هزيمة الرجل الأبيض العنصري!

في الشهور الأولى من إقامتي القسرية بهولندا، حصلت على غرفة صغيرة جميلة في حي فيلاب الملاصق لمدينة آرنهيم في محافظة خيلدارلاند الهولندية. كان ذلك أول منزل لي في دنياي الجديدة حيث من المتوقع ان أستأنف حياة جديدة شديدة الإختلاف عما مضي إذ كنت أعيش في جزيرة أم أرضة شمال جبل أولياء من السودان. وهو بالضبط ما حدث في مقبل الأيام!. حصلت على الغرفة المعنية عبر شاب سمسار أصله من جزر الأنتيل في البحر الكاريبي. بعد أن وقعت العقد أخبرني الشاب الكاريبي من باب التعاطف اللوني والإنساني بمشكلة صغيرة قد تواجهني من أحد الجيران الملاصقين لمحل سكنتي الجديدة: “رجل أبيض عنصري يكره الأجانب والمهاجرين ويتحين كل الفرص لتوريطهم في المشاكل”.

ثلاثة مستأجرين أجانب من المغرب وتركيا وسورينام هربوا من تلك الغرفة الملعونة كما علمت في المستقبل. أي خطأ ولو صغير يتصل الرجل بالشرطة من قبيل أصوات ما ولو همس أو موسيقى ولو “هيدفون” عال السمت، فكثيراً ما يختلق المشاكل من العدم ولا تغلبه حيلة في ذلك ويفعل المزيد.

لم يكن لدي خيار آخر كما أن غرفتي الجديدة نظيفة، جميلة وتطل على مشاهد طبيعية رائعة وتقع بالقرب من السوق الرئيس ومحطة القطار وكلفة إيجارها معقولة. كان علي أن أتعامل مع الرجل العنصري المزعج منتهى الإزعاج، إنه مخيف!. فكرت وقدرت وطرقت باب داره في عملية شديدة الجرأة، ذهبت إلى عش الدبابير مباشرة وفي خاطري دخان ونار!. عندما فتح الرجل العنصري الباب صدم بشدة أمام حشرة سوداء كبيرة وافدة من عالم بعيد وغريب ومؤذ جدأً تقف أمامه وجهاً لوجه!. كان ينظر ناحيتي في صمته الظاهري في منتهى الذهول والإشمئزاز.

لم أعطه أي فرصة للحديث حتى أكملت ما نويت في نفسي إخباره به في خطة خادعة وشديدة البأس: “أنا جارك الجديد، أحببت أن أعرفك على نفسي كي تكون على بينة من أمرك، مستخدم وتاجر مخدرات سابق، حاصل على الحزام الأسود في الكارتيه، أهوى الرقص على موسيقى الريقي ولعبة كرة القدم. خرجت من السجن للتو بعد سبع سنوات جراء محاولة قتلي لزميلي في المهنة، لقد خانني، أنا لست شريراً لكنه هو إنسان خائن وحقير، لسوء الحظ لم يمت لكنه أصيب بشلل نصفي وعماء كلي”. عند تلك اللحظة وحدها تمتم الرجل: “و، و، و سجنوك سبع سنوات فقط؟”. فأجبته: “نعم، هي عقوبة مخففة نسبة لأنني بعد الشر عليك يا صديقي مختل العقل بعض الشيء”.

أصيب الرجل بالذعر وكانت حدقات عينيه تتسع عندما أخبرته أن لدي هدية صغيرة من أجله: “ماذا تحب من الأسلحة؟. لدي مسدس إيطالي الصنع، إن كنت تحب المسدسات الإيطالية سآتيك به الآن، أنا أستخدم الروسية فقط، إنه هدية من صديقتي الإيطالية التي قتلت في صقلية العام الماضي، إنه ذاكرة سيئة بالنسبة لي، هل أتيك به الآن؟”.

ثم لاطفته :”اعتبر ذلك عربون صداقة بيننا كأصحاب جيرة”. وقبل أن يبدي الرجل قبوله أو رفضه للهدية الثمينة واصلت حديثي وفق ما خططت له دون أن أعطيه أي فرصة للكلام: “أنا احترمك جداً لأنك رجلاً واضحاً وصريحاً مثلي تماماً، نحن نتبادل نفس الأحاسيس والمشاعر تجاه بعضنا البعض، وهذا ما يجمعنا، نحن سنكون جارين ممتازين كوننا نتشارك نفس الفكرة عن بعضنا البعض، أنت تعتبرني حشرة كبيرة سوداء وافدة وأنا اعتبرك حشرة كبيرة بيضاء نتنة الرائحة تعيش كل الوقت في هذا المكان، ولذا لن يكون هناك أبداً خلاف بيننا، إن الحشرات تستطيع التعايش مع بعضها البعض، ذلك هو قانون الطبيعة، أليس كذلك!”.
بعد ثلاثة أيام فقط من ذلك اللقاء الحاسم رحل الرجل العنصري إلى حي آخر ودون أن يستلم هديته تاركاً المكان في كلياته لتاجر المخدرات الأسود الشرير المجرم المسلح الجديد الوافد!.

بعد عدة سنوات لاحقة ألتقينا في عدة محافل في مدينة صغيرة شديدة الحميمية والجمال والسلام هي مدينة “سيلفيا الهولندية” مدينة آرنهيم فأعتذر لي عندما علم بالوقائع الحقة فقبلت عذره وأعتذرت له بدوري كوني خدعته فانخدع لي، وهو شاب هولندي ممتاز المعدن لكنه كان “فاهم غلط” وليس عنصرياً بالمعنى الحق للكلمة!.

محمد جمال .. قصة قصيرة (مستوحاة من حكاية واقعية)
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا ولد ام ارضة ماك هوين…تعال راجع البلد محتاج ليك بشدة…انت رجل افكا ر واختﻻقات ما تخرش الموية وزنا عل الجيران…يا ود جمال دائما نسال عنك وعن اخبارك بس انت ضارب طناش…يبدو لي انك ﻻ تقرا تعليقات القراء….نتمنى لك الصحة وموفو ر العيش ….لك بقيات عن اكثر من عمل ولكن لم تظهر حتى تاريخه…تحياتي…

  2. يا ولد ام ارضة ماك هوين…تعال راجع البلد محتاج ليك بشدة…انت رجل افكا ر واختﻻقات ما تخرش الموية وزنا عل الجيران…يا ود جمال دائما نسال عنك وعن اخبارك بس انت ضارب طناش…يبدو لي انك ﻻ تقرا تعليقات القراء….نتمنى لك الصحة وموفو ر العيش ….لك بقيات عن اكثر من عمل ولكن لم تظهر حتى تاريخه…تحياتي…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..