الفجيعة القادمة …. إهتمام بالتشكيل الوزاري وإهمال لقضايا السلام

? ما يؤسف له ان كل الوسائط الإعلامية بما فيها الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي ودوائر الاحزاب ? وقد اصبحت كلها احزاب فكة بإختيارها هي ? تنشغل بمسألة التشكيل الوزاري القادم والسعي وراء رفع نسب المحاصصة وكأن كل الشعب السوداني ( فرحان ومبسوط 24 قيراط ) لما يحدث من حراك رتيب في هذا الشأن.
? وحتي الحزب الحاكم باتت الموازنات بداخله هي الشغل الشاغل لقياداته العليا والوسيطة ، وبمقدار أقل الكوادر التحتية .
? ولكن … وحتي اللحظة لم نشاهد أو نقرأ جهودا بحثية تتحدث عن القضايا التي تفتت من عظم الوطن ، وتباعد بينه وبين التآكل المتمدد في كل صباح لأطرافه من كافة الاتجاهات الجغرافية ، حتي باتت حركة الشد والتسلح هي من سمات جهات السودان الجغرافية العديدة التي يزداد الامر فيها إلتهابا في كل مرة .
? ولا شك اننا قد ظللنا نعيش انباء انتصار قواتنا المسلحة بشقيها ? الجيش والدعم السريع ? علي جيوش الحركات المسلحة ، ثم تاتي الاخبار تارة اخري تؤكد احتلال جيوش الحركات علي مدن وقري محددة ، ليبدأ مسلسل التحشيد لدحرها ، فتنسحب من مواقعها التي احتلتها ، ونحتفل في أجهزتنا الاعلامية بتحرير تلك المناطق ، والأمثلة في ذلك عديدة خلال الخمس سنوات الماضية فقط .
? وبالطبع لا احد ينسي مسلسل الحرب القديمة في الجنوب حين كان يحتل الجيش الشعبي مدنا معينة في الجنوب ، ثم بعد تحشيد شديد ومكلف في الارواح والعتاد والاقتصاد تأتي الانباء بتحرير جيشنا للكرمك وقيسان التي اصبحت هي الاخري ملطشة طوال العهود الماضية ، وتحرير توريت وكبويتا والناصر وميوم … إلخ .
? وتكون النتيجة دائما خسائر في الارواح والانفس والثمرات لتزداد أعداد البيوتات التي تبكي وتنوح لفقد ابنائها من الطرفين وبلا مبررات للحرب اللعينة.
? ولكن حين اتي السلام في نايفاشا في 2005م وبرغم إستحقاقاته المكلفة سواء في الشمال او الجنوب فإن أزهار السلام وأعلامه ظلت ترفرف في الجنوب والشمال معاً منذ توقف اطلاق النار في العام 2003م وحتي اللحظة ، برغم أن دولة الجنوب لم تستفد من فرصة السلام ومن قيام دولة جديدة كانت حلماً ، وكان هو خيار شعبها بالإجماع ، ليذبحون انفسهم ذبح الضأن بعد عامين فقط من تأسيس الدولة ، ويتمنون الآن لو لم يتخذوا خيار الانفصال من الشمال .
? ومن هنا يتضح أهمية البحث وراء السلام حتي يتحقق في مناطقنا الثلاثة في دافور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ، إذ انه قد بات في حكم المؤكد وبالتجربة والأدلة القاطعة أنه مهما كان خيار الوصول الي سلام قوي ومتين ومرهق ومكلف إلا أنه يحقق غايات كبري تتضاءل دونها تلك الخسائر اليومية.
? وصحيح أن دولا كبري ترمي الي التباعد عن الجلوس للاتفاق إلا وفق شروط عصية التحقق للطرفين ( الحكومة والحركات ) المتمثلة في الجبهة الثورية إلا أن مجرد الجلوس والتجرد للوصول الي سلام ليس عصيا للتحقق إن وجدت الارادة من الطرفين ( المؤتمر الوطني والحركات ) .
? ولكن ماذا نفعل ونحن نري القوم ، كل القوم بالساحة الفاعلة الآن بدءا من حزبها الحاكم وحتي احزاب الفكة الهزيلة التي تفتقد الي الجماهير المليونية ، لا تضع قضايا الحرب والسلام في مخيلتها ، فلم تتقدم اي منظومة حزبية مشاركة ببحث وجهد وطني لتحقيق السلام في الاطراف الملتهبة ، ظانين ان امن واستقرار السودان ينحصر فقط في تشكيل وزاري باهت المحتوي بالخرطوم .
? فهل ياتري رأي هؤلاء الناس ان الانتخابات السابقة وحسب وقائع الارقام لم يشترك فيها إلا 46% من المسجلين ؟ برغم أن هناك ملايين اخري لم تتسجل اصلا في تحديث السجل الانتخابي. وبالتالي يجب إمعان النظر في المخاطر التي ربما تأتي من هذه الاغلبية الصامتة ، وألا نعتمد علي القوي الضاغطة التيتعمل لوقف وكبت جماح تلك الملايين إن هي رأت ذات يوم أن الامور يجب أن تستقيم لتنجو البلاد من مخاطر قادمة جمة تعمل من اجلها القوي الدولية وبكل هدوء ، وتلك الدول الكبري هي اصلا غير مستعجلة في تدوير الحروب الاهلية بالعالم الثالث لأنها تبطخها علي نار هادئة حتي تنضج لتتفجر فجأة .
? فقد رأينا الآن كيف نضجت الطبخات حيث اندلعت الحروب الاهلية الداخلية فجأة داخل العرق وسوريا وليبيا واليمن منذ عدة سنوات ، وكيف كان الإعداد والتسليح والتدريب يتم لها في سرية تامة ، حيث ظهرت فجأة قدرات داعش والقاعدة وفجر ليبيا والحوثيين وغيرهم ، وهي قدرات لم تتم بين يوم وليلة … فما المانع في أن تدخل بلادنا في مثل هذه الانفاق التي تفتك بهاذ البلد الجميل المتسامح ونحن لازلنا منذ 25 سنة ننشغل بالتشكيل الوزراي والمحاصصة الارضائية والجهوية .
? إذن …. وكما قلنا من قبل ، فإن جهود المحاصصة والسعي لتقسيم كيكة السلطة لم تعد هي المسرحية المحببة لجماهير الشعب السوداني … بل هي لهاث حول إمتيازات الإستوزار ولتعميد ( من معتممديات ) … والفنظزة والظهور الاجتماعي بكل اشكاله القبيحة التي كرهها شعبنا تماماً … فهل ننتبه ام يتواصل مسلسل الغباء والتخلف السياسي إلي ان تقع الفاس في الرأس ، ولات حين مناص؟؟؟
[email][email protected][/email]