بيان الحزب الشيوعي أدخلني القيادة العامة وافقدني بعثتي للتحضير للدكتوراه خلقة مايو(3)

خلصت في الحلقة السابقة إلى أن حدثين ارتبطا بانقلاب مايو 69 وكان لهما علاقة مباشرة بالانقلاب واحد منهما كان السبب والدافع لتنظيم الانقلاب والثاني كان السبب في كتابة نهايته الأول والأسبق هو ثورة أكتوبر التي أطاحت بانقلاب نوفمبر 58والتى كانت السبب في انقسام الحزب الشيوعي لكتلتين متناحرتين انتهيا بان أوصلا الحزب لطريق مسدود يستحيل فيه الجمع بين جناح سكرتير الحزب الشهيد عبدالخالق محجوب والذي تقف خلفه الأغلبية العظمى من قاعدة الحزب ممثلة في لجان فروعه والثاني جناح مجموعة أعضاء الحزب اللذين شكلوا جبهة الهيئات التي كانت قابضة على السلطة واللذين تمردوا على الحزب ورفضوه كمرجعية للحكم مع إنهم حملوا الحزب مسئولية إخفاقهم أما الحدث الثاني تمثل في قرار حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان والذي كان من اكبر مفاجأة ته أن طردهم لم يقف على الطائفية والمنظمات الإسلامية وإنما تورط فيه الشهيد الأزهري زعيم الحزب الاتحادي الأمر الذي دفع بمجموعة من شباب الضباط في القوات المسلحة غبر المنتمين لأي حزب سياسي لتنظيم انقلاب عسكري كردة فعل لمن حسبوا أنفسهم لعبوا دورا في عودة الديمقراطية التي ماتت وكان بينهم من المدنيين رئيس القضاء بابكر عوض الله الذي كان له دور كبير بجانب مولانا عبد المجيد إمام في إنجاح الثورة.

لهذا فان الحدث الثاني كان السبب في الانقلاب وأما الحدث الأول كان السبب في فشله و نهايته وما شهده من تناقضات ومفارقات. يهمني هنا أن أورد معلومة هامة حيث إن الصدفة البحتة والظروف حملتني لان اعرف ما تخطط له مجموعة من الضباط حيث كان من بينهم ابن عمى وصديقي الرائد زين العابدين محمد احمد حيث كانت تجمعنا صداقة أكثر من صلة القرابة حيث إنني في ليلة كنا سويا في منزله بحي الملازمين وكنت وقتها عائد من لقاء جمعني مع رحمة الله عليه محمد إبراهيم نقد ومحمد احمد سليمان بناء على طلبهم وذلك في النصف الثاني من الستينات مع نهاية 66 ومطلع 67 حيث أخطراني باختياري ضمن مجموعة من الرفاق لتكوين أول جهاز امن في الحزب وكنت أتهيب كلمة الأمن لهذا كنت شارد الذهن مما لفت نظر زين العابدين فسألني ما بى فصارحته بما احمله من سر .

وكانت المفاجأة هنا عندما قال لي ما دمت أطلعتني على هذا الأمر فانا نفسي عائد من اجتماع مع مجموعة من زملائي في سلاح المظلات وآخرين حيث قررنا تنظيم انقلاب عسكري لتصحيح الأوضاع في السودان بعد انهيار الديمقراطية بطرد نواب الحزب الشيوعي لأجد نفسي وقتها احمل أيضا سر الانقلاب ولكنه لم يكشف لي عن شركائه باستثناء الرائد ابوالقاسم محمد إبراهيم الذي يجمعني به ارتباط أسرى وصداقة لأصبح من يومها متابع لهما حيث كانا يأخذا سيارتي الرنو لصغر حجمها عندما يذهبان للاجتماعات حيث يسهل إخفائها تحت الشجر ولعل من أطرف وأحرج المواقف أن الشهيد عبدالخالق ومعه زميلي وقريبي رحمة الله عليهم مصطفى احمد الشيخ رئيس اتحاد الشباب السابق إن طلبا منى العربة الرنو لصغر حجمها لأنهما بصدد عقد اجتماع مع مجموعة من تنظيم الضباط الأحرار خاص بحثهم على مراقبة الأوضاع العسكرية لمنع أي انقلاب فدهشت ولم أشاء أن ارفض حتى اكشف السبب ولكنى أصبحت في موقف غريب والعربة يستغلها نقيضان من يعمل لانقلاب ومن يرفض إلا أن ربك ستر ولم ينكشف الأمر وظللت لفترة ليست قصيرة أتابع اجتماعات مجموع الانقلاب من خلال العربة الرنو ولكن لم يحدث أن حدثني زين العابدين عن ساعة الصفر أو المجموعة المشاركة لهذا وفى الخامس والعشرين من مايو لما انطلقت عبر الإذاعة المارشات العسكرية إيذانا كالعادة بان هناك انقلاب عسكري ووقتها ولم أكن ادري إن كانوا هم مجموعة زين العابدين أم مجموعة أخرى إلا إني فور سماع المارشات العسكرية اندفعت بسرعة لصديقي الشريف زين العابدين الهندي

