عبدالرحمن عبدالرحيم الوسيلة المفكر الماركسي المثقف العضوي (2)

ولقد انجز عبدالرحمن الوسيلة ترجمات عديدة لروائع الادب: شيكسبير وارغون ولوركا ونيرودا …الخ. كان “الوسيلة” مغرماً بالشعر ويحفظ ابياتاً طويلة من دانتي واخيلوس وشيكسبير عن ظهر قلب. كان اعجابه بشيكسبير لاحد له مثلما برع في اعجابه بالشعر العربي: اشعار المتنبي والبحتري وابوتمام وابوالعلاء المعري والجواهري وشوقي والعقاد وغيرهم. وفي سجن كوبر علي ايام قضية الشيوعية الكبري اتقن الوسيلة تعلم اللغة الروسية فقرأ اعمال ليف تولوستوي واليكسي تولوستوي وجوجل وبوشكن وشيخوف وليرمانتوف ومايكوفيسكي، ولقد زاد اعجابه بـ “بلزاك” الذي كان يري فيه محللاً اجتماعياً كبيراً. كان “الوسيلة”كثير القراءة دائماً، وكلما اتقن المعرفة للغه جديدة كلما زاد شغفه في تعلم المزيد من اللغات. حق “الوسيلة”شعبية جارفة خاصة حين تولي المسئولية سكيرتيراً عاماً للجبهة المعادية للاستعمار (كان قاسم امين رئيساً لها)، كان “الوسيلة” خطيباً شعبياً ممتازاً، تتملكه كراهية حقيقية للظلم واحساساً مشتعلاً برسالته لاثارة الجماهير ودفعها الي عمل بطولي يحررهم من كل قيد. كان له سحر شخصي علي الناس وكان مفكراً ذا اصالة ومستوعباً بسهولة لوجهات نظر الاخرين، بيد انه كان معلماً ملهماً للجماهير، اعتنق النظرية الماركسية لما فيها من الدقة والوضوح فيما تعرض به اسائلتها، وفي صرامة المنهج الذي تتبعه في البحث عن الحلول، فضلاً عما ينطوي عليه ذلك المنهج المزيج من العناية والتفصيل والقدرة علي التعميم الشامل علي نطاق واسع للنظر في قضايا الانسان. لقد كانت اهميتها ? في نظره ? انها ستظل تخلق اتجاهاً جديدة بالكلية في تناول المسائل الاجتماعية والتاريخية، ومن ثم انها فتحت افاقاً جديدة للمعرفة البشرية، ستظل قائمة لاتشوبها شائبة. فالدراسة العملية للعلاقات الاقتصادية وتاثيرها علي النواحي الاخري علي حياة الجماعات والافراد قد بدأت عندما بدئ بتطبيق قواعد (ماركس) في التفسير. يقول (ماركس) نفسه في نبذة بليغة:”لا يكفي ان يتمني المرء انهيار الاوضاع التي تكبل حياة الناس، بل عليه ان يعرف القوانين التي وجدت هذه الاوضاع علي اساسها ليعرف كيف يتصرف داخل نطاق هذه الاسباب، حيث ان التصرف ضدها سواء ان كان عن عمد ام عن غير عمد، دون ادراك لاسبابها وطابعها يكون تصرفاً انتحارياً ويؤدي بها علي ما يترتب عليه من فوضي الي هزيمة الطبقة الثورية وقتل روحها المعنوية، ومن ثم يؤدي الي اطالة امد الشقاء الحالي”.