مظاهرات مشروعة – منع من النشر

اندلعت قبل يومين مظاهرات بمنطقة الجريف شرق، المظاهرات بدأت عقب صلاة الجمعة وعقب اعتصام أيضًا استمر لما يقارب الثلاثة أشهر وكان سببه مطالبة أهالي المنطقة بتعويضات أراضٍ، وتعويضات أخرى لأراضي الكمائن التي تمت إزالتها.

احتجاجات المواطنين المتصاعدة قوبلت بمواجهة من قبل قوات الشرطة انتهت باستشهاد الشاب أحمد العبيد (22) عاماً وحدوث إصابات متفرقة بين المواطنين وفي صفوف الشرطة أيضًا.

إن مظاهرات الجريف وسيناريو العنف المتكرر من قبل الشرطة في اتجاه المواطنين هو نفسه السيناريو الذي تم بمنطقة الحماداب بالشجرة وراحت ضحيته الشابة سمية بشرى (25) عامًا ، والذي جاء أيضًا عقب احتجاجات حول تخصيص بعض أراضي المنطقة لمستثمرين أجانب.

الآن منطقة الجريف تمر بحالة احتقان وغضب كبير لا يختلف عن حالة الغضب التي اجتاحت قبلاً مواطني الحماداب بمنطقة الشجرة.
إن حسابات المنطق والعقل التي ترفض استعمال المواطنين للعنف وتخريب الممتلكات العامة وإتلاف وحرق مراكز الشرطة، أيضًا نفس تلك الحسابات ترفض استعمال الرصاص الحي في مواجهة المحتجين، وترويع المواطنين وإرهابهم.

وقديمًا قالها الرئيس المصري الراحل (جمال عبدالناصر) ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ، فإذا كانت الحكومة قد وضعت يديها على أراضٍ ظل المواطنون وطيلة حياتهم يعتبرونها ضمن حقوقهم فإن المواطنين سيعملون على استرداد تلك الأراضي أيضًا بالقوة.

ولتعلم الحكومة جيدًا أن الدخول في سلسلة تحديات مع المواطن لن تجني منها ولو قنطار كسب سياسي أو معنوي ، هذا عوضًا عن الخسائر البشرية والمادية التي يمكن أن تحدث وستفقد حينها الحكومة المزيد من مساحات الثقة بينها وبين المواطن عوضًا عن المساحات المفقودة أصلاً.

فليست المكاسب دومًا مساحات مسورة وأراضي منتزعة بحق ومن غير وجه حق هنالك مكاسب لا تكون مادية ملموسة إنما تكون معنوية بتجسير الخلافات والدعوة إلى بناء مساحات من الود والمصالح المشتركة.

السيد والي الخرطوم الجديد الفريق أول عبدالرحيم محمد حسين ، إن أكبر التحديات التي ستواجهك في ولاية الخرطوم ، وقبل الغرق المتوقع في الخريف ، وأزمة المواصلات ، و مشكلات النزوح ، والتشرد ، والمتسولين ، والعيوب الخلقية في البنى التحتية ، وتدني مستوى دخل الفرد ، و…و…قبل كل ذلك هناك أزمة الثقة المفقودة ما بين المواطن من جهة والحكومة والأجهزة النظامية من جهة أخرى

عليه فإن من الواجب أولاً تقديم واجب العزاء في هذا الشهيد (فقيد الشباب) ، كما عليك زيارة الجرحى، والجلوس مع أهالي منطقة الجريف في (الواطة) لمعرفة مشكلاتهم والتخفيف من معاناتهم.

غير ذلك سيسقط كل يوم عدد من الشهداء وحتمًا في المرات القادمة ومع استمرار دوامة العنف لن يكون الشهداء في صفوف المواطنين فقط.