لماذا ترهن الدول العربية والإسلامية مستقبلها لأمريكا التي تعمل لتمزيقها حلقة(1)

هناك قضايا تستوجب النظر بشفافية تامة دون التعامل معها بمعايير الصراعات السياسية لكونها قضايا بالغة الخطورة والخاسر في نهايتها شئنا أم أبينا بشكل عام الأمة العربية والإسلامية وبشكل خاص كل الدول العربية والإسلامية حيث إن كل منها بلا استثناء خاسرة في نهاية الأمر طالما إنها بلا استثناء تحكمها الصراعات من اجل السلطة وبوسائل غاير مشروعة دون مراعاة للمصلحة العامة يؤكد هذا الواقع الذي تعيشه أغلبية الدول العربية والإسلامية.
فأغلبية هذه الدول تعيش حالة من عدم الاستقرار والفتنة والاقتتال من اجل السلطة إنفاذا لمخطط يستهدف تفتيتها ولقد دفعني لتناول هذا الموضوع المقال الذي نشر بهذه الصحيفة عدد الأمس بقلم الأستاذة هيفاء زنكبة تحت عنوان(من هو الساع لتقسيم العراق) والذي أشارت فيه ل(مشروع قرار لجنة الكونجرس الأمريكي بتمرير قانون المساعدات الأمريكية للعراق بشروط) حددت فيها كيفية تقسيمه بين المجموعات المتحاربة.
ولو إن إحصائيات متجردة رصدت حجم خسائر هذه الفتنة بشريا واقتصاديا واجتماعيا لتأكد بلا شك إنها الأسوأ على مستوى العالم مع إنها الدول الأكثر امتلاكا للمقومات التي تجعل منها الأكثر رفاهية وسلاما لما تتمتع به من إمكانات اقتصاديات ومقومات تتوافق فيها القيم الأخلاقية التي أرستها الرسالة المحمدية والطبيعة العربية قبل إن تصبح شيع وأحزاب ومنظمات إرهابية تقتتل من اجل السلطة.
والمؤسف إن الإمكانات الاقتصادية أصبحت نفسها من اكبر الدوافع للاقتتال طمعا في الاستئثار بها على حساب الآخرين حتى أصبحت نفسها من عوامل عدم الاستقرار فيها لتصبح نفسها مصدرا للفتنة وإلا فانظروا حجم الاقتتال والفتن في العراق وليبيا واليمن وسوريا والسودان ومصر (والبقية في الطريق).
ولعل المردود الخطير من هذا الواقع المؤسف إن أطراف الصراعات كلها وطمعا في تحقيق وجودها في السلطة تتسابق جميعها بلا استثناء لإرضاء أمريكا التي تستهدف تمزيقها فتسعى كلها لاستقطاب دعمها وتقديم التنازلات لها مع إن أمريكا هي صاحبة المصلحة في هذه الصراعات واكبرا لمخططين للاقتتال في كل هذه الدول لأنها تخطط بكل قواها دون مواراة لتفتيت هذه الدول والحيلولة دون أن تتوافق بينها سوا مجتمعة أو متفرقة منعا لاستقرارها لمبررات اقتصادية وسياسية ودينية فأمريكا تعمل مبدأ ألا يشهد العالم معسكرا قويا موازيا أو على الأقل مقللا من جبروتها وسيادتها على العالم وبالطيع فان الدول العربية والإسلامية من المهددات الرئيسة لمستقبل النفوذ الأمريكي الطاغي على العالم لو إن هذه الدول توحدت وفجرت قدراتها الاقتصادية.
فكيف يمكن لنا إذن أن نفهم إن كل مصادر الصراع والفتنة في الدول العربية والإسلامية حكاما ومعارضين يعتمدون على الدعم الأمريكي من يريد أن يبقى حاكما ومن يريد إن يصل الحكم بالرغم من نوايا أمريكا العدوانية التي جاهرت بها أمريكا أكثر من مرة عبر ربع القرن الأخير إلا إن هذه القوى التي تمزق حاليا الأمة العربية والإسلامية بصراعاتها غضت الطرف عن كل ما تكشف عن نوايا أمريكا وأصبحت بذلك أداوت طوع يدها لتحقيق مخططها بتفتيت وتمزيق هذه الدول بالدعم المباشر وغير المباشر و تساعدها بكل أسف أطراف الصراع المتنازعة كلها بلا فرز لتنفيذ مخططها.
فكل أطراف الصراعات تجاهلت عمدا ما كشفت عنه النوايا الأمريكية حتى لا تصبح أمريكا دعما لخصومها مؤثرة مصالحها الخاصة.
ولقد شهدنا في السودان تسابق التجمع المعارض والسلطة الحاكمة لتقديم فروض الولاء والطاعة لأمريكا لتصبح كلها أدوات لخدمة المخطط الأمريكي وذلك أما للحفاظ على السلطة او استردادها وليصبح السودان وغيره من الدول الغربية مرهون لأمريكا.
دعوني أعود بكم لجولة هامة في مطلع التسعينات وأنا وجود في القاهرة حيث مركز التجمع الوطني المعارض .يومها نشرت صحيفة الوفد والعالم اليوم خبرا عن رجل استخبارات ألماني أفاد في تقرير له عند بلوغه المعاش أشار إلى إن أمريكا ودول غرب أوروبا ستبذل كل جهدها وقواها لتمزيق دول عربية بعينها أسمى منها العراق والسودان ومصر وليبيا واليمن وسوريا (وهى جميعها تعانى اليوم فتنة التمزق والتقسيم) وعلل ذلك بان هذه الدول تتمتع بقدرات اقتصادية هائلة لو أنها توحدت في كتلة اقتصادية ستكون خصما على الوحدة الاقتصادية الأوروبية التي تعتمد عليها كأسواق لمنتجاتها ومصادر للخام واستيراد الخبرات وسوقا للسلاح لان دول أوروبا حسب ما ورد في تقريره لا تمتلك الإمكانات حتى تعتمد على قدراتها الذاتية لو توحدت هذه الدول اقتصاديا وفجرت قدراتها الأمر الذي يكون خصما على اقتصادها.
ولم يمض أكثر من عام من نشر هذا التقرير حتى تداولت صحف الوفد والعالم اليوم خبرا يقول إن لجنة الشئون الإفريقية في الكونجرس الأمريكي ( لاحظوا إنها نفس اللجنة التي أشارت لها كاتبة المقال عن العراق) أصدرت قرارا في الثاني من فبراير92 يقضى بان تعمل الحكومة الأمريكية على تحرير السودان من الاستعمار العربي ( ولكم كان 0خبيثا) أن يتحدث القرار عن الاستعمار العربي وليس الإسلامي حتى يصبح المسلمون غير العرب ضمن القوى التي تعمل لتحرير السودان من العرب رغم إسلاميتهم وهذا ما يحدث الآن لأنها تعلم إن إمكانية الفتنة بسبب العنصرية ينفذ مخططها أكثر من أن تتحدث عن الإسلامية.
وكونوا معي لتروا ما تبع هذه القرارات من تطورات وقرارات ومواقف كلها صبحت لصالح إنجاح المخطط الأمريكي في الدول العربية المعنية.