حقائق خطيرة كشف عنها قرار المصادرة أدت لما شهدته من تطورات حلقة(4)

كما أوضحت في حلقة سابقة فان قرار مصادرة شركة عثمان صالح نفسه جاء مفاجئا ولم يكن في حسبان احد أو مقترحا من أي جهة رغم ثبوت مخالفة التهرب من ضريبة الإنتاج في مطاحن الدقيق وليس شركة عثمان صالح التجارية باعتراف مدير المطاحن المكتوب والموقع عليه فان قرار المصادرة جاء نتاجا لانفعال الرئيس النميرى بسبب بيان الجبهة الوطنية المعارضة من لندن والذي وقع عليه محمد عثمان صالح عن حزب الأمة ولان القرار جاء مفاجئا بدافع سياسي أكثر من انه العقوبة المناسبة للتهرب من ضريبة الإنتاج لهذا لم تكن هناك أي جهة خططت لما يتبع هذا قرار مصادرة الشركة أو حتى الجهة التي تتولى أمرها لأنه لم يكن قرارا مرتبا في الأصل,

ولكن الذي حدث إن الأحداث تسارعت بشكل مفاجئ وغريب ففي صباح اليوم التالي اتصلت سلطات الميناء ببورتسودان بجهاز الرقابة وأخطرته أن هناك شحنة عشرة ألف طن صمغ خاصة بالشركة محملة على باخرة استعدادا للإقلاع فماذا يفعلون بها وكان هذا الموقف مفاجئا هو الآخر وبما إن الجهاز يومها كان في طور التكوين ولم يكن يضم غير أربعة منتدبين ثلاثة منهم من وزارة المالية من ديوان شئون الموظفين وهم نائب الرقيب محمد عبدالحليم محجوب ورحمة الله عليه الدكتور على المك واحمد السني وكان شخصي الضعيف من وزارة التجارة والتي كنت فيها مسؤولاً عن قسم الصادر فاتصل بى نائب الرقيب من باب المشورة فا كدت لهم لابد من الالتزام بأي اتفاق سبق المصادرة حتى لا يؤثر قرارها على الصادرات ويهز سمعة السودان خارجيا وكانت هذه النصيحة سببا في أن يطلبوا منى أن أغادر فورا لبورتسودان للوقوف على الشحنة ووفروا لى طائرة من المظلات لأغادر فجرا الأمر الذي فرض على أن اذهب لمكاتب الشركة بالخرطوم -2- للوقوف على المستندات الخاصة بالشحنة.

وكانت مفاجأة كبيرة عندما تضمن ملف الشحنة عقدين مع شركة كوركوجيان كمشترى وهو من اليهود اللذين كانوا يقيمون فى السودان وغادروه بعد تفجر الأوضاع بعد ثورة أكتوبر والعقد الأول بسعر 250 دولار للطن وهو العقد الذي بموجبه فتح الاعتماد وكان العقد الثاني بسعر 270 دولار فأرسلنا تلكس عاجل لكوركوجيان طلبنا منه تعديل الاعتماد بالسعر الأعلى 270 دولار حتى يتم شحن البضاعة فرفض وارضخ في رفضه أن نصف الفرق بين السعرين خاص به هو وليس شركة عثمان صالح فلم يكن أمامنا إلا أن نرفع الأمر لوزارة العدل التي أفتت فورا بان نطلب منه تعديل الاعتماد بسعر 260 على أن يحتفظ بالنصف الخاص به وبالفعل عدل الاعتماد وسافرت لبورتسودان حيث غادرت الباخرة في موعدها وللحقيقة والتاريخ وحسب ما تأكد لنا من كبار موظفي الشركة من الشوام والأقباط بان الشركة كانت ترتب لفتح شركة في لندن موازية للشركات التي أسسها اليهود اللذين غادروا السودان بهذا الفرق فئ السعر حتى يتاح لهم تسويق الصادرات داخليا عبر شركة يمتلكونها في لندن ولم يكن الأمر رغبة في تهريب الفرق لأي غرض آخر وكان هذا واضحا ردة فعل لليهود اللذين غادروا لأوروبا وانشأوا شركات مملوكة لهم بجانب ما يملكونه من شركات في السودان أو يشاركون فيها.
وكانت محصلة هذه الوقعة تكشف ما خطط له ملاك الشركات المهيمنة على التجارة الخارجية والذى يحسب خطرا كبيرا على السودان سواء في الصادرات أو الواردات.
وكانت المفاجأة الثانية والأكثر خطورة في كشف الحقائق إن بعض كبار اليهود اللذين غادروا السودان او بقوا فيه لترتيب أوضاعهم الجديدة بالخارج وبصفة خاصة حبيب كوهين ونسيم قاوون وآخرين تركوا الكثير من مخلفاتهم في مكاتب شركة عثمان صالح في الدور الثاني من المبنى وفى هذه الغرف تكشفت مستندات توضح كيف أنهم تركوا ممتلكاتهم من عقارات وغيرها تحت مسئولية جهات سودانية من التجار أوكلوهم مهمة بيعها وشراء العملة من السوق الأسود وتحويلها لهم حيث أوضحت المستندات الكثير من الأراضي والعقارات التي تم تحويل ملكيتها بهذه الطريقة الخاصة بمن غادر منهم أو تواصل وجودهم في السودان حتى يتم لهم التخلص مما يملكونه في السودان بعد ترتيب أوضاعهم خارجيا.

تحت هذه الوقائع التي كشفت عنها الصدف صدرت القائمة الثانية والتي ضمت كل هذه الشركات المملوكة لليهود المقيمين منهم أو الذين غادروا السودان وهى القائمة الثانية التي قام الرئيس نميرى نفسه بإذعانها في نشرة الأخبار الرئيسية ومكابر من يرى إن ذلك كان إجراء خاطئا أو مستهدفا من تمت مصادرتهم حيث إن هذه الممارسات هي الأشد خطرا على الاقتصاد السوداني أن يكون تحت قبضة من يعملون لتامين أوضاعه خارج السودان وبهذا الشكل اللافت وتحت هذه الممارسات انتقلت ملكية الأكثرية من عقارات اليهود وممتلكاتهم والتي انتقلت لملاك سودانيين هم اللذين سهلوا لهم هذه المهام واستفادوا منها وأي مراجعة لكيفية انتقال ملكية عقاراتهم وممتلكاتهم ستؤكد هذه الحقيقة.

ولكن وللحقيقة والتاريخ فان القائمة الثالثة والتي شكلت اكبر سلبيات المصادرة فان لها قصة أتناولها في الحلقة الأخير وكونوا معي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..