مقالات سياسية

حكومة (لشنو)؟

لا شك أن توفر الاحتياجات الأساسية للحياة من مأكل ومشرب ومسكن هي التي تساعد على استقرار الإنسان وتمنحه الإحساس بالأمان والسلام، وغيابها يشكل أزمة حقيقية تنقص عليه حياته وتحرمه من التمتع بها وتقوده إلى المهالك، وأي دولة في العالم أرادت التقدم لنفسها توفر هذه الأشياء لمواطنها أولاً بأول وتمنحه الحق في الحياة الكريمة، بل وتزيد عليها احتياجات أخرى لتمنحه الرفاهية.
السودان بلد النيلين وسلة غذاء العالم كل عام يمر المواطن فيه بأزمات في كل الاحتياجات مع أنه يملك كل مقومات الحل، وكلما خرج من أزمة وقع في الأخرى وحين تكتمل دورتها تعود نفس الأزمات لتبدأ مرة أخرى من جديد بسبب الحلول المؤقتة، وهي أزمات بسيطة قليل من الوفاء للمواطن من قبل الحكومة يمكن أن يحلها جذرياً، وقد تمكنت كل دول العالم من تجاوز هذه الأزمات وأصبحت تنشغل بما يجعلها قوى عظمى تساهم في حكم العالم، أما الحكومة السودانية فما زالت تبرر لأزمة الغاز والكهرباء والمياه والدقيق والصحة والتعليم والنفايات والصرف الصحي وغيرها من أزمات بدائية، أكثر من ربع قرن وهي تدور في هذه الحلقة.
هذه الأزمات البدائية تأخذ من المواطن الكثير من الجهد والزمن وتعوق حركته، ولو تعلم الحكومة مدى الأذى الذي يقع عليه لما ظلت حتى الآن تستعين بالحلول المؤقتة لتكرر هذه الأزمات نفسها، ولكن يبدو أنها لا تشعر وقد اعتبرت هذا الشعب عابر سبيل لن يقيم معها طويلاً ولا خيار لديها سوى أن يختار هو بين هذه الحياة أو الرحيل وأبوابها مشرعة له بكل الطرق حتى الموت.
منذ أيام والبلاد تشهد أزمة في غاز الطهي بعد خروجها مؤقتاً من أزمة المياه والكهرباء، وأزمة الغاز من أصعب الأزمات التي تواجه المواطن لارتباطها بصناعة الطعام، ولا يوجد حل بديل إلا الفحم، وقد أصبح هو نفسه أغلى من الغاز عشرات المرات، وهذه الأزمة ليست الأولى فكل سنة تتكرر ولن تكون الأخيرة، بررت لها الحكومة بوجود صيانة في مصفاة الجيلي، السؤال الذي يطرح نفسه هنا، ألا تعلم الحكومة أن المصفاة تحتاج إلى صيانة ؟ وبما أنها قامت بصيانتها مرات ومرات من قبل وحدثت نفس المشكلة لماذا لم تتحسب للأمر وتجد حلاً قبل أن تبدأ الصيانة هذا العام ؟ ليس هناك سبب بلا شك سوى أنها لا تحترم هذا المواطن.
الحكومة تعوَّدت على عدم الاهتمام بمشاكل المواطن وحين وجدت أن كل تلك الأزمات لا تحرك فيه ساكناً سوى الشكوى التي تصلها عبر الصحف ولأنها هي أصلاً لا تهتم بما تقول الصحف فهي ماضية في طريقها ولن تجد حل جذري لأي مشكلة لذلك ستستمر الأزمات .
الحكومات مهمتها الأساسية خدمة المواطن وإدارة شؤون الدولة بما يحفظ له حقه في الحياة الكريمة ليعيش مكرماً معززاً، كل الحكومات في العالم تفهم هذا وتمضي جاهدة في هذا الاتجاه ولذلك ليس هناك دولة في العالم الآن ما زال مواطنيها يعانون من مثل هذه الأزمات البدائية إلا حكومتنا ما زالت تحرم المواطن حتى من حقه في الحياة، الحق الذي أقرته كل الشرائع والقوانين والأخلاق، إذا هي حكومة (لشنو )؟ .

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..