ووجدت لحظتها معه رحمة الله عليهم حسن حامد مهدي وعبدالوهاب الشيخ وكانوا ثلاثتهم نواب في البرلمان عن الحزب الاتحادي الديمقراطي إلا إن مخاوفهم لحظتها انصبت في أن السيد الصادق المهدي والذي بلغت الخلافات بينه والشريف حسين مرحلة حادة لهذا كانوا تحت الاعتقاد بان الصادق هو منظم الانقلاب وقرروا الإسراع للشريف حسين في استراحة الجزيرة لتهريبه قبل أن يقع تحت قبضة الصادق ولكنى لاحظت ونحن في الطريق لاستراحة الجزيرة بعض ضباط وجنود المظلات في الطرق فتشككت في أن تكون هذه هي المجموعة ولكنى لم انقل شكوكي للشريف خوفا من أن أفشى بالحركة إذا لم تكن هي مجموعتهم ولما بلغنا الاستراحة تكشف لنا أن هناك من سبقنا وهرب الشريف حسين وحسبناه الشاعر إسماعيل حسن إلا انه لم يكن هو ولما صدر بيان الانقلاب اتضح انه انقلاب المجموعة التي تضم زين العابدين حتى أن الشريف داعبني قائلا( اهو طلعوا جماعتكم ودربك ودربنا بقى ما واحد) وكان ذلك البيان انقلاب مايو 1969م.

وفى ذات اليوم صدر بيان من الحزب الشيوعي مجموعة عبد الخالق لم يخلو من التحفظات حول انه انقلاب قوى برجوازية وليس طبقة عاملة استولت على السلطة وهو البيان الذي فجر ثورة من الغضب في قادة الانقلاب لهذا اتصل بى الرائد ابو القاسم هاشم وهو قريب وصديق ويعلم حجم علاقتي بالشهيد عبد الخالق وطلب منى الحضور للقيادة فورا وأسرعت لهناك حيث حدثني صراحة عن الأزمة التي فجرها البيان وكيف انه هدأ المجموعة من أي خطوة انفعالية فأسرعت بالفعل لعبد الخالق لأوضح له خطورة الموقف ورد الفعل وللأمانة كان هناك بعض قادة الحزب قد راجعوا عبدالخالق حول البيان لهذا سارع عبد الخالق لإعلان بيان ثاني شرح فيه ما عناه بالبيان والبرجوازية الصغيرة وانه ليس تقليلا من الحدث وبهذا هدأت الأحوال.

وما لم أتوقعه أو يخطر ببالي فلقد كان مقررا أن أسافر يوم 27 مايو لبراغ في بعثة ثلاثة سنوات مع زميلي الدكتور على الطيب لأحضر للدكتوراه في الاقتصاد مبعوثا من وزارة التجارة إلا إنني فوجئت بقرار الحزب حيث أبلغني عبد الخالق بعدم سفري للبعثة لحاجة الحزب لي لأكون مركز الصلة بينهم ومجلس الثورة وهكذا ضاعت فرصة البعثة ووجدت نفسي مرابطاً في القيادة وطرفا في الكثير من الأحداث.
وكونوا معي

تعليق واحد

  1. 1.【يهمني هنا أن أورد معلومة هامة حيث إن الصدفة البحتة والظروف حملتني لان اعرف ما تخطط له مجموعة من الضباط حيث كان من بينهم ابن عمى وصديقي الرائد زين العابدين محمد احمد حيث كانت تجمعنا صداقة أكثر من صلة القرابة حيث إنني في ليلة كنا سويا في منزله بحي الملازمين وكنت وقتها عائد من لقاء جمعني مع رحمة الله عليه محمد إبراهيم نقد ومحمد احمد سليمان بناء على طلبهم وذلك في النصف الثاني من الستينات مع نهاية 66 ومطلع 67 حيث أخطراني باختياري ضمن مجموعة من الرفاق لتكوين أول جهاز امن في الحزب وكنت أتهيب كلمة الأمن لهذا كنت شارد الذهن مما لفت نظر زين العابدين فسألني ما بى فصارحته بما احمله من سر .】

    لماذا فعلت ذلك؟ ام قال لك نقد “لا باس ان تطلع بني عشيرتك علي مضمون هذا التفويض”؟ اين ذهبت منك حينها الحرفية الحزبية؟

    2.【وكانت المفاجأة هنا عندما قال لي ما دمت أطلعتني على هذا الأمر فانا نفسي عائد من اجتماع مع مجموعة من زملائي في سلاح المظلات وآخرين حيث قررنا تنظيم انقلاب عسكري لتصحيح الأوضاع في السودان بعد انهيار الديمقراطية بطرد نواب الحزب الشيوعي لأجد نفسي وقتها احمل أيضا سر الانقلاب】

    لماذا فعل زين العابدين ذلك؟ ام قال له مجلس قيادة الانقلاب المزمع “لا باس ان تطلع بني عشيرتك علي مضمون هذا المخطط”؟ اين ذهبت منه حينها الحرفية العسكرية والتنظيمية؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..