التقلب بين الحلال والحرام..في دراما تسليم قوت العام

بسم الله الرحمن الرحيم
ابتدع النظام في أولى أعوام تمكنه من السلطة ..نظام تسليم قوت العام للعاملين في الدولة..في إطار دعايات تخفيف أعباء المعيشة..بتوفير عدد من أجولة الحبوب..ذرةً وقمحاً..بيد أن النتيجة في الغالب ..كانت بيعاً لهذه الحبوب من أهل المدن لاستخدام ريعها في متطلبات أخرى ..وأزعم أن هذا كان بداية البيع بالكسر ..لأن التجار يستغلون الوفرة وحاجة العامل فيفرضون سعراً أقل من السعر الذي بيع به للعامل ..والعامل يرى نفسه مستفيداً ما دام اشترى بأقساط..إلا أنه ومن العام التالي مباشرة ظهرت العيوب الكبيرة وكان أكبرها بداية الخصم لشهور قبل تسليمه ومعرفة سعره ونوعه..شخصياً توقفت عن تسجيل اسمي مع الراغبين مذ ذاك التاريخ ..لشعوري بحرمته واستفتيت من أثق فيه فأكد حدسي بأن معرفة الثمن والمثمن شرط لصحة البيع.
وبعد توقف طويل وإفساح الفرصة لكرتونة رمضان وخراف الأقساط ..عاد اتحاد العمال هذا العام لهذا الأمر ..والإقبال قياساً بعدد العاملين كان كما الإقبال على الانتخابات..وانحصر فيمن يريدون بيعه بالكامل أو معظمه. مع بعض ممن يحتاجونه فعلاً لقوتهم .في عام صعب فيه تسويق الذرة المنتجة..ولم أكن لأهتم بالأمر ..حتى سمعت من زميل عجبا..فقد ذهب لتسلم نصيبه ووجد صفاً يشبه صف الصراف..وعندما جاء دوره ..وجد مندوبين من اتحاد العمال وبجانبهما تاجر يضع أمامه جوالاً مليئاً بحزم العملة..وسأل عن الذرة فأجيب بأنها لم يؤت بها ولكن هذا الشخص سيعطيك مبلغ مليون جنيه عن الجوالات الخمسة..هنا ثارت ثائرته وكال عليهم من التهم ما يرتبط بهذا الوضع ..وبأنهم إنما مستفيدون من هذا التاجر..وكان ذلك وسط دهشة واستنكار من كانوا بالصف ..بل ذهب بعضهم إلى الشك في مُسكر خامر عقله..فماذا يريد غير المبلغ ؟ ولكن ثورته كانت كافية لإيقاف العمل..وسط سخط الآخرين..بنهاية حديثه أوضحت له أن اتهاماته شئ..ومدى حِلية البيع شئ آخر وخاصة من نقابات المشروع الحضاري الذي صدعونا به..فلا يجوز شرعاً حسب علمي البسيط بيع شي لم تمتلكه من الأساس.. فكيف يشارك اتحاد العمال في ذلك ؟وفي اليوم التالي أُتي بالأجولة ..وسار العمل كما ينبغي ..وسلمت الذرة ..وباع الزميل ما أراد بيعه لآخر ..فتوصل إلى استنتاج مثير..فقد اشترى منه قريبه بزيادة خمسين جنيهاً في الجوال الواحد ..وعلم أن هذا هو السعر في البنك الزراعي للموردين من ذوي المديونيات أو التجار المتعاملين وإن ما كان يتم هو توفير لمبلغ الترحيل حتى يورد التاجر من المخزن إلى المخزن نفسه وفقاً لاستنتاجه إضافة إلى الاستفادة من فرق السعر..وإن عينة الفتاشة التي عرضوها عليهم ليست مطابقة لأن الذرة وفقاً لاستنتاجه من المخزون الاستراتيجي ..وقد وقفت شخصياً عليها فتأكد لي قدمها.. ولآن محدثي من داعمي النظام ..وجدت فيه فرصتي لاكتشافه لعيوب نظامه بنفسه..وتذكرت بداية النظام أن وزيراً تدخل لتأخير شحن الكمية المطلوبة لكسلا من القضارف..لأنه كانت لديه كمية من الذرة معروضة في السوق..وبأسعار عالية..وعندما تداولنا هذا الأمر قال منتم للإسلامويين ..أن هذا الرجل تقي ولا يمكن أن يأتي بمثل هذا..فسكتنا حتى عرفنا بمرور السنين ..معنى التقوى وما يفعل (المتقون ) من أهل النظام
[email][email protected][/email]