه الإتحاديين والولائيين وأجهزته العمل على حلحلة هذه الأزمات بأعجل ما يمكن ولو بعقد مؤتمرات تخصصية من كل ألوان الطيف السياسي فسوداننا مليء بالمتخصصيين وأصحاب الحل والعقد والأفكار المنيرة …. ونسأل الله تعالى التوفيق .
د.الشفيع…. تحية طيبة
تكلمت عن حل جانب واحد من جوانب الأزمة…. وهو الجانب السياسي….
أعتقد أن الذي … يهم المواطن…. في الوقت الحالي….هو الجانب الاقتصادي! وعاجلاً!!!
تفتكر… الناس سكتت…على الانقاذ…في العشر الأخيرة…. ليه؟؟
السبب هو…. الاستقرار الاقتصادي…(الوهمي؟؟!)…. طوال العشر سنوات الأخيرة…
رغم الفساد…. والعناد…. والاستبداد…. وذل العباد…. كان في استقرار للجنيه!
لذلك… أي قادم…. ديمقراطي أو غيره…. ما عندو حل اقتصادي….أخير عدمو…. حيفشل!!!
مجلس رئاسي… رئيس واحد….برلمان….. الخ…. دة كلو ما بهم….
المهم هو : من وين وكيف نجيب قروش تمشي البلد… بعد كل هذا الدمار في كل مرافقها؟؟
اتمني من الطيب مصطفي يحل هذه الضائقه المعيشيه التي حلت بالبلاد لانه اول من نادي بالانفصال وهو اول من ايد الانفصال .
زعماء الإدارة الأهلية وقادة الطرق الصوفية هم من يمثلوا السودانيين وهم المسئوليون عنهم عبر تاريخه الحديث منذ السلطنة الزرقاء مروراً بفترة الإستعمار البريطاني .. على هؤلاء القادة التقليديين أن يجمعون أمرهم على كلمة سواء لإنقاذ السودان .. عليهم مقابلة الرئيس عمر البشير والطلب منه التنحي موضحين له أن الناس قد تعبوا وتكلفوا الكثير بسبب إستمراره في تقلد منصب رئيس الجمهورية .. حيث أن الحصار المضروب عليه من النافذين في المجتمع الدولي بسبب نظامه العنصري والمتشدد دينياً وإتهام محكمة الجنايات الدولية له بالإبادة وجرائم الحرب ، لا يمكنه من القيام بواجباته كرئيس خصوصاً على الصعيد الخارجي .. وعلى الشيوخ مواجهته بكل مثالب نظامه من الفساد والحروب وإنتشار الفقر .. وإستحواذ نفر قليل من المتنفذين الفاسدين من سدنة نظامه بالأمر ما جعله ضرب من ضروب الإستبداد .. عدا التخبط الأرعن في السياسة الداخلية والخارجية .. وعلى الشيوخ الأماجد ضمان عدم تسليم البشير للمحكمة الدولية ..
وأعتقد أن هذا هو المخرج الوحيد وهو ما سيجبر الرئيس عمر البشير على التنحي .. ولتكن الثورة الشعبية هو بديل تعنت الرئيس ورفضه التنحي .. حينها يمكن للسودانيين أن يتحملوا الرصاص في سبيل إزاحته وجماعته الفاسدة من سدة الحكم .