درس الجماهير الاتحادية والختمية

حاضرت جماهير السودانيين في ملحمة تجاهلها لمهزلة التمديد لعمر البشير العالم والقوى والقيادات المحلية محاضرات قيمة ورصينة تستحق أن تدرس ضمن علوم السياسة والاجتماع واللاعنف والثورة . ومن بين تلك المحاضرات كان الدرس الذي لقنته الجماهير الختمية والاتحادية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. وهو درس قمين ـ لعمرك أيها القارئ العزيز ـ لو صادف تلاميذ نجباء ضمن الفاعلين والناشطين السودانيين أن يدفع عجلة التغيير السوداني المنشود دفعة قوية للأمام.
وما يجعلنا نوجه هذه التحية الواجبة وهذا التقدير المستحق [بصفة خاصة] للجماهير الاتحادية و[بصفة أشد خصوصية] لجماهير الطريقة الختمية هو مفاجأتها ـ غير السارة بالطبع ـ للقائمين على أمر مهزلة التمديد المسمى زورا وبهتانا “انتخابات رئاسية وبرلمانية” وعدم توافدها على مراكز الاقتراع المزعوم رغم إعلان زعيم الحزب وراعي الطريقة تأييده ـ مدفوع القيمة مقدما ـ للتمديد لمطلوب العدالة الجنائية الدولية. هذه المفاجأة الصدمة لها أكثر من قراءة وأكثر من دلالة للذين يرفضون دفن رؤوس التساؤل المشروع في رمال الطمأنينة الخادعة أن كل شيء باق على ما كان عليه في السابق وهيهات.
صحيح أن تجاهل عموم الجماهير ومقاطعتها لهذه المهزلة هو الحدث الأهم والأبرز إلا أن مقاطعة الختمية والاتحاديين تكتسب نكهتها الخاصة في ظل إلقاء الزعامة التقليدية للطريقة والحزب كامل ثقلها وراء إنفاذ هذه المهزلة. وفي ظل الفرضية الخاطئة التي كانت تعشعش على أذهان كثيرين بمن فيهم قادة التغيير وركائزه من فاعلين سياسيين ومدنيين والتي مفادها أن مفتاح الجماهير لا زال متمثلا في القيادات والزعامات التقليدية. لقد حطمت الجماهير في مناسبات سابقة عديدة سياج اليقين المتين الذي كان مضروبا على هذه الفرضية الوهم لتجيء هذه الصدمة الاتحادية الختمية وتدكها ألبتة وتجعلها قاعا صفصفا.
لكيلا يصح ـ في خاتمة المطاف ـ إلا ما كان أقرب رحما للواقع والانسانية والعدل والجدوى والمنطق : أن الخلاص الذي تصنعه جماهير شعبنا الصابرة بعد كل هذه المعاناة التي فاقت كل حدود التصور والخيال والاحتمال لا ولن ولا ينبغي له أن يتم برميها مجددا في خلط أوراق الولاء الديني بالمصالح السياسية العامة والحقيقية والمباشرة وأن علاقة القائد والزعيم الروحي بجماهيره لن تؤثرمن الآن فصاعدا في اتخاذها الموقف الوطني والسياسي الذي يستلهم جراحها هي ويستهدف مطالبها هي.
يتعين علينا أن لا نغض الطرف عن هذا الدرس المجاني ـ ويح؛ بل ويل من لا يزال يتخيل أن هذه الجماهير تفعل وتدع وتصنع وتترك بلا مقابل تتدشره من أعماق أعماق روحها وكيانها ، وأعنى أنه جاء الذين يزعمون أنهم رواد تغيير سياسي دون أن يوجفوا عليه خيلا ولا ركابا ـ من لدن الجماهير الاتحادية والختمية . وأن لا نبني استراتيجيات التغيير السوداني ، إن كان هناك ثمة هكذا استراتيجيات أصلا، بمعزل عما ينفحنا به من قراءات ودلالات ومعان.
السودانيون يقفون الآن بتوءدة ورسوخ عند عتبة في الفعل اللاعنفي اسمها (عدم التعاون) والاتحاديون والختمية توهطوا في هذه العتبة بمعنيين قويين مطلوبين وضروريين ولا يمكن لأي جهة أن توقف هذا التطور السوداني أو تبعِّضه تحت أي مبررات والله من وراء القصد وهو الهادي سواء السبيل
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. نعم وقفت هذه الجماهير وستقف مع الثورة القادمة، فهل يلتفت المهرولون ويلقوا بنظرة الوداع الاخيرة على تلك الجماهير الاصيلةالتي فارقت خطهم المعوج ؟ام انهم مشغولون بالغنائم والهبات؟

  2. نعم وقفت هذه الجماهير وستقف مع الثورة القادمة، فهل يلتفت المهرولون ويلقوا بنظرة الوداع الاخيرة على تلك الجماهير الاصيلةالتي فارقت خطهم المعوج ؟ام انهم مشغولون بالغنائم والهبات؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..